أثار تغيير نظام الاقتراع من الأكثري إلى النسبي جملة إشكاليات متصلة بتعيين الجهة التي يحقّ لها الطعن في نتائج الانتخابات النيابية، وكذلك في مدى صلاحية المجلس الدستوري لبتّ هذا الطعن.حدد النظام الداخلي للمجلس الدستوري (المادة 46) صاحب الصفة للطعن بأنه أيّ مرشح منافس خاسر في الدائرة الانتخابية، وقد فسّر المجلس الدستوري هذه المادة :«بأن صفة الطعن يستمدها من كونه أحد المنافسين من الطائفة ذاتها والدائرة الانتخابية ذاتها اللتين ينتمي إليهما المطعون في صحة نيابته (م. د. قرار رقم6/97 تاريخ17/5/1997 الصادر بالطعن في صحة انتخاب النائب باسم السبع)».
في ظلّ النظام الانتخابي الجديد القائم على الاقتراع للائحة وفق النظام النسبي، ثمة إشكاليات لا بد من تداركها:
الإشكالية الأولى: إن أيّ مرشح في لائحة منافسة له حق الطعن في عدم صحة انتخاب مرشح منافس، ولم يعد الأمر مقتصراً على أن يكون الطاعن والمطعون في صحة انتخابه منتميين إلى طائفة واحدة، لأن نظام توزيع المقاعد وفق النظام النسبي يلزم في حال استبعاد أصوات تفضيلية واعتبارها غير صحيحة إعادة ترتيب سلم الناجحين، وهذا الأمر قد يتيح للمرشح في لائحة منافسة نالت الحاصل أن يطلب الحلول مكانه.
الإشكالية الثانية: إذا انصبّ الطعن على الأصوات التي حصلت عليها اللائحة، فإن هذا الأمر يؤدي في حال قبول الطعن إلى حرمان اللائحة من هذه الأصوات، وبالتالي حرمانها من مقعد أو أكثر دون تحديد لطائفة المطعون فيه أو الدائرة الصغرى المنتمي إليها هذا المرشح، وهذا ما يفرض أيضاً إعادة توزيع المقاعد، بعد إعادة احتساب توزيع الاصوات.
الإشكالية الثالثة: في حالة قبول الطعن وإبطال عضوية نائب أو أكثر، وفي الوقت ذاته كانت اللائحة التي ينتمي إليها الطاعن مستوفية لمقاعدها بحيث يستحيل منحها مقعداً إضافياً يزيد على حصتها، هذا الأمر يطرح إشكالية حول كيفية إسناد المقعد الذي خسرته هذه اللائحة، ومن هي اللائحة التي تستفيد من بطلان الانتخاب؟
إن هذه الإشكاليات وغيرها، التي قد تواجه المجلس الدستوري، لم ينتبه إليها المشترع، ما يجعل من مهمة المجلس الدستوري أكثر صعوبة في غياب النص الواجب التطبيق في مثل هذه الفرضيات.
* أستاذ في القانون الدستوري