تفاعلت القوى السياسية اللبنانية أمس، مع الإعلان الخطير للرئيس الأميركي دونالد ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، بمواقف عالية اللهجة على كافة المستويات، وبشبه إجماع لبناني على إدانة الموقف الأميركي واعتباره احتلالاً جديداً لمدينة القدس وللمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وذكّر الرئيس نبيه برّي أمام زوّاره أمس بالموقف الذي كان قد أطلقه من طهران في شباط الماضي، حينما دعا الدول العربية إلى إغلاق السفارات العربية في واشنطن احتجاجاً على نيّة الإدارة الأميركية الجديدة اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وقال بري لـ«الأخبار» إن «ما فعله ترامب هو مقدّمة لما يسمّى صفقة القرن، من خلال إخراجه مدينة القدس من المفاوضات بين العرب وإسرائيل وبين الفلسطينيين وإسرائيل». إلّا أن برّي، على رغم اعتباره المواقف السياسيّة والدبلوماسية عاملاً مؤثّراً في الضغط على الإدارة الأميركية، أكّد أن «الحلّ الحقيقي هو في المقاومة المسلّحة»، مستشهداً بالكلام الذي وجّهه الإمام موسى الصدر للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عشيّة اتفاق كامب دايفد وقوله إن «شرف القدس يأبى أن يتحرر إلا على أيدي المؤمنين».
ودعا رئيس المجلس النيابي إلى جلسة لمجلس النواب اليوم لمناقشة التطوّرات، مؤكّداً أن جدول الأعمال محصورٌ بمسألة القدس، وأن خروج أيّ نائب عن هذا النقاش وعن الإجماع اللبناني لن يكون متاحاً، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أن يفرض على النواب توصيات لخلاصة الموقف، إلّا أنه يحبّذ أن يكون موقف المجلس النيابي داعماً لخيار المقاومة. وكان برّي قد حاول عقد الجلسة مساء أمس بحضور الرئيس سعد الحريري، الذي عاد واعتذر عن الحضور بسبب اضطراره للسفر إلى باريس. كذلك أجرى رئيس المجلس النيابي اتصالاً بالرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، وأكد له أننا «أحوج ما يكون إلى الوحدة الوطنية»، واتصالاً برئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيّة.
بدوره، أجرى الرئيس ميشال عون اتصالاً بعبّاس مؤكداً وقوف لبنان رئيساً وشعباً إلى «جانب الشعب الفلسطيني في رفضه اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل». وقال رئيس الجمهورية إن «القدس تتمثل كل الأديان السماوية، وما حصل هو ضد الانسانية وضد الحقوق، وينزع عن الولايات المتحدة الاميركية صفة الدولة الكبرى التي تعمل للتوصل الى السلام العادل في الشرق الأوسط».
أمّا رئيس الحكومة سعد الحريري، فقد أوعز بأن تتم إضاءة الواجهة الرئيسية للسراي الحكومي الكبير بصور للمسجد الأقصى ولكنيسة القيامة، «تضامناً مع الشعب الفلسطيني الشقيق ورفضاً لأي قرار يعتبر القدس الشريف عاصمة لإسرائيل» بحسب ما صدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء. وبناءً على توجيهات الحريري أيضاً، أنارت بلدية بيروت مسجد محمد الأمين بصورة المسجد الأقصى وكاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط المدينة بصورة كنيسة القيامة، على أن تتم إنارة صخرة الروشة مساء اليوم بالعلم الفلسطيني.
من جهة ثانية، دعا الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي وحركة الشعب وأحزاب وطنية وفلسطينية أخرى إلى تظاهرة صباح يوم الأحد أمام السفارة الأميركية في منطقة عوكر. وكذلك دعت حركة حماس والجماعة الإسلامية إلى تظاهرة اليوم في الطريق الجديدة استنكاراً للقرار الأميركي.
وشهدت مخيّمات الفلسطينيين في لبنان تحركات شعبية واعتصامات يوم أمس، ومن المتوقّع أن تشهد المخيمات اليوم تظاهرات مندّدة بالقرار الأميركي، وتحركات شعبية في أكثر من منطقة.
(الأخبار)