شن العدو الإسرائيلي فجر أمس، غارة جوية على منشأة عسكرية تابعة للجيش السوري في منطقة مصياف (غربي حماة، وشرقي محافظة طرطوس) القريبة من لبنان والموجودة في منطقة الوسط الواصلة بين دمشق وحمص وحماة من جهة، ومن جهة أخرى الساحل السوري حيث الانتشار الروسي الأكبر في سوريا.
وإن كانت إسرائيل الرسمية قد التزمت الصمت وامتنعت عن الإقرار المباشر بتنفيذ الاعتداء، إلا أن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الذي رفض الإجابة المباشرة عن «الأنباء الواردة من سوريا»، أشار إلى أن «إسرائيل تتعامل بجدية مع أمنها وأمن مواطنيها، وهي معنية بمنع الاعتداء عليهم، بل ومنع أي فرصة للاعتداء عليهم». وأكد أن إسرائيل «تأخذ بالاعتبار كل الخيارات والإمكانات، ومن بينها إمكانات غير جيدة»، في إشارة منه إلى الاستعداد لمواجهة شاملة. لكنه أكد في المقابل أن «إسرائيل لا تبحث عن مغامرات، رغم أننا سنعمل كل ما في وسعنا كي لا نسمح بإمكان قيام ممر شيعي من إيران إلى دمشق».

يدلين: الغارة تهدف إلى منع تعزيز القدرات العسكرية في سوريا


واكتفى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، بالإشارة إلى أن إسرائيل تعمل، بمسؤولية وتصميم، على إحباط أي تهديد يسعى إلى الإضرار بها. أما رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، هرتسي هليفي، فقال: «إننا نعالج التهديدات بعزم وتصميم مقابل أعدائنا، والجيش الإسرائيلي يعمل على إبعاد الحرب، لكنه يستعد لها». ولفت إلى أن «إيران تسعى إلى التمركز في لبنان وسوريا وغزة، وتغرق المنطقة بأسلحة قاتلة وأيديولوجيا قاتلة».
في المقابل، كان البيان العسكري السوري واضحاً، ويوجب التوقف أمام عباراته، ليس جراء تحميل إسرائيل المسؤولية عن الاعتداء وحسب، بل في تحذيره من «التداعيات الخطيرة لمثل هذه الأعمال العدوانية على أمن المنطقة واستقرارها»، في إشارة تحذيرية أيضاً من مواجهة شاملة، مع تشديده على «عزم الجيش السوري وتصميمه على سحق الإرهاب واجتثاثه من جميع الأراضي السورية».
البيان العسكري السوري، الذي لا يصدر من دون توجيه من صانع القرار الأول في دمشق، يشير إلى تحذيرين: أن هذه الاعتداءات ستؤدي إلى حرب ومواجهة واسعة مع إسرائيل؛ وكذلك أنها لن تثني الدولة السورية عن مواصلة مسار انتصاراتها على الجماعات المسلحة، وصولاً إلى استعادة كل الجغرافيا السورية، في إشارة مزدوجة إلى إمكان نشوب حرب، نتيجة الاعتداءات، وإلى وجهة الانتصارات، في مرحلة ما بعد استعادة الشرق السوري.
في ذلك، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، رئيس معهد أبحاث الأمن القومي الحالي، اللواء عاموس يدلين، إن الغارة الإسرائيلية تحمل ثلاث رسائل: منع تعزيز القدرات العسكرية في سوريا وإنتاج أسلحة استراتيجية؛ فرض مصالح إسرائيل رغم تجاهل القوتين العظميين لها؛ وإن الدفاعات الروسية لا تمنع إسرائيل من التحرك العسكري. في حين أشارت صحيفة هآرتس إلى أن الهجوم هو الأول منذ اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، وقد يفسر كنوع من التلميح الإسرائيلي إلى الدول الكبرى: «عليكم الآن الأخذ في الحسبان اعتباراتنا الأمنية. إذ بوسعنا عرقلة عملية التسوية المستقبلية في سوريا، إذا أصررتم على إبقائنا خارج الصورة»!
بدورها، وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن حول العدوان الإسرائيلي قرب مدينة مصياف، أكدت فيهما أن «الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة أصبحت سلوكاً ممنهجاً بهدف حماية الإرهابيين من «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، ومن غير المقبول ان مجلس الأمن الدولي لم يتخذ حتى الآن أي إجراء لوضع حد لهذه الاعتداءات السافرة بحيث أصبحت حماية «إسرائيل» للإرهابيين في مأمن من المساءلة».