يرتفع منسوب التوتّر الإسرائيلي مع مواصلة أهالي كفرشوبا مواجهتهم لمحاولاته تغيير معالم المنطقة الواقعة في خراج بلدتهم. أمس عبّرت القوات الإسرائيلية عن هذا التوتّر من خلال استقدام تعزيزات بشرية وآلية تتقدّمها دبابات «الميركافا» إلى النقطة الفاصلة بين «خطّ الانسحاب» ونقاط تمركزها على التلال المطلّة عليه. ولأول مرّة، أعطت القيادة العسكرية الأوامر لعناصرها بإطلاق قنابل الغاز المسيّل للدموع والقنابل الدخانية لمنع الأهالي من تنفيذ وقفة تضامنية، سرعان ما تحوّلت إلى مواجهات مع قوات الاحتلال، التي كانت تواصل أعمالها في المنطقة الممتدة بين موقع السمّاقة وبوابة حسن المحاذية لبركة بعثائيل في تلال كفرشوبا.

بالنسبة إلى إسرائيل، لا يتعلّق الأمر بمجرّد تمديد سياج حديدي جديد بعرض كيلومترين في المنطقة المذكورة، إنما بما تقرّ به من تزايد القلق من المسار التصاعدي لبرامج المقاومة، ما يفتح الباب أمام مزيد من الإجراءات الإسرائيلية في نقاط تعتبرها «خاصرة رخوة» يمكن للمقاومة استغلالها لتنفيذ «اجتياح برّي» في أي حرب محتملة.
ومنذ الصباح، حاولت القوات الدولية في لبنان، وعدة جهات دولية أخرى، الضغط لإزالة «خيمة» ثبّتها المقاومون في نقطة تتجاوز خط الانسحاب، باتجاه الأراضي المحتلة. وألمح المتّصلون والمتوسّطون، إلى أن الجيش الإسرائيلي يلحّ في طلب إزالة الخيمة أو تغيير موقعها، ويلوّح باللجوء إلى القوة لإزالتها. في المقابل، أبلغت قيادة المقاومة كل المعنيين بأن موقع الخيمة في أراضٍ لبنانية محتلة، بحسب الموقف الرسمي اللبناني، ووجودها هناك يهدف إلى ردع العدو، ضمن الحق الذي يكفله القانون الدولي لشعب أرضه محتلّة. وفي سياق الاتصالات، طلب الوسطاء إرجاع الخيمة أمتاراً قليلة إلى الوراء فقط، إلا أن الطلب قوبل بالرفض من قبل المقاومة التي أكّدت جاهزيتها للردّ على أي اعتداء إسرائيلي في المنطقة، محذّرة الوسطاء من مغبّة أي تصعيد يدفع إليه العدو، ومؤكدة أنها لن تمرّر أي اعتداء.

الجيش اللبناني دخل نقطة متقدّمة للمرة الأولى منذ التحرير عام 2000


قوات الاحتلال لم تختبر أمس قوة المقاومة فقط، بل واجهت وضعاً جديداً غير مسبوق بالنسبة إلى تحرّكات الجيش اللبناني وعناصره ونقاط تمركزهم. تحت موقع السمّاقة تحديداً، في نقطة تتجاوز السياج الحديدي القديم الذي كان يُعتبر حدّاً يُمنع تجاوزه، في تلك النقطة، تمركز جنود الجيش اللبناني بأسلحتهم خلف شريط شائك مُستحدث بين السياج الحديدي القديم داخل المساحة المحتلة، والتلّة التي تتمركز أعلاها قوات الاحتلال الإسرائيلي في موقع السمّاقة، ما يعني أن الجيش اللبناني دخل نقطة متقدّمة للمرة الأولى منذ التحرير عام 2000، بعدما كان يكتفي بالتمركز خلف «خطّ الانسحاب» من جهة الأراضي المحرّرة من كفرشوبا. وتوقّف المراسلون الإسرائيليون، ملياً عند ما اعتبروه «تطوّراً خطيراً» تمثّل بتصويب عنصرين من الجيش اللبناني سلاحَ «آر بي جي» نحو القوات الإسرائيلية بعد اتخاذهما وضعيات الاستعداد القتالي.
المقاومة تراقب من جهتها المجريات، وهي تعرف أن العدو يحاول خلق أمر واقع جديد انطلاقاً من كفرشوبا، مروراً بمزارع شبعا وصولاً إلى الجولان، قد تكون متصلة بالمشروع الإسرائيلي المتعلّق بضم المزارع اللبنانية المحتلة بالاستفادة من الاعتراف الأميركي، إبّان رئاسة دونالد ترامب، بـ«سيادة إسرائيل الكاملة» على مرتفعات الجولان. وهذا ما حتّم على المقاومة إظهار الاستعداد لمنع تغيير قواعد الاشتباك القائمة هناك، بل إنّ حالة «الستاتيكو» التي ظلّت قائمة منذ التحرير عام 2000، قد تتغيّر انطلاقاً من إسقاط التقيّد بحدود «خطّ الانسحاب»، عملاً بمقتضيات الالتزام الرسمي اللبناني باسترجاع الأرض من جهة، ومواجهةً للتصعيد الإسرائيلي الحالي من جهة أخرى.