رام الله | لم يكد المجتمعون في القمّة الأمنية في شرم الشيخ يلملمون أوراقهم لاحتساء قهوة المساء والتقاط الصور التذكارية، حتى كانت بلدة حوارة توجِّه صفعة جديدة إليهم، بعملية فدائية استهدفت مركبة للمستوطنين، أصيب فيها اثنان منهم بجروح خطيرة. ويُنظر إلى هذه العملية التي نفّذها شابّ فلسطيني على أنها بالغة الأهمية، كونها نجحت في توجيه ضربة موجعة جديدة إلى المستويَين الأمني والاستخباراتي في إسرائيل. فعلى غِرار عملية حوارة الأولى، والتي تزامنت مع قمّة العقبة، جاء هجوم الأمس بالتزامن مع اجتماع شرم الشيخ، ليشكّل رسالة واضحة بأن المقاومين هم أسياد القرار على الأرض، وهم مَن يملكون زمام إدامة الفعل واختيار توقيته ومكانه، وليمثّل، بالتالي، ردّاً على أيّ خطّة يَجري بحثها، بتوجيه ورعاية أميركيَين وتنسيق أمني إسرائيلي - فلسطيني، لاجتثاث المقاومة في الضفة، والتي يَثبت يوماً بعد يوم أنها باتت أقوى وأكثر تجذّراً.تكشف العملية، مجدّداً، فشلاً أمنياً واستخبارياً إسرائيلياً ذريعاً، على اعتبار أنها جاءت في مكان قريب من مكان الهجوم الأوّل قبل أقلّ من شهر - بسلاح مصنّع محلّياً (كارلو) -، على رغم أن بلدة حوارة تحوّلت منذ أسابيع إلى مربّع أمني، ينتشر فيه مئات الجنود، سواءً على أسطح البنايات أو على الشوارع والأرصفة وبين المحلّات التجارية، وينصبون المكعّبات الإسمنتية، إضافة إلى الدوريات السائرة في البلدة. أيضاً، جاءت الضربة في ظلّ حالة تأهّب إسرائيلي مكثّف وعام، وتقديرات وتوقّعات بوقوع عمليات فدائية ردّاً على مجازر الاحتلال في جنين، وبالتزامن مع اجتماع شرم الشيخ. وفي تفاصيل العملية، فقد أقدم المنفّذ على إطلاق نحو 20 رصاصة على مركبة المستوطنين، مركّزاً على السائق الذي أصيب بجروح خطيرة، قبل أن يتعطّل السلاح معه وينسحب من المكان. وعلى الأثر، وفي ظلّ الانتشار المكثّف لجنود الاحتلال في حوارة، سُجّل إطلاق النار على شابّ في البلدة، قدّرت مصادر عبرية أنه المنفّذ، من دون تأكيد هويّته أو توضيح حالته الصحّية. لكن في وقت لاحق، أكد جيش العدو إلقاء القبض على منفّذ الهجوم بعد إصابته، معلِناً أن المقاوم «رهْن التحقيق». أمّا المستوطِن الجريح، والذي وُصفت حالته بالخطرة، فقد بدا لافتاً ما أعلنه عضو «الكنيست»، تسفي سوكوت، بشأنه من أنه مقاتل محترف، ليتبيّن لاحقاً من وسائل إعلام العدو أن المصاب هو جندي من الوحدات الخاصة بالفعل، واسمه ألكساندر ديفد بن سارة.
تبدو الساحات أكثر احتقاناً وسخونة ممّا كانت عليه في أيّ وقت مضى


وبينما حاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، التفاخر امام حكومته التبجّح بقدرات قواته على ملاحقة الفدائيين وقتْلهم، في إشارة إلى اغتيال علي الأسود في سوريا، جاء الردّ عليه من حوارة، وفي ظروف غاية في التعقيد، ليشوّش على تلك الادّعاءات ويضعّفها. وكما كان هجوم الأمس جزءاً من ردّ المقاومة المتوقّع على مجزرة جنين الأخيرة، فإن الردّ على اغتيال الأسود سيكون حاضراً بشكل أو بآخر. ويتعزّز هذا التقدير مع حديث وسائل إعلام العدو عن أن عمليات الاغتيال هدفها منع هجمات للمقاومة خلال شهر رمضان. وفي السياق، كتب المحلّل العسكري لـ«يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، أن «لدى جهاز الشاباك والاستخبارات العسكرية عشرات التحذيرات من عمليات تخطّط لها الجهاد الإسلامي خلال شهر رمضان». بدوره، وصف المراسل الصهيوني، يوني بن مناحيم، «اغتيال الأسود بأنه تحذير للفصائل الفلسطينية قبل رمضان»، مضيفاً أن «هذا ليس ردّ إسرائيل على تسلّل منفّذ هجوم مفرق مجدو من لبنان، وأن الردّ على ذلك سيأتي».