لم يكتمل المشهد الاميركي الجنوبي في الدور الثاني لمونديال البرازيل. تأهل كل ممثلي القارة إلا الاكوادور. افتقدت الأخيرة الشجاعة التي تحلى بها الآخرون، والتي اظهرتها، لكن بعد فوات الأوان، في الدقائق الاخيرة امام فرنسا، وزاد عليها انطونيو فالنسيا بطرده، بطبيعة الحال، الأمور تعقيداً.
في المقابل، كان الكل ينتظر مهرجاناً تهديفياً جديداً من «الديوك» بعد مباراتيهما الأوليين في البطولة بفوزين على هندوراس 3-0 وسويسرا 5-2، لكن إزاء التأهل الذي حسمته فرنسا نظرياً في الجولة الماضية لحصدها 6 نقاط وفارقاً شاسعاً من الأهداف لمصلحتها، ارتأى ديدييه ديشان، محقاً، أن يدخل العديد من التبديلات على تشكيلته، وقد بلغت 6 لادخار طاقة نجومه في ظل المجهود الذي اتضح كم تتطلبه هذه البطولة، ومانحاً في الوقت عينه الفرصة للاعبي الاحتياط للدخول أكثر في أجواء المنافسات. هكذا رأينا كلاً من لوكاس ديني وباكاري سانيا ولوران كوسييلني ومورغان شنيدرلين وبول بوغبا وانطوان غريزمان في التشكيلة الأساسية.
بدا واضحاً من الشوط الاول ان الفرنسيين لا يريدون بذل مجهود كبير في هذه المباراة، فتعاملوا معها كـ«حصة تدريبية»، بينما ظهر الإكوادوريون بالدرجة الاولى متهيبين لوقوفهم بوجه «الديوك» انطلاقاً مما قدمه هؤلاء في المباراتين الاوليين، لذا فإن استراتيجيتهم انكشفت سريعاً وهي تأمين المنطقة ازاء الهجمات الفرنسية مغبة تلقي هدف مبكر يصعب تعويضه، والانطلاق نحو الهجوم في الشوط الثاني املاً في قطف هدف يعبرون به الى الدور الثاني.

بات شاكيري صاحب «الهاتريك» الخمسين في تاريخ كأس العالم

من هنا، وازاء هذه المعطيات، كان طبيعياً أن يتثاءب المتابعون، إن في المدرجات أو أمام شاشات التلفاز، أكثر مما يصفقون في هذا الشوط، لانحسار اللعب في منتصف الملعب حيث يكفي القول ان الفرصة الحقيقية الاولى طالت حتى الدقيقة 38 برأسية بوغبا التي تصدى لها الحارس ألكسندر دومينغيز، ورد عليها اينير فالنسيا سريعاً برأسية مماثلة أبعدها هوغو لوريس (40).
الحذر الدفاعي الذي كان متوقعاً ان يكسره لاعبو الاكوادور في الشوط الثاني وتحديداً مع النبأ غير السار بتقدم سويسرا على هندوراس 2-0، تعرض لضربة كبيرة مبكراً في الدقيقة 50 حيث طرد الحكم العاجي نوماندييز دوي النجم أنطونيو فالنسيا لتدخل عنيف على ديني.
هذا التطور السلبي قلب المعطيات رأساً على عقب في الصفوف الاكوادورية فكان الرهان وحده على الهجمات المرتدة مع السيطرة الفرنسية الطبيعية نظراً إلى الزيادة العددية، التي كانت كفيلة بأن ينكشف معها الدفاع الاكوادوري أمام الهجوم الفرنسي، غير أن لاعبي «الديوك» تفننوا في إهدار الفرص وبدوا مفتقدين تماماً للحاسة التهديفية التي تميزوا بها في المباراتين الاوليين، وهذا ما توضحه رأسية بوغبا التي مرت قريبة جداً من القائم الايسر (73) وتسديدة كريم بنزيما الذي وصلته الكرة في المنطقة من البديل اوليفييه جيرو فسددها قوية لكنه اصطدم بتألق دومينغيز (84)، وأتبعها البديل الآخر لويك ريمي بفرصة عندما توغل في الجهة اليمنى قبل أن يسدد، لكن دومينغيز تألق مجدداً وحرم رجال ديشان الوصول الى الشباك (87) التي كانت قريبة من ان تهتز بتسديدة من حدود المنطقة لبوغبا، لكن الكرة مرت قريبة جداً من القائم الايسر (89).
في المقابل، ومع توالي الدقائق، رمى الكوستاريكيون بكل ثقلهم لقطف الهدف الغالي وهددوا المرمى الفرنسي بفرص خطيرة أبرزها للبديل ريناتو ايبارا الذي قام بجهود فردي مميز على الجهة اليسرى وتوغل في المنطقة الفرنسية قبل ان يسدد كرة قوية صدها لوريس ببراعة (82)، لتحصد بعدها بدقائق الاكوادور خيبة هي الاولى لأميركا الجنوبية في مونديالها.

سويسرا × هندوراس

فرض المنطق نفسه في المباراة الثانية بين سويسرا وهندوراس الضعيفة حيث تمكن رجال المدرب الألماني اوتمار هيتسفيلد من حسم المواجهة بسهولة تامة بفوز 3-0.
ويحسب لهيتسفيلد انه تمكن من إخراج لاعبيه من الحالة المعنوية السيئة التي فرضتها الخسارة امام فرنسا، حيث انطلق لاعبوه نحو الهجوم منذ الدقيقة الأولى.
وبطبيعة الحال فإن «نقطة التحول» في المباراة كانت جيردان شاكيري، الذي فرض نفسه نجماً فوق العادة مسجلاً ثلاثية «هاتريك» هي الثانية في البطولة بعد الألماني توماس مولر في المباراة أمام البرتغال، استهلها بهدف من تسديدة في منتهى الروعة من خارج منطقة الجزاء في الدقيقة السادسة، ليضيف الثاني والثالث بمتابعتين داخل منطقة الجزاء (31 و71). وبات شاكيري صاحب الهاتريك الخمسين في تاريخ كأس العالم، وثاني لاعب سويسري يسجل ثلاثية في النهائيات بعد جوزيه هوغي في مرمى النمسا (5-7) في مونديال 1954 في اكثر المباريات اهدافاً في تاريخ المونديال.
اما صاحب اول هاتريك في النهائيات، فكان الاميركي برت باتنو في مرمى الباراغواي (3-0) في 17 تموز عام 1930.
اذاً، مكسبان حصدتهما سويسرا أمس: بطاقة تأهل، وبطل هو شاكيري سيتفاءل به السويسريون، لا شك، كثيراً، في المباراة المقبلة أمام الأرجنتين.