صحيحٌ أنّ لقب كأس لبنان لكرة القدم لم يعد يحمل أي امتيازات للفائز به بعدما أبعد عنه النظام الجديد الذي أقرّه الاتحاد اللبناني صفة التمثيل الخارجي، لكن المسابقة الرديفة تحمل أهميةً معنوية هائلة للفرق الأربعة التي بلغت الدور نصف النهائي، حيث تُقام مباراتيه على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية عند الساعة الرابعة بعد الظهر من يومي الأحد والإثنين المقبلين.هذه المسابقة التي ستفتقد إلى جمهورها في المدرجات بعد الأحداث التي شهدها ختام الدوري، لا يبدو أنها ستفتقد إلى الحماسة التي عرفتها بطولات الكأس غالباً، إذ إن المعطيات في معسكرات الفرق الأربعة التي بلغت المربع الذهبي تشير إلى رغبةٍ جامحة عند كل فريق لإحراز اللقب.
هذا الأمر ينطبق على طرفَي نصف النهائي الأول الذي يُقام يوم الأحد بين النجمة والبرج، فالفريق «النبيذي» الذي احتفل بلقبه السابع في الموسم الماضي يحمل أهدافاً عدة إلى المواجهة، أوّلها طبيعي وهو الحفاظ على لقبه، وبالتالي تعزيز وصافته على اللائحة الذهبية للفائزين بكأس لبنان، وذلك بعدما فقد مركزه الثاني على لائحة الشرف في الدوري لمصلحة العهد بعد إحراز الأخير لقبه التاسع هذا الموسم.
أضف أن النجمة يجد في الكأس تعويضاً معنوياً كبيراً لتفويته فرصة الفوز بالدوري، وللتأكيد على أنه يسير في درب التطوّر بعدما انتفض في سداسية الأوائل مقدّماً أفضل أداءٍ فني، وهو مستوى لو قدّمه في بداية الموسم لكان بطلاً بنظر جمهوره الذي لن يقبل بالتالي سوى بترجمة هذا الكلام إلى احتفالٍ على منصة التتويج في النهائي الذي سيُقام في 30 من الشهر الحالي.
أما البرج فهو يملك رغبةً واضحة أيضاً، وهي تتمثّل بتأكيد نفسه كواحدٍ من كبار اللعبة بعدما خرج لتمثيل لبنان في بطولة الأندية العربية حيث شكك البعض بأحقيّته، وما فوزه بالكأس للمرة الثانية بعد عام 1993 إلا ردّاً عليهم، وأيضاً بدايةً جديدة لتأسيس فريقٍ قوي وأفضل للموسم المقبل.
أما شباب الساحل الذي يلاقي العهد بعد ظهر الإثنين، فيطلق رغبةً كبيرة للفوز من أجل الثأر لنفسه بعدما ظهر فريقاً قوياً في الدوري وعانى ما عاناه ليبتعد مرغماً في بعض الأحيان عن دائرة الصراع على اللقب، الذي انتهى بين يدي العهداويّين الذين من الطبيعي أن يفكروا بالفوز بالكأس لجمع «الدوبليه» وتأكيد سطوتهم على كرة القدم اللبنانية.
وإذ ستكون كأس لبنان جائزة ترضية لشباب الساحل الذي تذوّق طعمها مرةً واحدة في عام 2000، يكمن سببٌ آخر وراء سعي العهد بكل ما يملك من قوة إلى خطف اللقب، وهو يتمثّل بالوقوف إلى جانب النجمة كثاني أكثر الفائزين بالكأس التي أفلتت منه في الموسمين الأخيرين فذهبت إلى الأنصار ثم إلى غريمه التقليدي على التوالي، وذلك بعدما بقيت في خزائن النادي الأصفر لموسمين متتاليين.
إذاً مسابقة كأس لبنان لن تكون عابرة كما يعتقد البعض، ففي نهاية المطاف وضعت الفرق الأربعة استثمارات غير بسيطة هذا الموسم لإسعاد جماهيرها، وما الفوز باللقب إلا تعويضاً مباشراً لها عن ما بذلته من جهدٍ وما صرفته من أموالٍ.