أعادت حادثة إلقاء رمانة يدويّة وإطلاق النار باتّجاه المبنى الذي يقطنه مسؤول منطقة جبل لبنان في حزب الله بلال داغر في بلدة كيفون - قضاء عاليه فجر أول من أمس، ملف أحداث خلدة إلى الواجهة، في ظل ما يُحكى عن جهات تعمل على صب الزيت على النار من أجل إذكاء الفتنة في المنطقة. صحيح أن الرصاص لم يصب المبنى الذي يقطنه داغر (أصاب المبنى المُجاور) ولم يسفر عن إصابات، إلا أنّ التحقيقات بدأت والعمل جارٍ على مسح كاميرات المراقبة على طول الطريق الذي يصل إلى بلدة كيفون لتحديد هوية المنفّذين.حتّى أمس لم يكن لدى الأجهزة الأمنية رواية ولو أوليّة لما حصل، وترفض المصادر استباق التحقيقات، ولو أنّها تمتلك شكوكاً في ارتباط هذه الحادثة بالتطوّرات في ملف خلدة. هذا أيضاً ما تتحدّث عنه مصادر حزبيّة في المنطقة، تشير إلى إمكانيّة ارتباط ملف خلدة بهذه الحادثة من دون أن تُسقط الاحتمالات الأُخرى من حساباتها. إلا أنّها أيضاً ترى أن «لا مصلحة لأحد في زعزعة استقرار الجبل مع تطور العلاقة بين حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي». وعليه، تعتقد أنّ أطرافاً تعمل على تأجيج الخلاف، خصوصاً أنّ بعض الجهات القريبة من عشائر عرب خلدة ترفض الوصول إلى تسوية بينها وبين حزب الله في هذا الملف «لأنّ العشائر وحدها ستدفع ثمنه»، على حد تعبيرها.
هذا الكلام يتقاطع مع رواية أمنية تُراقب ما يحصل من حوادث متكرّرة في خلدة وعلى طريقها البحرية كحوادث إطلاق النّار على بعض المحلات التجارية. وربطت التحقيقات بين بعض الحوادث وبعض شبّان العشائر. بالتالي، فإنّ المصادر الأمنية تخشى أن يكون الهدف هو خلق بيئة متشنّجة في المنطقة تدفع إلى خلق فتنة تُجهز على أي حل لهذه القضيّة.
ما يزيد هذا التخوّف هو اعتقاد أحد الأجهزة الأمنيّة أنّ هناك «نشاطاً أمنياً مشبوهاً» عند الطريق البحرية، يستغل أصحابه الخلاف بين عائلات العشائر حول ملف خلدة، وتحديداً بين عائلتَي نوفل وغصن على خلفيّة إمكانيّة إلصاق تهمة إطلاق النّار على موكب تشييع علي شبلي في آب 2021، بأحد الموقوفين من آل نوفل ورفض بعض الأشخاص من آل غصن تسليم كاميرا مراقبة كانت مثبّتة في المكان أثناء الحادثة.
ويرجّح أمنيّون أن يكون لهذا النشاط دعم من بعض الجمعيات الفاعلة والمتموّلة من أشخاص من العرب يعيشون خارج لبنان ويحرّضون ضد حزب الله، بالإضافة إلى احتمال تحريكهم من قبل مسؤولين في قوى سياسية فاعلة متضرّرة من حل القضيّة.
هذه الخشية الأمنية موجودة أيضاً لدى بعض وجهاء العشائر المتحمسين لحل هذا الملف في المفاوضات بينهم وبين مسؤولي حزب الله وبعض النواب السنّة في مركز مديريّة مخابرات جبل لبنان. باعتقادهم، فإنّ بعض الجهات تحاول النفاذ إلى الملف لتخريبه، خصوصاً مع عدم قدرتهم على ضبط كافة الشبّان من بعض العائلات، لأن هؤلاء يتصرّفون من دون العودة إلى «مشايخ العشائر» الذين يصرّون على عدم تسعير الفتنة وعدم الاستثمار السياسي في القضيّة.