في شارع مجاور، تقول موظفة مبيعات في متجر للدراجات النارية إن الآلية المعتمدة، في هذا المجال، تُعرف بـ replacement cost أو القيمة الاستبدالية لرأس المال. بمعنى أن رأس المال يجب أن يحافظ على قيمته الأصلية من جيوب المستهلكين. بهذا المعنى، فإن البعد الأخلاقي ليس عاملاً رادعاً، فما يهمّ هو الحفاظ على قيمة البضائع لدى التاجر وعلى استمراريته في السوق.
سلوك التجّار يصبح واضحاً عندما يتبيّن أن كلفة الشحن تراجعت في الفترة الأخيرة بشكل كبير، وهو انخفاض لن يترجم فعلياً بل سيحلّ محلّه رفع الدولار الجمركي. فالأسعار لم تنخفض، بل ارتفعت أكثر. يقول أحد تجّار السلع المعمّرة (براد، غسالة، قطع كهربائية...): «المستهلك لن يلحظ فرق الأسعار بسبب انخفاض كلفة الشحن بنسبة 70%. لن تكون هناك صدمة لدى المستهلك ناتجة من رفع الدولار الجمركي، بل إن المستهلك كان مهيأً منذ شباط الماضي لذلك». إذاً، بدلاً من أن تنخفض الأسعار بانخفاض كلفة الشحن، ستبقى الأسعار على مستواها ما يمنح التجّار فرصة تحميل عبء الدولار الجمركي للمستهلك.
يبرّر التجّار زيادة أسعارهم بالزيادات التي فرضتها شركات أخرى
يرفض بعض تجّار الأحذية والملابس التعليق على مسألة ارتفاع الأسعار الناتجة من الدولار الجمركي، باعتبار أن السلع التي يبيعونها باهظة الثمن واستهلاكها متدنٍّ. لا يمكن قول الأمر نفسه عن تجارة الخرضوات وتجهيزات البناء والصيانة. يتهامس بعض المقاولين عن انعكاس الدولار الجمركي على الأسعار باعتباره أمراً ضرورياً، لكنهم يغفلون أن المستهلك يدفع الثمن أيضاً. و«رغم أن العالم تعوّدت»، كما يقول تاجر الأدوات الصحية ومواد البناء، إلا أن هذا التاجر يتخوّف من المرحلة المقبلة «عند سريان تعديل الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، ما يعكس تدهوراً إضافياً في القدرة الشرائية، وهذا بدوره سينعكس على المؤسّسات، ولا سيما الصغرى التي ستتقلص مبيعاتها وتصبح مهددة بالإقفال». ويشير إلى أن الصيانة والتأهيل باتا أمراً شبه كمالي لدى المستهلكين، إلا أنه يصرّ على أن «فرق الأسعار سيكون محدوداً، بعض البضائع سيزيد سعرها بما يتراوح بين 20% و25%، إلا أن هناك أصنافاً أخرى سترتفع بوتيرة أقلّ وهذا أيضاً بفضل انخفاض كلفة الشحن».