يمكن جمهور برشلونة ان يكون شاكراً لصناعة فريقه فارقاً كبيراً مبتعداً عن ريال مدريد قبل وصوله الى هذه المرحلة المزرية التي يعيشها مقابل تطوّر الفريق الملكي وظهوره على نحو افضل رغم كل الاوقات الصعبة والهزائم العديدة التي عاشها هذا الموسم. اذاً «إل كلاسيكو» ثانٍ صبّ في مصلحة ريال مدريد (2-1) الذي يقف على مسافة 13 نقطة من برشلونة على لائحة الترتيب العام للدوري الاسباني لكرة القدم. نتيجة أبعادها المعنوية تذهب الى اكثر من مجرد فوز، فهي احبطت الكثير من الكاتالونيين الذين بدأوا يتساءلون اليوم اذا ما كانت الحقبة الذهبية لفريقهم قد انتهت.
وهذه الابعاد تذهب الى حدود ابعد بالنسبة الى المدريديين، الذين وان كانوا يرون صعوبة في اللحاق بالمتصدر والاحتفاظ بلقب «الليغا» فانهم يجدون في الانتصارين الاخيرين على الغريم بداية لانهاء تلك الحقبة الذهبية الكاتالونية ورسم حقبة خاصة يكون فيها التفوّق مدريديا بأشواط ابتداءً من الموسم المقبل.
وبطبيعة الحال، ثبت للمباراة الثانية توالياً ان ريال مدريد افضل بكثير من برشلونة حالياً، وخصوصاً ان التوازن موجود لديه بغض النظر عن التشكيلة التي يدفع بها المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، بعكس «البرسا» المصاب بأزمة على الصعيد الدفاعي خلقت لديه ارباكاً في الحالة الهجومية.
والتفسير لكل هذه المسائل يأتي عبر الارقام التي توضح ان نقطة قوة «البرسا» الدائمة، وهي الهجوم، قد وصلت الى اسوأ حالاتها، وذلك في موازاة انخفاض المستوى الدفاعي ايضاً، رغم ابقاء الفريق اعتماده على اسلوب اللعب نفسه المرتكز على تناقل الكرات.
المردود الهجومي لبرشلونة لم يترك الكثير للكلام عنه، اذ انه طوال الدقائق التسعين سدد لاعبوه 5 مرات فقط باتجاه مرمى الحارس دييغو لوبيز، بينها تسديدتان فقط بين الخشبات الثلاث. وبمقارنة بسيطة واضحة ولافتة، سدد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو 6 كرات خلال 30 دقيقة كان فيها على ارض الملعب!
والامر المحيّر اكثر ان «البرسا» استحوذ على نحو اكبر على الكرة كما جرت عليه العادة، اذ كانت نسبة امتلاكه لها على مدار المباراة 72.1% مقابل 27.9% لمضيفه. اضف ان عدد تمريراته كان اكثر بثلاثة اضعاف تقريباً من الريال (720 مقابل 264)، لكن المعدل المتدني من التسديد يظهر ان الفريق يمرّ بمرحلة عدم تركيز نتيجتها فشله في التصرّف بالكرة على النحو المناسب. وتبدو الامور معكوسة تماماً ناحية ريال مدريد الذي سدد 14 مرة باتجاه مرمى الحارس فيكتور فالديس، ما يؤكد انه استفاد تماماً من الفترات القصيرة التي استحوذ فيها على الكرة خلال اللقاء. وطبعاً يمكن اعادة سبب نشاط الريال في الهجوم لهذه الدرجة هو تنظيمه دفاعياً، حيث تفوّق غالباً في المواجهات الارضية والهوائية واعتراض الهجمات، وهو امر سقط فيه دفاع «البلاوغرانا» مجدداً، ما يفسّر سبب تلقي الفريق اقله هدفاً في كلّ من مبارياته الـ 13 الاخيرة.
ربما لم يأخذ الجمهور الكاتالوني على محمل الجدّ تلك الهزيمة امام ميلان الايطالي (0-2) في ذهاب دور الـ 16 لمسابقة دوري ابطال اوروبا، وعدّها دعسة ناقصة، منتظراً ردّاً كبيراً اياباً في «كامب نو»، لكن بعد مواجهتي «إل كلاسيكو» لا بدّ ان القلق اصبح سيّد الموقف. قلق يقسّم على ثلاثة فروع: قلق على لقب «الليغا»، قلق على المشوار في دوري الابطال، وقلق على الحقبة الذهبية التي خطّها ميسي ورفاقه.