عرفت كرة القدم واحداً من أبرز المنعطفات في تاريخها الحديث قبل عامين، على خلفية محاولة إنشاء «دوري منفصل» يجمع فرق النخبة في أوروبا تحت مسمّى «Super League». مشروعٌ قاده رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز، بمساعدة بعض أصحاب النفوذ في كرة القدم، على رأسهم رئيس يوفنتوس حينها أندريا أنييلي. كان من المقرر أن يشارك 20 نادياً في البطولة بينها 15 من المؤسسين وخمسة فرق أخرى، مع مواصلة جميع الأندية المنافسة في الدوريات الوطنية الخاصة بها.تزامن المشروع حينها مع جائحة كورونا التي خلّفت وراءها انهيارات مالية ضخمة في مختلف الدوريات. «موجةٌ» استغلّها القيّمون على البطولة المقترحة، محاولين أخذ مباركة الجماهير من خلال إخبارها بأن المسابقة الجديدة هي الخلاص، بحيث تدخل «سوبر ليغ» عائدات كبرى على الأندية المشاركة. هنا، انقسم الوسط الرياضي بين مؤيدٍ ومعارض. ناصر بعض المشجعين الفكرة المطروحة في حين اعتبر آخرون أن «سوبر ليغ» هي وسيلة جديدة لسيطرة الأندية الكبرى على كرة القدم. في النهاية، فشل المشروع قبل أن يبدأ حتى. عرقل «يويفا»، بمساعدة بعض الجهات السياسية، محاولات الإنشاء، وهدّد بعقوبات وخيمة سواء رياضياً أو قضائياً، مع حرمان الأندية المعنية ولاعبيها من المشاركة في أي بطولة قارية أو عالمية. انتهى الأمر بانسحاب أغلب الأندية المؤسسة خلال 48 ساعة، ما ساهم تباعاً في انهيار البطولة.
وبعد مرور عامين، يبدو أن رياح العاصفة هبّت من جديد. ضجّ الوسط الرياضي في منتصف الأسبوع المنصرم بتنظيم جديد «للسوبر ليغ»، ما ينبئ باستمرار الحرب بين المناصرين والمعارضين.
هناك اقتراح أن تضم البطولة الجديدة 60 إلى 80 فريقاً بدون أعضاء دائمين


مجموعة «A22» الرياضية المروّجة لمبادرة السوبر الأوروبي، خرجت في تصريحات عن المخطط الجديد، مشيرةً إلى كونه أكثر توازناً من المقترح السابق. قالت «A22» إن المشروع الجديد هو نتيجة تواصل الأندية المؤسسة الثلاثة (ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس) مع ممثلي عشرات الأندية الأوروبية حول المشاكل المالية التي تواجهها، وحول اتساع الهوّة غير العادلة بين الدوري الإنكليزي وباقي الدوريات. وتم تعديل بعض البنود في المقترح الجديد لخلق توازن مالي، برز منها: تعدُّد أقسام المسابقة على أن تضم 60 إلى 80 فريقاً بدون أعضاء دائمين، ضمان 14 مباراة على الأقل لكل نادٍ في كل موسم، عدم تأثير «سوبر ليغ» على مسار البطولات المحلية. وأكد بيان صادر عن المجموعة «A22» أن البطولة المقترحة سوف تضع سقفاً للمباريات، بهدف الحؤول دون إرهاق اللاعبين، على أن تقوم الأندية بإدارة المنافسة، مع وجود خطط لتخفيف العبء عن المشجعين المسافرين ودعم مالي للعبة السيدات أيضاً.
وما إن ظهر البيان حتى استنكرت العديد من الأطراف الأمر، مثل خافيير تيباس، رئيس الدوري الإسباني، إضافةً إلى رئيس اتحاد مشجعي كرة القدم في إنكلترا وويلز، فيما ظلّ «يويفا» بقيادة رئيسه ألكسندر تشيفرين، في واجهة المتصدّين لأي محاولات تنظيم محتملة.

خطر إنكليزي
تتمتّع الكرة الإنكليزية بعائدات ضخمة تفوق بكثير تلك التي تحصّلها بقية الدوريات. يتميّز «بريميرليغ» بنموه السريع خارج سوقه المحلية، ما يزيد من عائدات حقوق البث. الفارق المهول تعكسه المداخيل والمصاريف، حيث تكسب أكبر الأندية في كرة القدم الأوروبية نفس أرباح نادٍ «متوسط» ​​المستوى في الدوري الإنكليزي الممتاز، ما يؤدي إلى تضارب في أسواق الانتقالات.
خلال «الميركاتو» الأخير، أنفقت فرق الدوري الإنكليزي الممتاز قرابة مليار دولار. ترأّس تشيلسي قائمة المنفقين بعد تجاوزه عتبة الـ300 مليون، وصرف وحده أكثر من جميع أندية الدرجة الأولى في إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعةً، إذ انخفض الإنفاق على الانتقالات في باقي الدوريات الأوروبية الكبرى من 396 مليون يورو خلال نافذة كانون الثاني 2022 إلى 255 مليون يورو في الميركاتو الأخير. تجدر الإشارة إلى تسجيل دوري الدرجة الأولى الإيطالي أكبر انخفاض سنوي في إجمالي الإنفاق على الانتقالات، حيث انخفض بنسبة 84%
من 163 مليون جنيه إسترليني في عام 2022 إلى 25 مليون جنيه إسترليني في عام 2023، وهو ما جعل يوفنتوس في طليعة الأندية المناصرة لمشروع سوبر ليغ رفقة ريال مدريد المثقل بالديون وبرشلونة الذي باع عدداً من أصوله في الأشهر الماضية من أجل البقاء في الواجهة.