بعد أسابيع من الدعاية والتحضير من أجل النزال، وأشهُر من الأخذ والرد بين البطل الكاميروني فرانسيس نغانو ومنافسه الفرنسي سيريل غان، لم تأت المواجهة على قدر التوقعات لناحية الحماسة. وفي حين أظهر النزال تطوّراً هائلاً في مستوى البطل، الذي أصبحت إزاحته عن عرش فئة الوزن الثقيل عملية شبه مستحيلة، شكّلت الأحداث التي تلت النزال، محور الحديث الدائر في أوساط منظمة الفنون القتالية المختلطة الأولى في العالم «UFC».
في ما يخص النزال، فقد بدأ سيريل غان الجولة الأولى بحذر شديد، متجنباً الاقتراب من نغانو، الذي يمتلك إحدى أقوى اللكمات في تاريخ «UFC»، فعمد إلى المحافظة على المسافة الفاصلة بينهما، مستخدماً أسلوباً شبيهاً بذلك الذي استخدمه في نزاله الأخير ضد ديريك لويس، حيث وجّه له وابلاً من ركلات الأرجل (LegKicks)، أملاً بإبطاء حركته في الجولات اللاحقة. في هذا الوقت، لم تُفلح محاولات نغانو الاقتراب من غان، الذي استطاع الهروب من لكمات خصمه ببراعة.

الجولة الثانية لم تختلف عن الأولى، فتابع غان تنفيذ خطته، فيما لجأ نغانو إلى الصبر من أجل الحفاظ على طاقته للجولات المتبقية، فكان ملاحَظاً عدم انجراره إلى فخ ملاحقة غان حول الحلبة. وقد سُجلت الجولتان الأوليان لصالح غان.

في الجولة الثالثة اختلفت الأمور، حيث فاجأ نغانو خصمه باختياره الاعتماد على مهاراته في المصارعة، التي على الأرجح لم يكن غان مستعداً لها، كون نغانو لم يعمد في السابق إلى مصارعة أي من خصومه. خطة نغانو نجحت، فتمكن من التقاط رجل غان أثناء توجيه الأخير ركلة إلى رأس نغانو أخطأت هدفها، قبل أن يرميه نغانو أرضاً بحركة مثيرة ويفرض سيطرته على مجريات الجولة الثالثة بهذه الطريقة.

الجولة الرابعة شابهت التي سبقتها، حيث تمكن البطل من إسقاط غان أرضاً وتمضية غالبية وقت الجولة وهو في وضع مسيطر، ليدخل بعدها الرجلان الجولة الخامسة والأخيرة وهما متعادلان بجولتان لكل منهما.

في الجولة الأخيرة تمكّن غان من إسقاط نغانو أرضاً، إلا أن نغانو تمكن من قلب وضعيته بعد ثوان معدودة، فتحول من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم مرة أخرى، وبقي فيها حتى نهاية النزال، الذي أعطى الحكام الفوز فيه لنغانو، بنتيجة (48-47) و(48-47) و(49-46).

ومع الإعلان عن نتيجة النزال، وعلى خلاف العادة التي قضت بأن يسلم رئيس «UFC» دانا وايت الحزام للبطل، تقدّم صانع النزالات في المنظمة، شون شيلبي، ليسلّم نغانو الحزام. بعدها تعمّد وايت التغيّب عن المؤتمر الصحافي الذي يلي النزالات، ما يُظهر عمق الخلاف بين الرئيس ونغانو.

وعندما سُئل نغانو عن سبب عدم تقدّم وايت لتسليمه الحزام، أجاب «لا أدري، عليكم أن تسألوه هو». وفي معرض حديثه عن مستقبله مع المنظمة، أجاب نغانو: «تعاطي المنظمة معي لم يكن عادلاً، لا أشعر كرجل حر، ولا أظن أن المنظمة تعاملت معي بشكل لائق. إنه لأمر مؤسف أن أُضطر لأن أتكلم بهذا الشكل».

تصرفات دانا وايت تقطع الشك باليقين، فلم يعد يخفى على أحد أن العلاقة بينه وبين نغانو قد انكسرت بالكامل، وأن الأخير بات على مشارف مغادرة المنظمة، بسبب مشكلات تتعلق بالأجر بشكل أساسي، وبسبب رغبة نغانو في ممارسة الملاكمة خارج أسوار «UFC»، ما يضمن له أموالاً طائلة.
أحد الذين استمتعوا بانتصار نغانو، كان بطل العالم في الملاكمة عن الوزن الثقيل، البريطاني تايسون فيوري، الذي يسعى منذ مدة للتحضير لنزال يجمعه بنغانو، لعلمه بحجم المبيعات التي ممكن أن يؤمّنها نزال من هذا النوع. وكتب فيوري على «تويتر» مخاطباً نغانو: «تهانينا على فوزك، إن كنت تريد أن تجني المال، فتعال لرؤيتي».

مشكلات المقاتلين مع «UFC» في ما يخص الأجور ليست بجديدة، لكن رفع بطل فئة الوزن الثقيل، وهي الفئة الأكثر جذباً للجمهور، صوته رافضاً الأجور المجحفة، أمر من دون شك تسبب بإحراج لدانا وايت، الذي بات يتعرّض لانتقادات كثيرة في الآونة الأخيرة بسبب صغر المبالغ التي يدفعها لمقاتليه، وما يزيد من حنق الأخير، أن نغانو كان من القلائل الذين تمكنوا من المغادرة وهم في القمة، فهل تفتح أزمة نغانو الباب أمام مقاتلين آخرين من أجل تحسين ظروف عملهم؟