الحملة الإعلامية الممنهجة التي بدأت بعد إعلان أمين عام «حزب الله»، الارتياب من أداء القاضي طارق بيطار، استكملت أمس مع الحدث الدموي الذي طال منطقة «الطيونة». على الرغم من أنّ الضحايا سقطوا من جهة واحدة، والإجماع على أنّ كميناً نصب لشبان كانوا متوجهين إلى «قصر العدل» في تظاهرة سلمية، إلا أنّ mtv ومعها منصات إعلامية أخرى، راحت تروّج لعملية «اشتباكات» تحصل بين طرفين. هكذا، وضع الإعلام على قدم المساواة، شباناً عزّل، وآخرين مسلّحين انتشروا على أسطح المباني، وراحوا يقنصون على الرؤوس ويوقعون الضحايا في الشارع
ليلة الأربعاء الماضي، أي قبل التحرك المزمع من قبل أنصار «حركة أمل» و«حزب الله»، إلى «قصر العدل»، احتجاجاً على أداء المحقق العدلي طارق بيطار في ملف تفجير مرفأ بيروت، شنّت mtv، هجوماً لا مثيل له كان الأعنف على «حزب الله». اتهمته بـ «مصادرة» الاقتصاد والأمن والعسكر، والقضاء، وإحكام سيطرته على البلاد. عادت وكررت سردية عدم توجيه الحزب أي رصاصة ضد العدو الإسرائيلي، بل اتهمته باستخدام سلاحه في الداخل خلال الأعوام 2006، و2008، و2011، وها هو اليوم يوجه سهامه ـــ بحسب المحطة ـــ إلى القضاء، وإلى كل «لبناني يطالب بالحقيقة». وحذرت قناة المرّ من «قبعه للقضاء والدولة والجمهورية بشكل نهائي».
أفردت «المنار» مقدمة نشرة أخبار نارية واتهمت «القوات» بالضلوع خلف جريمة الطيونة

الحملة الإعلامية الممنهجة التي بدأت بعد إعلان أمين عام «حزب الله»، الارتياب من أداء القاضي طارق بيطار، لا سيما من قبل قناة «المرّ»، استكملت أمس مع الحدث الدموي الذي طال منطقة «الطيونة». وعلى الرغم من وضوح معالمه الأولى، بأنه كمين نصب لمجموعة شبان كانوا متوجهين إلى «قصر العدل» في تظاهرة سلمية، إلا أنّ القناة ومعها منصات إعلامية أخرى، راحت تروّج لعملية «اشتباكات» تحصل بين طرفين، واضعةً على قدم المساواة، شباناً عزّل وآخرين انتشروا على أسطح المباني، وراحوا يقنصون ويصوبون على الرؤوس ويوقعون ضحايا في الشارع. وقد رصدتهم بالفعل عدسات الكاميرات، كما حال القنّاصة، الذين عُرفت أماكن تواجدهم، ونقلت عمليات القنص وتطاير الرصاص على الهواء مباشرة. هكذا شكلت تغطية mtv الفاقعة حدثاً بذاته، مع ذهابها أبعد من العمل الفتنوي الذي كان يحاك لتلك البقعة الجغرافية، وما يحيط بها من مناطق أخرى، لها دلالاتها الطائفية والسياسية.
لغة بكائية على lbci وحيادية على otv

راحت المحطة تعنون تغطيتها بـ «مواجهات الطيونة»، لتصوير الحادثة الدموية التي أوقعت ما بين ستة ضحايا، وأكثر من عشرين جريحاً، بأنها مجرد عملية تبادل لإطلاق النار، وبأنّ لا مسؤول مباشراً عن اندلاع الحدث الأمني والدموي. ومع تصويب أصابع الاتهام صوب حزب «القوات»، ونشره قنّاصيه ومناصريه في المنطقة، راحت المحطة «تستنهض»، كل قوى الرابع عشر من آذار، سابقاً، لا سيما الوجوه التي تتسم بمواقف متطرفة للتغطية على هذه الجريمة. فقد استضافت المحطة خلال تغطيتها، رئيس «جهاز الأمن والتواصل في القوات» شارل جبور، الذي اتهم «حزب الله»، بأنه أراد إيصال البلد إلى «فتنة»، عبر اللجوء إلى الشارع، وإلى «السلاح»، فيما نفى ضلوع «القوات» في الجريمة. وادعى بأنها تتعامل مع قضية المرفأ، بشكل «سلمي وديموقراطي». وبعد ذلك، راحت تتوالى الاستضافات، من رئيس «حزب التغيير» إيلي محفوض، الذي بدأ يروّج لنظرية «دفاع القوات» وسكان المنطقة المجاورة للطيونة عن مناطقهم تحسباً لوقوع «7 أيار مسيحي جديد»، من قبل «حزب الله»، الذي «سيُكسر مشروعه الانقلابي» على حد تعبيره. بدوره، أطلّ النائب ميشال معوض، ليتهم بنبرة عالية «حزب الله» بتدمير القضاء، وهدد بالنزول إلى الشارع، مقابل الشارع الآخر، ليقاطعه مضيفه فادي شهوان ويسعى إلى تأويل ما قاله معوّض بأنه اتجاه نحو «انتفاضة سياسية جديدة»! في محاولة لشحذ الهمم. وكان اللافت هنا، طرح فادي شهوان مرات عدة، السؤال حول إمكانية تكرار مشهد الأمس الدموي في الأيام المقبلة!

أصرت المحطة على تسمية التغطية باشتباكات الطيونة

وبعيد الثالثة من بعد ظهر أمس، تسيّد الهدوء شوارع «الطيونة» وجوارها، فخرجت lbci، قبل الجميع من التغطية، فيما استمرّت mtv، لوقت قصير في التغطية، واستكملت «المنار» تغطيتها المفتوحة لغاية ساعات المساء الأولى، مع إفرادها مساحات للحوار والنقاش داخل الاستديو. وفي المساء، سرعان ما عاد مشهد انقسام الشاشات اللبنانية، المنقسمة أصلاً في ملف المرفأ، والموقف من أداء المحقق العدلي طارق بيطار. وعلى الرغم من تسمية الثنائي الشيعي لـ«القوات» واتهامها بالضلوع في هذه الجريمة، لجأت قناة nbn في مقدمة نشرة أخبارها، إلى لغة تسووية عامة، راحت تطرح الأسئلة، حول من يريد افتعال الفتنة الأهلية في لبنان، واستحضار سيناريو «عين الرمانة»، مع إعلانها لاحقاً عن أسماء المتورطين في عمليات القنص... هذا بخلاف «المنار»، التي رفعت الصوت عالياً، وأفردت مقدمة نشرة أخبار نارية، راحت تسمي «القوات» التي «كمنت» في عين الرمانة، و«زرعت» قنّاصيها في وقت سابق، واتّهمت مرافقين مباشرين لسمير جعجع بالتورّط في الجريمة عن «سابق تصوّر وتصميم لاستهداف السلم الأهلي». اللافت في المساحات الإخبارية المسائية، كان أبعد من لغة تسووية هنا، وأخرى عالية النبرة هناك. إذ إنّ الملفت كان ما ساقته بقية القنوات في مقدمات نشرات أخبارها، وكان أخطرها، ما أوردته mtv، من كلام عن «حرب صغيرة أحيت ذكريات أليمة»، و«استسهال اقتحام الناس، في هدأة صباحاتهم، واستباحة كراماتهم وأرزاقهم العزيزة»، في سياق يتصل مباشرة، بتغطية سابقة للمحطة ربطت ما حصل أمس بأحداث «7 أيار». وعلى lbci، لم يكن المشهد أقل وطأة، فقد استذكرت القناة، اندلاع شرارة الحرب الأهلية، و«انتفاضة 6 شباط» عام 1984، و«7 أيار» ، وقالت بأنّ هذه الأحداث ما كانت لتحصل لولا وجود «ثغرة في الدولة اللبنانية». في المقابل، خرجت كل من «الجديد » وotv، عن هذه الجريمة، بشكل مباشر، وراحت تتحدث إما بلغة عاطفية خطابية، كما حصل مع «الجديد» وتحويلها الحدث إلى مجرد بكائيات على الحجر والبشر، أو عبر استخدام لغة تحاول الوقوف على مسافة من الجميع، ورؤية المشهد من خارج العلبة كما حال otv.