ماذا تعني المؤشرات الأميركية والفرنسية والتركية حيال الوضع في سوريا؟ بداية ثمة إجماع لدى المعنيين والمراقبين على قراءة واحدة لكلام واشنطن حول اختراق تنظيم «القاعدة» للمعارضة السورية. والقراءة الموحدة هي البحث الأميركي عن باب للخروج من التزامات معينة في الملعب السوري، ولتنفيذ إعادة انتشار في هذا التوقيت الانتخابي بالذات، وتحت ستار دخاني مفهوم من قبل الناخب الأميركي، وإن كان مرفوضاً من قبل مشاريع الحلفاء في الخارج أو أصحاب أوهام الاتكال على واشنطن. وفي القاموس الأميركي للألفية الثالثة، «القاعدة» هي الكلمة السحرية المرادفة لأمر العمليات التالي: اهربوا، او ابتعدوا. ولذلك لم يصدر كلام «القاعدة» عن سياسيين أميركيين، بل عن الجهتين الأكثر صلاحية ومرجعية: الاستخبارات وهيئة الأركان المشتركة.
تبقى ملاحظة عابرة بالنسبة الى الموقف الأميركي في أبعاده اللبنانية: ما هو السر في أن تنفلت كل ألسن الفريق الحريري بالشتم والقذف حيال كلمة واحدة عن اختراق «القاعدة» للوضع السوري، إذا كان مصدرها بلدياً مثل فايز غصن مثلاً، في مقابل أن تنعقد تلك الألسن نفسها وتُبلع وتخرس، إذا كانت الكلمة نفسها مصدرها خارجي مثل ديمبسي أو غيره؟؟ سؤال يستحق أكثر من تمعن ...
أما في الجهة الأوروبية من الأطلسي، فكان لافتاً تنصّل باريس من استضافة ما سمي «مؤتمر أصدقاء سوريا». إذ يتساءل المراقبون: لو أن نيكولا ساركوزي، الغارق في حملته الانتخابية الشرسة، واللاهث خلف أي ورقة أو عنوان أو كلمة تساهم في ردم الهوة الاستطلاعية بينه وبين منافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند، لو أن ساركوزي نفسه لا يزال يعتقد بربحية الورقة السورية أما كان تهافت لعقد المؤتمر في دياره ورحابه؟؟ اما كان كرر سابقته الليبية، يوم جاء بمسلحي طرابلس الغرب، من عشائر و«قاعدة»، وجمعهم بخليط من صهاينة هنري ليفي ومستثمري الماس الأسود، وولَّف منهم «ثورة» نموذجية من رحم أرض الثورة الفرنسية بالذات؟؟ أليس إدراك الرئيس المرشح لمدى تثقيل الورقة السورية على أي حامل لها، وتراجع ربحيتها، هو ما جعل باريس ترمي ثوارها الجدد على الشاطئ التونسي، رغم الإغراءات القطرية الهائلة لتمويل الاستضافة وإكرام كل من له علاقة بها، من حاجب فندق حتى رئيس قصر؟؟
تبقى ملاحظة أخرى عابرة بالنسبة الى تقاذف «الثورة السورية» بين ضفتي المتوسط: أي مصادفة شاءت أن يصل «ثوار» دمشق المستغربون الى أرض الثورة الغنوشية، فيما السجون التونسية تقفل على ثلاثة صحافيين تونسيين بتهمة «الإساءة الى الأخلاق العامة»، لمجرد أنهم نشروا على إحدى صفحات جريدتهم صورة للاعب كرة قدم مع صديقته، وهما في ثيابهما الكاملة والمحتشمة... أصلاً أي عار على كل أدعياء ثورات المنطقة وأقلامهم وأشداقهم أن تضاف تلك المأثرة الظلامية الجديدة الى مستقبلهم القروسطي، وسط الصمت والتجاهل وتخرصات الحراك صوب الحرية...
أما على الجانب الآسيوي من عواصم العناية بالوضع السوري، فيقال إن أحمد داوود أوغلو قال لوليد جنبلاط في آخر لقاء بينهما في أنقرة ما معناه: هذا أقصى ما يمكننا فعله من الخارج لإسقاط النظام في دمشق، الباقي على معارضي الداخل. لم يعد ثمة ما يمكننا تقديمه. ويقال إن هذا الكلام التركي هو ما رفع منسوب الهستريا في المواقف الجنبلاطية حيال الوضع السوري، من كلام عن حلول سيبيرية أو رومانية أو «صَدَّامية»، وصولاً الى نقل الوردة الحمراء من ضريح كمال جنبلاط في المختارة الى مزار ضحايا حمص في سوليدير. وهو ما شكل نقلة متوقعة ضمن الرقصة الجنبلاطية التقليدية، بين «ساعة التخلي» و«ساعة الندم»، على وقع عقارب «ساعة الحقيقة» الضائعة... اندفاعة جنبلاطية تذكّر بمواقفه في 14 آذار 2006، يوم سمع من الأميركيين أنهم تحولوا في سياستهم حيال دمشق من مقولة «تغيير النظام» الى مستوى الاكتفاء بهدف «تغيير سلوكه»، ففجر يومها خطابه الزوولوجي الشهير على قبر رفيق الحريري. وهو تكتيك جنبلاطي معروف، يقال أن الهدف منه افتعال التغيير بالقوة، عبر محاولة إلزام الخارج بمواقف معينة ومنعه من التراجع عنها وتوريطه أكثر في الدفاع عن زبائنه المحليين والانخراط لإنقاذهم، بعد أن يكون هؤلاء قد ذهبوا الى خرق كل السقوف والانزلاق نحو خانة الانتحار...
تبقى ملاحظة لبنانية أخيرة أيضاً في هذا المجال، يقال إنه إذا لم يظهر بعد مؤتمر تونس أن سقوط دمشق أمر ممكن ومنظور في المدى الزمني، فالتهافت أبعد في هذا المجال قد لا يتورع عن الذهاب الى تفجير لبناني، بدءاً بالشمال، حيث براميل البارود الطرابلسية جاهزة، ومسافات فتائلها قصيرة جداً، لا تحتاح إلى أكثر من ثلاثة أمتار، هي فاصل الطريق في «بادرية» القبة، بين مسيحيين وسنة وعلويين... فهل من يسمع تحذيرات سليمان فرنجيه؟؟؟
11 تعليق
التعليقات
-
الحقيقهمن الممكن أن يتراجع الأمركان وفرنسيين وغيرهم من الأوربيين ويكون السبب مثلا" عدم إنصياع المجلس الوطني السوري بلكامل إلى وجهة النظر الغربية التي إذا أغفلنا أنهم يقدمون دائما" مصالحهم على كل المباىء وهذا طبيعي نكون حقا" أغبياء وممكن لحسابات داخلية ...إنتخابات في بلدانهم . لاكن المنطق يقول ... إن بعد الربيع العربي ليس مثل قبله وبعد الدماء التي سفكت على مطالب الحرية والكرامة لن يكون لفاسد أو مجرم مكان يرتاح فيه... ومن يخاف الحرية خوفا" على عشيرته أو طائفته فبذور الخوف نفسها المعششه فى باطنه سوف تنمو وتتفتح وتشتم نفسها من روحه عند صعودها إلى الحرية الحقيقيه"الموت"
-
جنبلاط ايضاً و ايضاً!!!يا سلام سؤالك يستحَّقُ فِعلاً استاذ جان عزيز اكثر من تمعن وإجابة عن- و - من رجلٍ في زمنٍ عزًٌ فيهِ الرجال!!!! عندما وردت عِبارة ( أشباه الرجال) في الخطاب الشهير للرئيس الاسد، يومها لم اعْذُر و لم استوعب لِما هذهِ القسوة في التعبير !!؟؟واليوم وبعد سقوط الأقنعة أراها تنطبِق حرفياً على .......وما اشبه اليوم بِالبارِحة!!! نتمنى على الجنرال عون تفعيل و تعجيل مشروع قانون المحاسبة والمُسائلة و خاصةً للنواب الحاليين بجلالة قدرهم!!!! و على رأسهم ابو البوصلة المعطوبة عن تصريحاته المشبوهة و عن علاقاته وبالتالي زياراته للخارج وما اكثرها ، شرقاً و غرباً شمالاً و جنوباً!!!!!!( و بأي صِفة؟) جنبلاط: كن رجلاً لِمرة. واحدة واعتزِل أو أُصمت الى الأبد !!!!!!
-
عن من يسمى "جنبلاط"!أعجبني جدآ تعليق الأخ وليد عن "جنبلاط" والمباول!!!
-
ﺳﻮﺋﺎﻝ يحيرنيﺍﻟﺴﻮﺋﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﺮﻧﻲ ﻟﺎ ﺍﺟﺪ ﻟﻪ ﺟﻮﺍﺑﺎ ﻫﻮ ﺍﻧﻪ ﻫﻞ ﻓﻌﻠﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺍﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﻚ ﻣن ﻳﻘﻮم ﺑﺎﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻂﺎﺋﻓﻪ ? ﺍﻟﻢ ﻳﺣﻦ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺮ ﺑﺸﺨﺼﻳه ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺍﺕ ﻧﻆﺮﻩ ﺛﺎﻗﺒﻪ و ﻣﺒﺎﺩﻯﺀ ﺛﺎﺑﺘﻪ ﻏﻴﺮ ﻗﺍﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﺮ . ﺭﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻳﺟﺎﺩ ﺍﻟﺒﺪﻳﻞ و ﺭﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﻚ ﺍﻟﺘﻨﺤﻲ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﺎﺣﺘﺮﻟﻢ ﻟﻮ ﺩﺍﻣﺖ ﻟﻐﻴﺮﻙ ﻟﻤﺎ ﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻴﻚ ﺧﺬ ﻗﺼﺘا ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺍﺣﻪ ﻳﺎ ﺑﻴﻚ ﻟﻘﺪ ﺍﻛﺘﻔﻴﻨﺎ ﺗﻘﻠﺒﺎ ﻭﻡا ﻋﺪﻧﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﺣﻠﻴﻔﻨا
-
عند العرب مقوله وهي الرجل عندعند العرب مقوله وهي الرجل عند كلمته فما بالك بالزعيم اذا كل يوم له كلمة ماذا يكون
-
تعليقا على دعوة وليد جنبلاط دروز سوريا للقتال من أجل الحريةتعليقا على دعوة وليد جنبلاط دروز سوريا للقتال من أجل الحرية: بغي يحاضر بالعفة!
-
كثرة الدلال تفسد حتى جنبلاطكثرة الدلال تفسد حتى جنبلاط فلطالما جلس الرجل في احضان كثيرة وجرب الكثير مما حوت والذكريات تلح ولكل وفعها
-
قرأت موضوعا في الأخبار قبلقرأت موضوعا في الأخبار قبل مدة عن العصفورية(الذي أكتشفت أنه إسم مستشفى للأمراض العقلية لا كلمة مرادفة "لمستشفى المجانين")أقترح أن يتم إعادة إحياء هذا المستشفى لمعالجة بعض "الزعماء" ....
-
تعميما للفائدةتعميما للفائدة ندعو القراء للعودة الى تعليقنا (باعوكم وانتم لا تعلمون!) على مقالة الاستاذ يحي دبوق في عدد 6 شباط 2012 على الرابط التالي: http://www.al-akhbar.com/node/34503#comment-81592 مع الاشارة الى ان هيئة التحرير ارتأت في حينه نشر جزء من هذا التعليق في باب "رسائل الى المحرر" في اليوم التالي. وبالمناسبة نؤكد عدم ممانعتنا (مع ان الزمن زمن انتصار الممانعة) من نشر تعليقاتنا الألكترونية في الجريدة الورقية، مع الطلب الى هيئة المحررين عدم اجتزاء التعليق ونشره بالكامل لكي لا يضيع المعنى وتزول الفائدة. وبهذه المناسبة لا يسعنا الا التساؤل عن سبب اصرار هيئة التحرير على تخصيص عمود واحد لباب "رسائل الى المحرر"، وعدم توسيعه الى عمودين مثلا، ليستوعب التعليق الكامل، وخصوصا اذا كانت الهيئة قد وجدت ان التعليق الألكتروني مهم الى حد نشره ورقيا. ونذكر الأخوة المحررين بما ورد في مسرحية "بياع الخواتم" للأخوين رحباني عندما سرق اللصوص تذكرة هوية المختار، فقال ما معناه: "مش مهم، طالما أنا المختار... بعمل غيرها". يعني يا حضرات الأخوة المحررين: "انتم مخاتير الجريدة... فلماذا لا تجعلوا "رسائل الى المحرر" على عمودين بدل عمود واحد اذا كانت الرسالة تستحق ذلك. ومع الأسف، تكرر الأمر هذا الأسبوع، فنشر جزء من تعليقي الألكتروني (وقع "و" اعترض) على موضوع غلاف عدد الأربعاء (هكذا استقال الوزير المشاكس)، ونسبة التعليق الى مقال الأخ ابراهيم الأمين (مأساة رجل شجاع) مع انه في الواقع ليس كذلك. مع الشكر الدائم للمحررين والقراء الذين يشجعوننا على الاستمرار في التعبير عن رأينا.
-
عن جنبلاطالى متى يبقى البلد رهن مزاجية وتقلب بعض السياسيين , فلم ننسى بعد يوم قال جنبلاط في 11 شباط 2008 "قد نضطر لحرق الأخضر واليابس." من يحاسب هكذا مسؤولين إن كانو فعلا مسؤولين؟
-
المباوللماذا نستمر في تضخيم جنبلاط وتأثيره على الشؤون العالمية؟ الشخص الذي ينظف المباول في البيت الأبيض لديه المزيد من النفوذ في الشؤون العالمية من هذا "المفكر" الصغير.