«التقنين الذكي»: خصخصة الكهرباء قادمة؟

  • 0
  • ض
  • ض

لا يبدو أنّ ثمة نهاية سعيدة لمسيرة «التقنين الذكي». الحكاية التي بدأت تحت عنوان «تنظيم» حصول السوريين على حوامل الطاقة بواسطة «البطاقة الذكيّة» هي (على الأرجح) مقدمة للتحوّل نحو الخصخصة. توسّعت مظلة «البطاقة الذكيّة» تدريجياً، لتشمل بعد البنزين، الغاز المنزلي، ثمّ المازوت. ويبدو أنّها ستضم بعد قليل التيار الكهربائي، لنكون على موعد مع تخصيص كميات استهلاك محدّدة، وفق شرائح سعريّة، بآلية تستنسخ حصول المواطنين على «كهرباء الأمبير (الاشتراك)» لكن بقوننة أفضل. لن يكون هذا الابتكار سابقة مسجّلة باسم الحكومة السورية، إذ نُفّذت إجراءات مشابهة في دول أخرى. على سبيل المثال، سبق للحكومة المصريّة أن فرضت «أجهزة تنظيم الكهرباء وحماية الاستهلاك» كما سمتها، لتكون مدخلاً نحو رفع أسعار الكهرباء، دفعاً للمصريين نحو الحد من استخدام الكهرباء إلى أقصى درجة ممكنة. سرعان ما أفصحت الحكومة المصرية عن «شركات متخصصة» لإدارة المسألة، قبل أن تطلق حملة تسويق لتصدير الكهرباء الى أوروبا! هل نسير على الدرب ذاته؟ على الأرجح نعم، فما حدث هناك يحدث هنا، في ما يبدو «تدريباً ممنهجاً» يُجبر المواطنين على تقنين استهلاكهم «طوعاً». تثبت الإحصائيات الدولية أنّ سوريا صدّرت في العام الماضي ما يقارب 262 مليون كيلو واط من الكهرباء، وهو أمر يجهله معظم السوريين الغارقين في الظلام، في ظل خلوّ القواميس الحكومية من مصطلح «الشفافيّة»، تطبيقاً، لا لفظاً فحسب. ولا يبدو أنّ أحداً يمتلك الرغبة في مكاشفة «المواطن» بأنّ حكومته تفضّل «تصدير الأساسيّات» على محاولة تحقيق «الاكتفاء الذاتي»، وأننا نلهث وراء القطع الأجنبي، ولو كانت الوسيلة بيع أهم ما نحتاج إليه، من دون أن نوفّره لمواطنينا. ويبدو أن الرهان الحكومي قائم على أنّ المواطن سيضطر إلى قبول أسعار جديدة مرتفعة، في مقابل حصوله على «الكهرباء الذكية» لمدد أطول، بالإضافة الى قبوله ارتفاع أسعار السلع مرة جديدة، كنتيجة حتميّة لارتفاع أسعار الكهرباء على التجار والصناعيين، إضافة إلى ارتفاع سعر الصرف، والعقوبات الاقتصادية، وارتفاع الكلفة التقديرية المتغيرة لصناعة كل شيء، في ظل عدم توافر الغاز بالكميات المطلوبة، وتحديد مخصصات البنزين بكميات ضئيلة. لكن، ماذا عن «الدعم الاجتماعي» الذي خُصّص له في موازنة العام الجاري مبلغ 1500 مليار ليرة؟ سبق أن سمعنا تأكيدات كثيرة تزعم أنّ «الدعم» لن يُلغى أو ينقص، بل سيزيد، فيما تعكس المعطيات على أرض الواقع حقائق مغايرة، تجعل «الدعم الاجتماعي» أشبه بـ«مهر غير مقبوض»، تقدمه الحكومة مقابل قبول موظّفيها بانخفاض رواتبهم إلى حدّ بائس ومُضحك.

0 تعليق

التعليقات