أسماء الوفد التي اعلن عنها شتاينتس ليل أمس، يريد العدو ان يسجّل عبرها اكثر من هدف في آن معاً:
1- فرض مستوى سياسي للمفاوضات.
2- إحراج الجانب اللبناني، بعد موافقته على مبدأ التفاوض غير المباشر، ورمي الكرة في ملعبه لاتهامه بتعطيل الترسيم الذي سيتيح التنقيب عن النفط والغاز في منطقة واعدة.
3- إحراج الرئيس ميشال عون عبر تحميله مسؤولية امام الأميركيين في حال رفضه مستوى تمثيل العدو في المفاوضات، بعدما اعلن الرئيس نبيه بري اتفاق الاطار الخالي من المستوى السياسي.
4- إحراج حلفاء الرئيس عون، واولهم حزب الله، الذي سيكون مضطراً إلى اتخاذ موقف من هذا المستوى من التفاوض. ومن غير المستبعد ان يكون توقيت الإعلان عن المستوى السياسي لوفد التفاوض المعادي مرتبطاً بصدور موقف عن كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، امس، التي اكدت أن «تحديد إحداثيات السيادة الوطنيّة هي مسؤوليّة الدولة اللبنانية، المعنيّة حصراً بأن تعلن أن هذه الأرض وهذه المياه هي أرضٌ ومياهٌ لبنانيّة. وترى الكتلة، خلافاً لكل الكلام الذي قيل هنا وهناك، أنّ الإطار التفاوضي حول موضوع حصري يتصل بحدودنا البحرية الجنوبيّة واستعادة أرضنا وصولاً إلى ترسيم مواقع سيادتنا الوطنيّة، لا صلة له على الإطلاق لا بسياق المصالحة مع العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين ولا بسياسات التطبيع التي انتهجتها مؤخراً وقد تنتهجها دول عربيّة لم تؤمن يوماً بخيار المقاومة ولم تمارسه ضدّ عدوّ الأمّة في يومٍ من الأيام».
وفي هذا الإطار، بدا لافتاً إصرار إعلام العدو ومسؤوليه، كما الدبلوماسيين الأميركيين، على القول إن حزب الله ربما سيُفشل المفاوضات.
هل يفترض في المفاوضات حضور دبلوماسي ضمن الوفد اللبناني؟
زرعُ الألغام في التفاوض لا يقتصر على العدو. فللولايات المتحدة الأميركية نصيبها أيضاً. تبدّى ذلك في أن الأمم المتحدة، وبناءً على طلب من مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي يصِل إلى لبنان يوم 12 تشرين الأول الجاري، قررت أن تشهد الجلسة الافتتاحية، بحسب معلومات «الأخبار»، صورة تذكارية تضم «الأطراف الأربعة معاً»: ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان وقائد قوات اليونيفيل، والوفد الأميركي برئاسة شينكر، ومن جهة الوفد اللبناني، ومن الجهة الأخرى الوفد الإسرائيلي. هذه الصورة «التذكارية» المراد نشرها في الإعلام، لم يشهد لبنان مثيلاً لها في اجتماعات لجنة تفاهم نيسان 1996، ولا كل الاجتماعات التي كانت تُعقد في الناقورة بين الجيش اللبناني واليونيفيل وجيش العدو، منذ عام 2007، دورياً. وهذه الصورة هي ما يطلبه الأميركيون تحديداً، لأجل تحقيق هدفين: تثبيت فكرة «المفاوضات المباشرة بين لبنان وإسرائيل»؛ ومنح الرئيس الأميركي دونالد ترامب «نجمة» جديدة يضيفها إلى «النجوم» التي حصّلها من اتفاقات التطبيع والتحالف بين «إسرائيل» وكل من النظام الإماراتي والنظام البحريني. هذا الأمر، الذي قد يراه البعض شكلياً، هو مما ينبغي على لبنان منع حصوله أيضاً.
وجرى التداول بمعلومات تفيد بأنّ الوفد اللبناني سيضمّ الى جانب العسكريين والخبراء، شخصية دبلوماسية، علماً بأن الاتفاق اللبناني الداخلي كان ينصّ على «مفاوضات تقنية»، و«ليست محادثات سلام ولا تطبيع»، باعتراف شينكر نفسه، و«ليست خطوة لإقامة علاقات دبلوماسية» على حد قول السفير الأميركي الأسبق جيفري فيلتمان. وهنا يُطرح سؤال عما يفرض على لبنان إشراك دبلوماسي في وفده، في حال صحة المعلومات. فالدبلوماسية هي من الوسائل التي تعبّر عن المدى الذي آلت إليه العلاقات بين طرفين من تدهور أو تطوّر. واختيار عسكري لرئاسة الوفد اللبناني يعني أن مسألة الحدود لا تزال داخلة، حتى في شقها التفاوضي، «في إطار الحرب». ولا يمكن النظر ببراءة إلى إدخال شخصية دبلوماسية في الوفد، إلا في حال كانَ الدبلوماسي متقاعداً، ويشارك بصفته مستشاراً أو خبيراً.
ومن بين الألغام التي يُمكن أن يواجهها لبنان والتي يجِب على الطرف اللبناني المفاوض أن لا يهملها، هي محاضر الاجتماعات التي سيعدّها ممثلو الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وستوقّع من قبلهما وتقدّم الى «إسرائيل» ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع. فمن يضمن أن ينقل الطرفان حرفياً ما يقوله أو يطلبه الجانب اللبناني أو يسجل تحفّظاته عليه؟
بداية التفاوض هي معركة جدية، سيسعى فريق الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل» إلى تحقيق انتصار كبير فيه. وهذا الانتصار يُسجّل بالنقاط التي تبدأ من الشكل قبل المضمون. وأيّ تهاون في الشكل يعني تواطؤاً مع العدو، ومع الوسيط غير النزيه.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا