إنكلترا تحكم أوروبا كروياً. عبارة منطقية بعد النتائج التي حققتها فرق الدوري الإنكليزي الممتاز في دور الـ 16 لمسابقة دوري أبطال أوروبا، حيث ستمثّل نصف الأندية عند انطلاق الدور ربع النهائي في شهر نيسان المقبل
شربل كريّم
لا يبدو مستبعداً أن يتكرر «سيناريو إسطنبول»، ويكون بطل أوروبا ووصيفه من إنكلترا، بعدما أخضع مانشستر يونايتد حامل اللقب وتشلسي وأرسنال الأندية الإيطالية، بينما تكفّل ليفربول بريال مدريد بطل إسبانيا. طبعاً، يتعدّى ما حصل مجرد نتائج مميّزة لفرقٍ لاهثة وراء لقب المسابقة الأوروبية الأم، لأن ما حققه «الأربعة الكبار» أنهى بكل بساطة الجدال الحاصل منذ فترة طويلة بشأن هوية الدوري الأقوى في العالم، فرفعوا البطولة الإنكليزية إلى المرتبة الأولى.
لا يمكن القول سوى إن ميزان القوى يميل حالياً باتجاه الجزيرة البريطانية، إذ إنّ ما حصل هو إنجاز مكرّر لما تحقّق في العام الماضي، فمنذ بدء تطبيق النظام الجديد لدوري الأبطال حيث أصبحت بطولات الصف الأول في أوروبا تشارك بأربعة فرق، لم يستطع أي بلدٍ الوصول بجميع ممثليه إلى هذا الدور. وحتى عندما تمثّل الدوري الإنكليزي بخمسة فرقٍ موسم 2005-2006 بعد فوز ليفربول باللقب، فإن أرسنال كان الوحيد الذي بلغ ربع النهائي في طريقه إلى المباراة النهائية التي خسرها أمام برشلونة الإسباني.
ستحدد القرعة التي تسحب الجمعة المقبل وجه دوري الأبطال، أي هل سيكون أشبه بأحد صراعات الدوري الإنكليزي لناحية تواجه فرقه في المراحل النهائية، أم أن هذه القرعة سترحم الفرق الأخرى بعض الشيء عبر وضع أندية إنكلترا وجهاً لوجه.
هذه النقطة يأمل كثيرون حدوثها لأن فرق مانشستر يونايتد وتشلسي وليفربول وأرسنال قد لا تتوقف مسيرتها إلّا عبر المواجهات المباشرة في ما بينها، وخصوصاً أنها قد تملك أفضلية معنوية على ممثلَي إسبانيا برشلونة وفياريال، وعلى بطلَي ألمانيا والبرتغال بايرن ميونيخ وبورتو، والسبب أن وقع نتائجها كان أقوى بفعل صعوبة الخصوم الذين وقفوا ضدها في دور الـ 16.

تعويض الخيبات المتكررة

من دون شك تستطيع إنكلترا أن تتغنّى بهذا الإنجاز بعدما حصدت الخيبات فترةً لا بأس بها، أولاً على صعيد الأندية في البطولات القارية، وثانياً ناحية المنتخب الوطني، الذي فشل في بلوغ نهائيات كأس أمم أوروبا الأخيرة. ففي الأعوام الماضية تبادل الإسبان والإيطاليون السطوة مع بلوغ ريال مدريد وفالنسيا نهائي عام 2000، وميلان ويوفنتوس نهائي عام 2003، وكان التصريح الشهير لمدرب يونايتد «السير» أليكس فيرغيسون في النسخة الأولى: «ليوقف أحدكم الأرمادا الإسبانية»، في إشارة منه إلى تفوّق الفرق الإسبانية على الجميع.
اليوم غرق جزء أساسي من «الأرمادا» (الأسطول الإسباني الضخم الذي لقي هزيمة تاريخية أمام الإنكليز عام 1588) مع السقوط المريع لريال مدريد، وبدأ الإيطاليون يلملمون ما بقي لهم إثر الغزو الإنكليزي الذي قضى على إمبراطورية أبطال العالم.
لكن ما الذي رجّح كفة الإنكليز على الإيطاليين والإسبان؟
الأسباب لا تبدو كثيرة، إذ إن تفوّق فرق الـ«سيري آ» و«الليغا» سابقاً، أعطى درساً للإنكليز بأنّ عليهم خطف نجوم العالم قبل الآخرين، إذ لم يكن لديهم وقتذاك من يمكنه مجاراة ريال مدريد زين الدين ولويس فيغو وروبرتو كارلوس، بينما تضيق فرقاً مثل مانشستر وتشلسي بالمواهب حالياً، إذ يجلس على مقعد البدلاء عند الأول لاعبون من طراز رفيع، أمثال الأرجنتيني كارلوس تيفيز والبرتغالي ناني، وعند الثاني العاجي ديدييه دروغبا والفرنسي فلوران مالودا وجو كول...
عاملان أساسيان آخران أوقفا أندية إنكلترا على القمة، إذ استفادت من تراجع ضغط الطليان في سوق الانتقالات أخيراً بعد إبداء العديد من النجوم تفضيلهم الدوري الإنكليزي الأكثر جاذبية. أضف، تمتّع الإنكليز بأموال المستثمرين فاستقطبوا اللاعبين الكبار بالإغراءات المادية، وخصوصاً على حساب برشلونة وريال مدريد (تركه النجم البرازيلي روبينيو إلى مانشستر سيتي) اللذين يخطّطان لتقليص نفقاتهما كي لا تخسر إسبانيا فارساً قوياً آخر في أوروبا بعدما انهار فالنسيا الرازح تحت ديون هائلة.
من هنا، جذب ليفربول حتى نجوماً إسباناً بقيادة مدرب إسباني، وقد تكرّ السبحة مع ربط هداف المنتخب الإسباني بطل أوروبا دافيد فيا بانتقال مرتقب إلى مانشستر سيتي، في موازاة تحوّل زميله في فالنسيا دافيد سيلفا إلى أرسنال أو مانشستر يونايتد في الصيف المقبل.

«6 + 5» يعيد خلط الأوراق

قريباً، ستتصاعد الصرخات في أوروبا من أجل إيجاد «حلول إدارية» تحول دون استمرار الزحف الإنكليزي المخيف، وسط سيطرة فنية على أرض الملعب، وتسويقية في المجالات الإعلانية والإعلامية. سيطلب القيّمون على البطولات الوطنية الأخرى الحدّ من دخول المستثمرين وأصحاب المليارات إلى الشمال الإنكليزي ومدينة الضباب، وسيرون في الاتحادين الأوروبي والدولي لكرة القدم منقذَين وسط إصرار هذين على تطبيق قانون «6 + 5» الذي يفرض على كل نادٍ إشراك ستة لاعبين محليين مقابل خمسة أجانب على أرض الملعب.
ربما، لن يكون الإسبان والطليان الذين تعجّ أنديتهم بالأجانب أكثر المستفيدين من هذا القانون، فهناك أندية ألمانيا وفرنسا التي ناضلت من أجل إقراره مقتنعةً بأنه سيجعلها في موقف قوي ويخلط الأوراق من جديد.
بانتظار من سيكون الرابح الأكبر، فإن كرة القدم هي المنتصر الأكبر حتى الآن في ظل وفرة العروض الرائعة التي تشهدها الملاعب الأوروبية المختلفة.


لم تكن عودة دل بييرو موفّقة إلى دوري الأبطال، بينما عاش توتي سيناريو الخروج المخيّب مجدداً