أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن الحل المقبول والمتاح في سوريا هو الحل السياسي، لافتاً إلى أن السعودية تعطّل هذا الحل. وداخلياً، دعا قوى 14 آذار إلى التواضع، «كما تواضعنا نحن»، والقبول بصيغة 9-9-6، لأنه «إذا تغيّرت الظروف لن تقبل الناس بهذه الصيغة، ولذلك اغتنموا الفرص». كذلك دعا الى جلسة حكومية لبحث ملفّي النفط والوضع الامني في طرابلس. مواقف نصرالله جاءت في كلمة متلفزة له لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس مستشفى الرسول الأعظم في قاعة شاهد على طريق المطار، واستهلها بالمباركة لمخطوفي أعزاز حريّتهم. وأكد متابعة بقية الملفات، داعياً إلى تحديد أطر ومسؤوليات للمتابعة. ولفت إلى «أننا نتشارك كلبنانيين مع إخواننا السوريين العمل لإطلاق سراح المطرانين اليازجي وإبراهيم»، وأشار إلى قضية اللبنانيين الذين فقدوا أو خطفوا، خصوصاً في ظل الأحداث الأخيرة التي حصلت وتحصل في سوريا، ابتداءً من حسان المقداد إلى لبنانيين من بلدة معروب وبلدات بقاعية مختلفة وصولاً إلى المصوّر اللبناني سمير كساب. ودعا إلى تكليف مسؤول لمتابعة هذا النوع من القضايا لتحديد المسؤوليات. ولاحظ أنه «عندما رجع مخطوفو أعزاز، بعض عائلات المفقودين في لبنان أو بعض عائلات المسجونين في سوريا أو من يعتقدون أنه فُقد في لبنان وتم نقله إلى سوريا، أثيرت عاطفتهم وحنينهم». ورأى أن «هذا أمر طبيعي جداً، لكن بدل الدخول في مزايدات في هذا الموضوع، لأنها لا تعيد سجناء ولا تكشف مصير مفقودين ولا توصل إلى نتيجة، من المفيد جداً تكليف جهة أو تشكيل إطار جاد، يحمل هذا الملف».
وأشار إلى أنه «توجد ملفات عالقة مع الاسرائيلي، وملفات أخرى عالقة لبنانياً، وملفات عالقة مع الشقيق السوري»، موضحاً أنه «مع العدو الاسرائيلي هناك ملفات الأسير يحيى سكاف، عبدالله عليان، محمد فرّان، وآلاف اللبنانيين الذين فقدوا أثناء اجتياح العدو الإسرائيلي للبنان سنة 1982، وفي ظل الاحتلال». وإذ تساءل«عمَن وراء خطفهم، هل هي ميليشيات لبنانية؟ جيش أنطوان لحد، سعد حدّاد؟ خطفهم الإسرائيلي؟»، أوضح أنه بحسب القانون الدولي، دولة الاحتلال وجيشه هما من يتحمّل المسؤولية. ولفت إلى أن «هذا الملف نائم ولا أحد يتابعه»، كاشفاً عن أن عدد المفقودين هو 17000 شخص «أغلبهم لبنانيون وفيهم فلسطينيون وسوريون، والدبلوماسيون الإيرانيون الأربعة». ودعا إلى متابعة هذه الملفات وعدم تركها في عهدة المقاومة.
وذكّر بقضية الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، معتبراً أن على الدولة أن تتحمل المسؤولية وعدم إلقاء الحمل أو العبء على الرئيس نبيه بري أو وزارة الخارجية. وأعلن أنه «بعثنا برسائل إلى الإخوة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية، وأيضاً طالبناهم في هذه المرحلة بالتدخل مجدداً لدى السلطات الليبية الجديدة وبذل جهد خاص ومضاعف». ولفت إلى أن هناك شخصين ليبيين عملا في أجهزة الاستخبارات التابعة لمعمر القذافي «واحد في السجن في ليبيا اسمه عبدالله السنوسي وآخر جوّال في فنادق العواصم العربية، خصوصاً الخليجية، وبدأ يعمل لدى أجهزة استخبارات عربية، اسمه موسى كوسى، وكلاهما يستطيع أن يدل إلى مكان احتجاز الإمام الصدر». ودعا القضاء اللبناني إلى التحقيق في قضية مخطوفي أعزاز لمعرفة «من الذي عطّل إطلاق سراحهم ومن الذي أبقاهم، وكيف انتهت الأمور إلى ما انتهت إليه (...) لأنه توجد أقنعة يجب أن تسقط إذا كان هناك من أقنعة ومن خداع».
وفي الشأن السياسي، كرر أن ما يجري في سوريا له تأثير كبير جداً على ما يجري في لبنان، مؤكداً أن لا حل عسكرياً في سوريا، والحل المقبول والمتاح هو الحل السياسي عبر الحوار من دون شروط مسبقة. وقال: «هناك دولة إقليمية ما زالت غاضبة جداً، والحرف الاول من اسم هذه الدولة الاقليمية هو المملكة العربية السعودية، لأنه لم يمشِ الحال في سوريا (...) هي الآن تسعى إلى تعطيل أي حوار سياسي، تسعى إلى تعطيل جنيف 2، وتأجيله». ولفت إلى أن تعطيل الحل السياسي في سوريا «يعني المزيد من القتال والضحايا والدمار وخراب سوريا، المزيد من التداعيات الإنسانية والأمنية والسياسية والاقتصادية على لبنان والأردن والعراق وتركيا وكل دول المنطقة، وعلى فلسطين وقضية فلسطين. وهذا عناد بلا أفق على الإطلاق. أنا أقول لهم إن اغتنام مؤتمر الحوار الحالي أفضل لكم، لأن الزمن الآتي ليس لمصلحتكم، لا ميدانياً ولا داخلياً في سوريا، ولا إقليمياً ولا دولياً».
وفي الموضوع الحكومي، قال: «الآن نحن قبلنا بصيغة 9-9-6، ولكن يمكن إذا تغيرت الظروف لن تقبل الناس بهذه الصيغة، لذلك اغتنموا الفرص».
وفي إشارة إلى الرئيس سعد الحريري من دون أن يسميه، قال نصرالله: «الذي يريد العودة من مطار دمشق يعني يريد أن يبقى حيث هو. الأفضل له أن يعيد النظر ويرجع من مطار بيروت. مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري يرحب بكل اللبنانيين العائدين». وأكد أنه إذا أُلّفت حكومة على قاعدة 9-9-6 «ترتاح أجواء البلد، ونعود إلى طاولة الحوار، ويعود مجلس النواب ليعالج كل مشاريع واقتراحات القوانين المرتبطة بمصالح الناس، وكل القرارات في الحكومة التي لا تحتاج إلى ثلثي أعضاء مجلس الوزراء لا أحد يستطيع أن يعطلها». وقال: «نحن أمام فرضيتين، الأولى هي الاستمرار في التعطيل الحالي (...) والثانية أنتم تواضعوا. نحن تواضعنا عندما قلنا إننا نقبل بـ9 لأن الـ9 أقل من الحجم التمثيلي الطبيعي لقوانا السياسية».
من جهة أخرى، أشار نصرالله إلى أن «وزراء الحكومة بأغلبيتهم الساحقة موافقون على أن تجتمع الحكومة، وخصوصاً من أجل النفط. وأنا أريد أن أضيف عليه موضوع مدينة طرابلس». وإذ لفت إلى أنه ليس لديه تقدير قطعي واضح لموقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان، «وهل هو موافق على الدعوة إلى جلسة من هذا النوع أو لا»، أوضح أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «متردّد» لأن هناك ضغطاً سياسياً كبيراً عليه من السعودية وتيار المستقبل. وقال: «أصلاً كان هناك ضغط سياسي كبير أدى إلى الاستقالة. ويا ليت الذين استقال من أجلهم يكونون أوفياء له ويحترمونه ولا يوجهون له الإهانات كل يوم».
ودعا سليمان وميقاتي والقوى السياسية المشاركة في الحكومة إلى عقد جلسة حكومية لبحث ملفّي النفط والامن في طرابلس. وفي الموضوع الأخير، رأى نصرالله أن «الحل الوحيد هو باستدعاء الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية والتعاون معها وليس باستدعاء داعش والنصرة»، مؤكداً أن «داعش والنصرة يعقّدان الوضع في طرابلس وفي كل لبنان. دلوني أين دخل داعش والنصرة وجلبا الأمن».
ولفت إلى أن الدولة تعرف أين توجد السيارات المفخخة «وهي حتى الآن لم تحرك ساكناً»، مشدداً على وجوب معاقبة المفجّرين أمام القضاء. وختم بأن «المنطقة تذهب الآن إلى المزيد من الفوضى وإلى مزيد من الصراع والضياع والأحقاد»، متسائلاً: «هل نتصرف بعقلية ومشاعر أن بلدنا يحتاج إلى طوارئ وإلى عناية فائقة، ونحن نستطيع أن ننقذ هذا البلد وأن نعبر به هذه المرحلة الصعبة؟».