قبل أسابيع، وقع انفجار داخل شقّة في منطقة صفير في الضاحية الجنوبية لبيروت، تقع مقابل أحد مكاتب حزب الله. بداية، كان الاعتقاد أن التفجير إرهابي، قبل أن يتبيّن أنّ الشاب م. الغول الذي أُصيب في الانفجار كان يُعدّ عبوة منزلية تعلّم إعدادها من خلال فيديوهات شاهدها على موقع «يوتيوب»، وانفجرت عن طريق الخطأ. وعثرت استخبارات الجيش في الشقة على عدد كبير من العبوات المحلية الصنع، شبيهة بتلك التي يستعملها المقاومون الفلسطينيون في الضفة الغربية.نُقل الغول الذي سُرّح من الجيش قبل سنوات إلى المستشفى، وأوقفته استخبارات الجيش التي استمع محققوها إلى والدته، فأفادت بأنّ ابنها تعلّم تصنيع العبوات على الإنترنت، وإنّه كان يمنعها من دخول غرفته ويقدم على ضربها أحياناً.
في التحقيقات الأولية، لمس المحققون أنّ الحالة العقلية للموقوف غير سوية، بعدما تحدث في التحقيق معه عن «أضاحٍ» وأمور أخرى «غير منطقية». وبيّنت التحقيقات أن الموقوف «غريب الأطوار»، إذ نادراً ما كان يغادر المنزل، وكان صديق له يقيم في عرمون، يدعى محمد م.، يتولى شراء المواد الأولية التي تدخل في تصنيع المتفجرات. وقد تم إحضار الأخير، فاعترف بأنه كان يقوم بشراء هذه المواد لمصلحة الغول. علماً أن عناصر أمن المقاومة الذين حققوا مع الغول بداية لاحظوا أيضاً عدم اتزانه، وقال أمامهم بأنه كان يعدّ العبوات بناء على طلب من شخص «روسي»!
بيان ملتبس للجيش تحدث عن عمليات «إجرامية» لا إرهابية


بالتوسع في التحقيق مع الموقوفين، ادّعى الغول أنه كان يحضّر لاستهداف خمس مناطق. وكان لافتاً أنّ بيان الجيش أمس، على رغم مرور أكثر من عشرة أيام على عملية التوقيف، جاء ملتبساً وغامضاً، إذ أشار إلى أن الموقوف كان يخطط لتنفيذ «أعمال إجرامية» (وليس إرهابية) في أماكن مختلفة بتكليف من «مشغّلين خارجيين»، علماً أنه في التوقيفات المماثلة ترد الإشارة إلى أن المشغل إسرائيلي أو من الجماعات التكفيرية، ما يثير عدداً من الأسئلة: هل الشاب مضطرب فعلاً وهناك من كان يستغله؟ وفي حال كانت هناك جهة تنوي تنفيذ أعمال إجرامية، ألم يكن أكثر سهولة لها تزويده بقنابل يدوية يمكنها إحداث أضرار أكبر بكثير من تلك التي قد يُحدثها كوع قسطل محشو بطريقة بدائية؟ وأخيراً، لماذا هذا الالتباس في بيان الجيش؟