تشبه علاقة سمير جعجع ببشير الجميّل، استنجاد الملحد بالله في وقت الضيق. فما ان يجد جعجع نفسه «مزروكاً»، حتى يخرج دفتر شيكات بشير ليدفع باسمه. هذا ما فعله، أول من أمس، خلال مهرجان القوات في منطقة المدوّر. ركّز خطابه على إنجازات بشير، وتعهد بسير القوات «عا دعساتو». الجمهورية القوية لم تبدأ منذ عامين، أي منذ انتخب ميشال عون رئيساً، وفق جعجع، بل كانت «مع انتخاب بشير»(1982). يبرع سيد معراب في سرقة الشعارات. يرفع التيار العوني شعار «لبنان القوي»، فإذا بجعجع يقول إنه شعاره ويحلم بجمهورية قوية. يرفع المستقلون شعار «المجتمع المدني»، فيقول لهم «جميعنا مجتمع مدني وبدايته كانت مع إنشاء بشير للهيئات الشعبية في كل منطقة». يقول المطران الياس عودة لأهالي بيروت «لا تنبهروا بالشعارات بل انظروا إلى تاريخ من ستقترعون له (...) انتخبوا الماضي الناصع والمستقبلَ الواعد عوض أن تنتخبوا من ساهم في جَلْدِكم أو تخريبِ بلدكم أو سرقةِ مواردكم»، فيستعير منه جعجع هذه العبارات ليحورها كما يشاء، رغم أن تفسيرها يصيب القوات بالدرجة الأولى وتاريخ جعجع خصوصاً.
نديم: «أنا النبض البشيري»
لا جمرك على الكلام، ذلك أكيد، ويصبح «التخبيص» مباحاً عندما تلمس معراب أن الأشرفية ليست بغالبيتها قوات كما تشتهي. وزاد الطين بلة، هجوم الخصوم على المرشح القواتي عماد واكيم من باب «الغريب» الذي أتى من البقاع الغربي للترشح على المقعد الأبرز في دائرة بيروت الأولى (الأرثوذكسي). لكن الرهان على شدّ العصب باستحضار بشير ليس «بياعاً»، لأن البشيريين سينتخبون ابن بشير لا غيره، فضلاً عن أن القوات اختارت المدوّر لإقامة مهرجانها لا ساحة ساسين التي يعتبرها البشيريون ساحتهم، فيما يصعب العثور اليوم على بشيريّ واحد في حزب القوات الذي يخيطه جعجع على قياسه هو. ما هو الهدف؟ البعض يرى في كلام رئيس القوات «محاولة لاستقطاب القاعدة المشتركة بينه وبين حزب الكتائب». عن ذلك يقول النائب نديم الجميل لـ»الأخبار» إن «الناخب يعرف جيداً من يمثل النبض البشيري، وسيختار على هذا الأساس. وهل تدور حرب داخلية بينك وبين واكيم والنائب ميشال فرعون على الأصوات التفضيلية؟ «لا حرب»، يجيب نديم، بل «سباق على كسب العدد الأكبر من الأصوات. المعركة قاسية جداً، وأنا بحاجة إلى كل صوت. فالقوات لديهم قاعدتهم وكذلك فرعون، فيما أصواتي هي أصوات كسبتها من وراء علاقاتي الاجتماعية والشخصية مع المواطن. لذلك أحتاجهم أن يقفوا الى جانبي وأحتاج الى صوت كل واحد منهم».

فرعون متفائل
عشية تشكيل لائحة «بيروت الأولى»، اعتقد الكثيرون أن ضحية التحالف القواتي ــ الكتائبي ــ أنطون صحناوي وميشال فرعون، سيكون فرعون ضحيته الأكبر. السبب أن قاعدة الأخير مشتركة مع هذه القوى وتيار المستقبل المتحالف مع التيار الوطني الحر، وسيعود ناخبوها الى أحزابهم في نهاية الأمر. الثابت، وفق ما لمسه العديد من المرشحين، أن العائلة الواحدة ستقسم أصواتها على عدة مرشحين. هنا، لفرعون نظرته الخاصة، لذلك، يبدو متفائلاً جداً: «ثقتي كبيرة بأولاد منطقتي، وخصوصاً المستقلين، ومن الخطأ الاعتقاد أن الحزبيين هم الأكثرية في الأشرفية. هؤلاء يشكلون جزءاً بسيطاً جداً». يوازي فرعون الأحزاب في الخدمات، فهو لديه مكتب خدماتي «وفريق عمل كبير يعمل منذ سنوات». ثقة فرعون يقابلها تردّد عند جميع الماكينات، إذ تجمع غالبيتها على أنه الحلقة الأضعف حتى الآن.
أما خصم فرعون الرئيسي، فهو الوزير السابق نقولا صحناوي الذي يفترض أن ينال غالبية أصوات التيار الوطني الحر، ما يضعه في رأس اللائحة. ينفي الأخير أن يكون هناك قرار حزبي بالاقتراع له حصراً، ولكن «هناك تمنّ على الحزبيين بالتصويت لمن لديهم بطاقة»، أي هو والمرشح أنطوان بانو. مشروع صحناوي الرئيسي إنصاف دائرته إنمائياً «وعلى ذلك سيتركز عملنا». تصويت التيار لمرشحيه الحزبيين يضع المرشح الماروني مسعود الأشقر في وضع صعب، رغم حرصه الدائم على الوجود قرب أهالي الأشرفية.

المجتمع المدني ينتظر الطاشناق
يبقى أن مصير لائحة «كلنا وطني» التي تضم حزبيين قدامى ومرشحين من خلفية غير سياسية، رهن بقدرتها على تأمين حاصل. حتى الأمس القريب، تجمع الماكينات على حاجة هذه اللائحة إلى نحو ألفي صوت لبلوغ الحاصل. أما هوية الفائز في هذه الحالة، فرهن بما تبقى من مقاعد شاغرة وبعدد المقاعد التي سيفوز بها حزب الطاشناق، علماً بأن الأخير بوسعه إيصال مرشحيه الثلاثة عبر رفع نسبة الاقتراع وتوزيع الاصوات على الثلاثة. أما إصراره على خوض معركة بوجه مرشح أنطون صحناوي على مقعد الأرمن الكاثوليك جان طالوزيان وإمداد مرشحه بأصوات اضافية لهذا الغرض، فمن شأنه أن يحصر ربحه بمقعدين، فيخرق المجتمع المدني بالمقعد الذي خسره، فيما إذا أقفل مقاعده تزيد حظوظ اللائحة المدنية في الفوز بمقعد الأقليات، ذلك على اعتبار أن مرشح الهانشاك سيبوه قلبقيان سيفوز بالمقعد الرابع نتيجة تجيير تيار المستقبل أصواته له.