وصل ليونيل ميسي إلى بلاده الأرجنتين. هو الآن في مسقط رأسه روزاريو، لا شك في أنه يقضي معظم وقته بهدوء، وهو يتأمل. يتأمل حيناً في موسمه الذي مضى مع برشلونة، وحيناً آخر في البرازيل بعد أيام. تعب كثيراً «ليو» هذا الموسم. لا بأس، أو لا مناص، من بعض الراحة قبل أن يلتحق مطلع الأسبوع المقبل بمنتخب بلاده في بوينوس أيريس للاستعداد لمونديال البرازيل. «البرغوث» بأمسّ الحاجة لهذه الراحة ولاستجماع أفكاره وترتيب مخططاته، فما مرّ به في الموسم المنتهي لم يكن سهلاً على الاطلاق.
لا يختلف اثنان على أن ميسي خاض أصعب، لا بل أتعس موسم له في مسيرته مع برشلونة. المسألة لا تتعلق بفقدانه جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، التي احتكرها منذ عام 2009 لمصلحة غريمه في الملاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو، أو لعدم إحراز برشلونة أي لقب هذا الموسم، بل في نقطة غاية في الأهمية، وهي بدء جماهير «البلاوغرانا» بفقدان الثقة بنجمها الملهم، وهو ما لم يكن أحد ليتجرأ على مجرد التفكير في حصوله، ليصبح حقيقة وواقعاً.
في مطلع الموسم وعند ظهور «ليو» بمستوى ضعيف، ومن ثم اصابته وغيابه حوالى شهرين عن الملاعب، تداولت الصحف والمواقع الرياضية شريطاً لمشجع برشلوني يحث فيه إدارة فريقه على بيع ميسي، وكان الاستغراب، حينها، كبيراً، لما تجرأ هذا المشجع الكاتالوني على قوله. الا أنه، في نهاية الموسم، وتحديداً عند فقدان لقب «الليغا» في المباراة الحاسمة أمام أتلتيكو مدريد، كان جمهور «كامب نو» بأكمله يُطلق صافرات الاستهجان بوجه ميسي في لقطة لم يكن ليتخيلها عقل. باتت الثقة في برشلونة تتراجع بميسي، الذي لم يعد قادراً على الحسم في اللحظات التي يكون فيها «البرسا» بحاجة إلى سحره ولدغاته الماكرة التي اشتهر بها. بدا «ليو» في أوقات كثيرة بموقف العاجز، وصل الأمر بالجماهير حتى إلى أن تمنح الارجنتيني النسبة الأكبر من تصويتها في صحيفة «سبورت» الشهيرة حول من تفضل بين لاعبي الكاتالوني الرحيل عن صفوفه!
هكذا، وصل الحال بميسي في برشلونة إلى أن يتحوّل من النجم الذي تقوم له المدينة ولا تقعد إذا ما رمقه أحد الخصوم بنظرة، أو اذا ما انتقدته احدى الصحف، ومن الطفل المدلل وسط كل نجوم «البرسا» بمن فيهم ابناء المدينة تحديداً، الى مدافع عن نفسه، حيث لم يتوانَ عن الاعتذار عن الموسم السيّئ، طالباً الصفح من انصار فريقه، وحتى وصل به الأمر الى إعلان استعداده للرحيل عن قلعة «كامب نو» إذا أرادت الجماهير ذلك.
الا ان ثمة من يرى في كل ما حصل مع ميسي في هذا الموسم مخطَّطاً له من قِبَل الأرجنتيني لضمان مشاركته في المونديال بالدرجة الاولى، ولأن يدّخر مجهوده للحلم البرازيلي تالياً. حلم جدد ميسي قبل أيام التأكيد عليه، حين رفض مرة جديدة تشبيهه بمواطنه الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا، وذلك بسبب عدم قيادته الأرجنتين بعد إلى إحراز لقب كأس العالم، مؤكداً ان هذا الهدف سيسعى اليه في مونديال البرازيل، الذي يُعدّ، منطقياً، الامل الأخير له (سيكون في الـ 31 من عمره في مونديال روسيا عام 2018).
على أي الأحوال، فإن ملاعب البرازيل بعد أيام ستُظهر الحقيقة. بالتأكيد سيكون ميسي أكثر المتابَعين في هذا المونديال. وبالتأكيد أيضاً، ومن دون مبالغة، أن هذا المونديال سيكون محطة فاصلة في مسيرة «ليو»: فإما أن يربح التحدي، او يخسر كل شيء. كل شيء تماماً من بوينوس أيريس إلى برشلونة.




التركيز على الأرجنتين

أكد ميسي أنه يريد تغيير «الرقائق الإلكترونية» الخاصة ببرشلونة الموجودة في رأسه ووضع رقائق مماثلة لمنتخب الأرجنتين لتقديم عروض جيدة في كأس العالم. وقال ميسي: «الآن يجب أن أفكر في المنتخب الوطني. في العديد من المرات، كانت الأمور معكوسة. كنت أذهب إلى برشلونة وأقدم مستوى أفضل، أتمنى أن يحدث العكس هذه المرة».