انضم ابن الـ40 عاماً إلى من ماتوا داخل سجن رومية. هو الذي كان يُعاني من ارتفاع في ضغط الدم وضعف في عضلة القلب، ظهرت عليه علامات الزكام قبل 3 أيام. إلا أن حالته تدهورت مساء الأربعاء، فطلب نقله إلى صيدلية السجن من دون أن يجد آذاناً صاغية. وهذا ما دفع ببعض زملائه إلى الطرق على الأبواب الحديدية، ليتم نقله إلى الصيدلية، حيث اكتفى الطبيب المُناوب بإعطائه إبرة حقن، باعتبار أن حالته لا تستدعي إدخاله المستشفى.
مع ذلك، يقول زملاؤه إن حالته تدهورت صباح أمس، فساعدوه في التوجّه إلى الصيدلية من جديد عند الثامنة صباحاً من دون أن يتمكّن من دخولها بسبب رفض المسؤول. وعندما بدأ يتقيأ بعد نصف ساعة أعاده زملاؤه إلى الصيدلية، فطلب المسؤول فيها بأن يتوجّه قطايا فوراً إلى الطابق الأرضي.
وما إن وصل إلى الباحة للطلب من القوى الأمنية إرسال برقية لنقله إلى المستشفى، حتى أسلم الروح عند التاسعة تقريباً، بحسب ما يقول السجناء. توفي ابن الأربعين عاماً «بين البابين»، التي صارت معروفة داخل السجن بأنها «باحة الموت» حيث توفي عشرات السجناء أخيراً.
تتحسّر عائلة قطايا لأنها لم تتمكن من الإسراع في إنهاء ملفه القضائي ليخرج بعد أشهرٍ قليلة، خصوصاً أنه «لم يكن يتناول أدوية الضغط والقلب لعدم تأمينها من قبل إدارة السجن».
الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة داخل المستشفى رجّح أن تكون الوفاة ناتجة عن جلطات وذبحةٍ قلبية من دون أن يتمكن من تحديد ما إذا كان السبب الإبرة التي تم حقنه بها أو جراء عدم تناول أدويته. وأخذت المباحث الجنائية عينات دم من الجثة بغية تحليلها للتأكد من سبب الوفاة.
صوت شقيقته منال بالكاد يُفهم. تشهق المرأة المفجوعة متّهمةً صيدلية السجن بأنها تسبّبت بوفاة محمود «لأن اسم الإبرة التي تحتوي على مسكّنات غير معروف مما أدى إلى وفاته بعد ساعات من حقنه بها».
المصادر الأمنية من جهتها، توضح أن أعراض الذبحة لم تكن ظاهرة حتى يقوم المسؤولون في الصيدلية بنقله إلى المستشفى قبل ساعات من وفاته.
وعن اتّهام عائلة قطايا صيدلية السجن بحقنه بإبرة تسبّبت بوفاته، أشارت المصادر إلى أن اسم الحقنة معروف وهي مخصّصة لتوقف حالات القيء، مطالبةً العائلة بتشريح الجثة لتوضيح ملابسات وفاته. ولفتت إلى أن قطايا توقّف عن تقديم طلبات للاستحصال على أدويته منذ نحو عام.
الوفاة الرقم 30 في رومية: الإهمال الطبي مجدداً
لم يعد محمود عدنان قطايا مجرّد سجين له سجل خاص بعد دخوله إلى سجن رومية منذ سنوات. كما لم يعد من السجناء الذين يتذمّرون من معاناتهم داخل مبنى الأحداث. صار «أبو علي» رقماً بالنسبة لكثيرين؛ وليس أي رقم، بل هو «محظوظ» بأن يكون الرقم 30 من المتوفين داخل السجون اللبنانية.