ليليان جابر... تنتصر على «التوحد» بالموسيقى

  • 0
  • ض
  • ض
ليليان جابر... تنتصر على «التوحد» بالموسيقى

أمام عتبة المنزل في حي «الحمدانية» بمدينة حلب، تستقبلنا ليليان جابر (10 سنوات) مع والديها، بابتسامة ساحرة ويد ممدودة بلا ارتباك أو خجل. ولدت ليليان عام 2009. بمرور الوقت، اكتشف الأهل أن ابنتهم لم تكن قادرة على النطق نهائياً، وتعاني صعوبة بالغة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين، إضافة إلى مزاجية وعصبية مفرطتين. استسلمت والدة ليليان، أميمة الأحمد (أم لأربعة أطفال – 31 عاماً)، لمعتقدات المجتمع المحيط الذي كان ينظر إلى الطفلة على أنها مجنونة (درويشة بالمصطلح العامي). حرصت العائلة على عدم ترك أي أدوات حادة في متناول يد الطفلة، لكنها تمكنت ذات مرة من الوصول إلى مقص، وقصت شعرها الطويل، ما اعتبره الأهل إشارة مفزعة، سارعوا بعدها إلى مراجعة طبيبة أمراض عصبية. شخصت الطبيبة الحالة على أنها «توحّد» في أواخر عام 2011، ووصفت للطفلة مجموعة أدوية مهدئة، لم تثمر عن أي تحسن، باستثناء تخفيف حدة العصبية. بدأت الأم بالقراءة عن اضطراب التوحد، لتقرر بعدها أن تتولى بنفسها علاج طفلتها عبر تطوير معارفها، فتقدمت لامتحانات الشهادة الثانوية (دراسة حرّة)، ثم التحقت بكلية الحقوق، علاوة على حضور ورشات عمل باستمرار، حول اضطراب التوحد. رفض كثير من رياض الأطفال استقبال ليليان، ثم قبلت واحدة منها («أنشودة الأمل» في حي الحمدانية). بعد عامين، بلغت الطفلة السادسة من عمرها، وانتقلت إلى مدرسة حكومية مختصة بدمج «ذوي الاحتياجات الخاصة» مع الأطفال الآخرين، لكن الاندماج المنشود لم يحصل. خلال تلك الفترة أتقنت الأم برنامج «PECS» لعلاج «التوحد»، وهو برنامج من 6 مراحل يهدف إلى تعزيز النطق وتركيب الجمل والمفردات، فضلاً عن تطوير الحواس. في مرحلة «السمع» تفاعلت ليليان مع صوت البيانو بشكل غريب، بمرور الوقت اكتشفت مدربتها على برنامج (PECS) في منظمة «الهلال الأحمر» لمسات أصابع احترافية. بعد محاولات مع عدد من مدربي الموسيقى، أشرف على تدريبها حسن رجب باشا (معهد دار الموسيقى) بعد أن شاهد موهبتها الفريدة، (كان عمرها 7 سنوات). نظمت جمعية «يداً بيد» رحلة للأطفال إلى مدينة دير عطية، عزفت ليليان خلالها لحني «موطني» و«Yesterday» على أحد مسارح المدينة، وقابل الناس العرض بتفاعل كبير. وشاركت لاحقاً في حفل موسيقي على مسرح «نقابة الفنانين» في حلب. اقترح جمال سامي عواد، وهو موسيقي في منظمة «آمال لذوي الاحتياجات الخاصة» بدمشق، علاج ليليان عبر سماع موسيقى خاصة هادئة أثناء نومها. بعد ثلاثة أشهر توقفت الطفلة عن تناول الأدوية نهائياً، لتتفجر طاقاتها في شكل لافت، وتستجيب للتعلم، وتبدأ بالتفاعل اجتماعياً مع محيطها. «كأنها خلقت من جديد»، تقول الأم لـ«الأخبار». تجري الطفلة اليوم عمليات حسابية باللغتين الإنكليزية والعربية، وتمارس هواية الرسم. تتحدث ليليان لـ«الأخبار» عن نشاطاتها وأصدقائها بحماسة كبيرة، وتشرح أنها تتابع مشوارها مع «منارة تشرين» التابعة لـ«الأمانة السورية للتنمية» في حلب. في نهاية الزيارة، تودعنا الطفلة بعزف مدهش، وبجملة «باي... بشوفكن على المسرح».

0 تعليق

التعليقات