مجدداً يحرج موناكو غريمه باريس سان جيرمان في كرة القدم الفرنسية. لقد فعلها فريق الامارة العائد الى الاضواء عبر تسلّحه بأموال روسية تمكنت من مجاراة «البترودولار» القطري الذي يجري إنفاقه هناك في نادي العاصمة الفرنسية، بحيث دخل موناكو سوق الانتقالات بنفس الزخم الذي دخله سان جيرمان، وردّ على كل صفقة ابرمها الاخير بصفقة اخرى ليضع نفسه بموقف المنافس على لقب «ليغ 1».
كذلك، اثار موناكو حفيظة باريس سان جيرمان وغيره من الاندية الفرنسية عندما تمركز في مكانٍ بعيد عن قانون الضرائب القاسي الذي فرض على اندية كرة القدم، مستفيداً من استقلالية على صعيد الخضوع لرسوم الضرائب التي لا تخضع لها الإمارة على غرار المدن الفرنسية الاخرى.
وهنا تبدأ الحكاية وقضية الوطنية التي يحكي عنها البعض بسبب اشراك موناكو للاعبين فرنسيين اكثر مما فعل باريس سان جيرمان، وخصوصاً ان هؤلاء اللاعبين قدّموا مستوى لافتاً بحيث ظهروا أنّ بإمكانهم التأثير في نتائج الفريق من دون الحاجة الى الاجانب. وهذه النقطة تختلف كثيراً عما هو متعارف عليه في باريس حيث الاعتماد كبير مثلاً على امثال السويدي زلاتان ابراهيموفيتش والاورواغوياني إدينسون كافاني وغيرهما من النجوم الذائعي الصيت الذين كلّفوا الملايين. ففي موناكو يبقى الفريق قادراً على الأداء الجيد وعلى حصد الانتصارات، رغم انه خسر خدمات هدافه الاول الكولومبي راداميل فالكاو.
اذاً، قد يكون موناكو كسب تعاطف الفرنسيين، لكن هدفه لم يكن الحصول على هذا الامر، اذ لم يعد هناك مجال للعواطف في عالم المال الملازم لكرة القدم، بل ان كل ما فعله فريق الامارة هو التفكير بطريقة «البيزنس»، اذ انه عاد للتركيز على «الصناعة المحلية» عبر دمج لاعبين فرنسيين كثر في صفوفه، فهو يعلم انه لن يكون بمقدوره الافلات من مسألة الضرائب التي تتكبدها الاندية الفرنسية الاخرى وسط الضغوط التي يمارسها هؤلاء لدفع موناكو نحو الدائرة التي يعيشون فيها وتكبّدهم عناءً مالياً مهماً وتفرغ خزينتهم. لذا فإنه في مرحلة مقبلة سيقلّص نسبة التعاقد مع الاجانب ويعتمد بشكلٍ كبير على محلييه.
وفي هذا الاطار لا يفترض ان يشعر موناكو بالقلق، فهو لطالما امتلك اكاديمية خرّجت مواهب فذة الى الكرة الفرنسية واصابت نجومية عالمية، فمنذ 1984 كان لفريق ملعب «لويس الثاني» بصمة في اللعبة، اذ انه كان قد قدّم نجماً لا ينسى الى المنتخب الفرنسي في الثمانينيات هو مانويل أموروس الذي أسهم في فوز فرنسا بكأس الامم الاوروبية عامذاك. وبعدها كرّت السبحة فحضرت اسماء كتييري هنري ودافيد تريزيغيه اللذين كانا من ابرز اسباب فوز فرنسا بكأس العالم 1998 وكأس اوروبا 2000، ومع هذا الثنائي الهجومي المرعب يمكن ذكر اسمَي ليليان تورام بطل الفوز على كرواتيا بهدفيه في نصف نهائي مونديال 1998، وإيمانويل بوتي مسجل الهدف الثالث في مرمى البرازيل في نهائي 1998 الذي لا يسقط من ذاكرة الفرنسيين.
اليوم تشق اسماء اخرى طريقها الى النجومية من بوابة الامارة حاجبة نجومية فالكاو ومواطنه جيمس رودريغيز والبرتغالي جواو موتينيو. وهنا الكلام عن فالير جيرمان ولايفان كورزاوا وجيسي بي الذين سجلوا حضوراً مهماً في الدوري هذا الموسم. وهؤلاء يضافون الى لاعبين فرنسيين آخرين مهمين في الفريق مثل جيريمي تولالان وإيريك أبيدال وإيمانويل ريفيير وجيوفري كوندوغبيا.
والمفارقة ان احصائية اخيرة في فرنسا اشارت الى ان 40 لاعباً محترفاً في الدرجتين الاولى والثانية تخرجوا من اكاديمية موناكو، وهو دليل كافٍ على مدى الاستمرارية التي يمكن ان يستفيد منها هذا النادي في المستقبل القريب.
هناك في باريس لسان حال الباريسيين يقول ان وصول يوهان كاباي مهم للشعور قليلاً ببعض الوطنية في فريقٍ يعتمد على بلايزه ماتويدي فقط كلاعبٍ محلي اساسي، لكن يعرف هؤلاء ان موناكو الخارج عن القانون الفرنسي بات النادي المفضّل للفرنسيين رغم كل النجوم التي حطّت امام برج إيفل.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




رانييري المتشائم

رغم الرهجة الكبيرة التي عرفها فريقه هذا الموسم في الدوري الفرنسي على حساب باريس سان جيرمان، فان المدرب الايطالي كلاوديو رانييري اعتبر ان نادي العاصمة في مستوى أعلى، مشيراً الى ان حظوظ موناكو في انتزاع اللقب تبدو محدودة.