وُلد في أفريقيا، يحمل ألوان منتخب أوقياني ويتألق راهناً في كأس آسيا لكرة القدم. تحول أوير مابيل من لاجئ في مخيم كيني هرباً من الحرب في جنوب السودان إلى أحد نجوم منتخب أوستراليا في الإمارات. يقول صاحب الهدف الثاني في مرمى فلسطين والأول في مرمى سوريا بتسديدة رائعة ضمن الجولتين الثانية والثالثة، لدى شرحه عن مؤسسة «بيرفوت تو بوتس» (من حفاة الأقدام إلى ارتداء أحذية) التي أنشأها لتقديم الأحذية لأطفال المخيمات، «انتقلت عائلتي من السودان إلى كينيا بسبب الحرب في 1994. بعد عام، وُلدت في المخيم وعشت هناك 10 سنوات قبل الانتقال الى أوستراليا مع أقربائي في 2006».
الضيق والطفولة القاسية طبعت حياة الشاب الخجول في كينيا
روى مابيل في حديث الى شبكة «بي بي سي» في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، معاناة عائلته اليومية «كان لدينا كوخ من الطين. كنا كلنا مع والدتي وشقيقي وشقيقتي في مساحة غرفة واحدة، وكنا نحصل على الطعام مرة في الشهر من الأمم المتحدة». ويتابع، «كل شخص كان يحصل على كيلوغرام من الأرز، وبالتالي 4 كيلوغرامات للعائلة و3 كيلوغرامات من الحبوب، لذا كانت القسمة صعبة. كنا نحصل على وجبة طعام واحدة ليلاً، وفي باقي الأوقات يجب أن تجد حلولاً بنفسك».
بدأ لاعب كرة القدم يمارس اللعبة بعمر الخامسة في مخيم كاكوما التابع لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي يؤوي راهناً نحو 185 ألف لاجئ، ثم تابع مانشستر يونايتد الإنكليزي مع مدربه الأسطوري السير أليكس فيرغوسون من خلال دفع دولار أميركي واحد لمشاهدته على التلفزيون على بعد ساعتين من كوخه، «إذا لم أكن قادراً على الذهاب كان عليّ التأكد من ذهاب أحدهم لإبلاغي بالنتيجة».

هذه فرصتي

أصبح اللاعب رقم 21 عنصراً أساسيّاً في تشكيلة المدرب غراهام أرنولد(أ ف ب )

قسوة الحياة منحت مابيل فرصة أخرى عندما انتقل في 2006 إلى أوستراليا ضمن برنامج إنساني، «قلت لنفسي هذه هي فرصتي، إذا عملت جاهداً، فكل شيء يمكن أن يحصل ويمكنني مطاردة أحلامي.» بفضل كرة القدم، تعلم الإنكليزية وبدأ يعبر عن مشاعره، فتعاقد بعمر السادسة عشرة مع نادي أديلايد وأحرز معه لقب الكأس في 2014. صحيح أنه واجه بسبب لون بشرته عنصرية دائمة في حياته الجديدة، على غرار تهجم أحد جيرانه عليه مطالباً إياه بالعودة إلى بلاده، إلا أنه فخور بتمثيل أوستراليا التي يقول عنها، «منحتني وعائلتي فرصة ثانية في الحياة. بعض الناس عنصريون، لكن هذا البلد للجميع». بعدها بدأت مرحلة جديدة من حياة مابيل، فودّع أوستراليا المنضمة إلى الاتحاد الآسيوي عام 2006 متجهاً إلى القارة العجوز. بفضل سرعته ومهارته بالمراوغة، انضم الى نادي ميدتيلاند الدنماركي عام 2015 بعمر العشرين، وأعير في أول موسمين في الدنمارك والبرتغال حيث هبط نادياه إلى الدرجة الثانية.
سقوط لا يقارن بما واجهه اللاعب في طفولته، يقول «رحلت بعمر التاسعة عشرة وكنت أتوقع أن ألعب فورا. لكن في الواقع، لم أكن جاهزاً للكرة الأوروبية. الهبوط مرتين كان صعباً عليّ من الناحية الذهنية»، متابعاً، «لن أغير ذلك، لأن ما حصل جعلني أقوى وأقدر الأوقات التي أعيشها الآن». لكن مابيل العائد إلى ناديه الأساسي دخل في حسابات مدربه كينيث أندرسون هذا الموسم وسجل خمسة أهداف و9 تمريرات حاسمة في 16 مباراة في الدوري الدنماركي، فضلاً عن تسجيله ضد الكويت في باكورة مبارياته الدولية في تشرين الأول/ أكتوبر 2018. أصبح اللاعب رقم 21 عنصراً أساسيّاً في تشكيلة المدرب غراهام أرنولد مع المنتخب وخاض تقريباً كل دقائق الدور الأول مع المنتخب الذي يحمل لقب البطولة. لم ينسَ صاحب الـ 4 أهداف في 7 مباريات دولية، بداياته. فبعدما عاد إلى المخيم مع شقيقه الأكبر وشاهد الأطفال يلعبون حفاة الأقدام، بدأ بجلب الأحذية لهم بمساعدة من زملائه ثم منحهم تجهيزات أخرى. ويقول «كرة القدم