تقاطع موعد كوبا أميركا هذه المرّة مع كأس أوروبا، فانقسم الرأي العام الكروي بشكلٍ طبيعي بين محازب لهذه البطولة ومناصر للأخرى.واللافت أن النسختين الحاليتين للبطولتين القاريتين ليستا بالعاديتين، فبطولة القارة الأميركية تحتفل بمئويتها، بينما خرجت بطولة "القارة العجوز" بصورةٍ جديدة قوامها 24 منتخباً للمرة الأولى في تاريخها.
لكن الأرقام والإحصاءات والاستفتاءات تقرّ بأن كوبا أميركا قُتلت في عيدها من قبل نظيرتها الأوروبية التي بلغت مستوى عالياً على مختلف الصعد، إلى درجة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لا بدّ أن يشعر بالقلق من نظيره القاري الذي ينظّم الآن "يورو" يضاهي به المونديال.
ومما لا شك فيه، أن كأس أوروبا كانت دائماً في ظل كأس العالم أو لنقل البطولة الرقم 2 على وجه الأرض بعد العرس الكوني الكبير الذي يقام مرة كل 4 سنوات. لكن مع الدفع بـ 24 منتخباً إلى البطولة، اعتقد كثيرون أن البطولة الأوروبية ستهبط في المستوى الفني، وهو أمر جاء معاكساً تماماً مع ختام دور المجموعات، حيث لا يمكن وصف أي مباراة بالمهزلة الكروية أو بالضعيفة المستوى، إذ حتى الفرق التي قيل إنها صغيرة لم تظهر إلا بحجمٍ أكبر مما وصفها فيه البعض قبل قصّ شريط الافتتاح، والدليل ما قدّمته ألبانيا وأيسلندا وويلز، وصولاً إلى المجر التي وضعت نفسها تحت الأضواء تماماً كما كان عليه الأمر في الماضي البعيد.
لن تؤهل كوبا أميركا الفائز بها إلى كأس القارات حتى

وبالحديث عن المونديال الذي يضم 32 منتخباً، يمكن القول إن "يورو 2016" فاق كأس العالم مستوى في هذه المرحلة، إذ إن دور المجموعات في بطولة "الفيفا" يضم عادةً منتخبات ضعيفة تصنّف في المستوى أقل من المتوسط، فتكون غالباً جسر عبورٍ للكبار، وهو أمر مستحيل حصوله في "اليورو"، حيث يمكن أي منتخبٍ إحراج أكبر المرشحين للقب، والمثال الأبرز على هذا الكلام ما فعلته ويلز وكرواتيا بإنكلترا وإسبانيا البطلة على التوالي.
الكلام أيضاً يأخذنا إلى من يقوم بمقارنةٍ بين متعة "اليورو" وجودتها في مواجهة كوبا أميركا، إذ إن كأس أوروبا لا تضم منتخبات بمستوى ضعيف كتلك التي جمعتها "الكوبا" في أهم أعياد ميلادها، حيث شاركت هايتي وجامايكا وبنما وبوليفيا، فضلاً عن تراجع مستوى أكثرية المنتخبات التي كانت تعدّ كبيرة في هذه البطولة، وعلى رأسها البرازيل والأوروغواي والباراغواي التي خرجت حتى من دور المجموعات!
كذلك، شهدت كوبا أميركا نتيجة تسيء إلى صورتها بشكلٍ كبير وتدلّ على ضعف مستواها حين فازت تشيلي على المكسيك بسباعية نظيفة...
وتتفوّق "يورو 2016" في كل المجالات، إذ إن نسبة مشاهديها عبر القارات المختلفة تبدو أكثر بأضعاف، وخصوصاً أن فارق التوقيت الزمني لا يلتقي مع الغالبية الساحقة لبلدان القارات الأخرى، بينما فاق عدد مشاهدي مباريات كأس أوروبا في أسبوعها الأول 300 مليون مشاهد، ما حطّم كل الأرقام القياسية لأكثر الأحداث الرياضية مشاهدة هذه السنة، فنهائي كرة القدم الأميركية كان قد جمع الرقم الأعلى في شباط الماضي بـ 110 ملايين مشاهد.
الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ إن حقوق النقل التلفزيوني لكأس أوروبا بيعت حول العالم بـ 1.05 مليار يورو، أي بزيادة 25% عن سعرها في نسخة عام 2012، بينما ارتفعت عائدات الإعلانات بنسبة هائلة بلغت 40%. في المقابل، لم تجلب حقوق كوبا أميركا أكثر من 112.5 مليون دولار، وهو رقم خجول حتى إذا قارناه بكأس آسيا التي يبلغ سعر النقل لنسختيها المقبلتين مليار دولار.
"مزحة" كل ما يقال عن أهمية كوبا أميركا مقارنةً بكأس أوروبا، إذ يكفي القول إن الكأس الأميركية تبدو أشبه ببطولة استعراضية هذه السنة، بحيث إنها لن تؤهل حتى الفائز بلقبها إلى كأس القارات 2017، على اعتبار أن النسخة الرسمية كانت قد أُقيمت العام الماضي في تشيلي التي ستكون حاضرة في روسيا السنة المقبلة، مع بطل العالم وأبطال القارات الآخرين.