تأمين الرعاية الصحية الاجتماعية، ضمان حق السكن، تأمين حق التعليم، وضع قانون عمل مُنصف للعمال، إعادة الهيبة الى القضاء عبر ضمان استقلاليته، حماية الأملاك العامة، تحصين المهن الحُرّة، مكافحة احتكار الدواء، تفعيل قانون السير، بتّ مسألة قانون الإيجارات الجديد، تنفيذ خطة النقل البري، سلسلة الرتب والرواتب وتصحيح الأجور... وتطول لائحة أولويات العمال والنقابات. برأي هؤلاء، العهود السابقة حرمتهم حقوقهم لأنها "غيّبت" الدولة و"كبّلت" مؤسساتها، أو ربما لأنها "لزّمت حقوق الناس لشركات خاصة لم تكترث إلا لمصلحة القائمين عليها، مصلحة الحاكمين"، وفق ما يقول رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبدالله لـ"الأخبار".
تغييب الدولة يسبق الفراغ

يقول عبدالله إن البلد كان يفتقر الى مُقوّمات الدولة قبل الفراغ الرئاسي، وإن "التحدّي" يكمن في إمكانية استعادة الدولة في العهد الجديد. برأيه، الحلّ يكمن في عودة المؤسسات الدستورية التي تكفل حقوق العمال. لا يُخفي عبدالله هاجس "السلّة" التي توافقوا عليها، ويتخوّف من "استمرارية الصيغة التي تحكمنا منذ عقود، القائمة على المحاصصات والمنافع الشخصية". برأيه، أبرز ما حصل في إدارة النفايات والنفط أخيراً يفضح آلية نهب خيرات المواطنين ويكشف نهج المحاصصات المعتمد في إدارات الدولة.
مطالب العمال واضحة ويصفها عبدالله بـ"البديهية": قانون عمل مُنصف، خطة توفير فرص عمل، تصحيح الحد الأدنى للأجور، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، تحقيق العدالة الاجتماعية وإقرار نظام صحي يحفظ كرامة المواطنين.
المطلوب قضاء مُستقلّ وتفعيل أجهزة الرقابة والمجالس التأديبية

لا يبدو عبدالله متفائلاً كثيراً، فـ"المجلس الذي أقرّ قانون الإيجارات الجديد الأسود، هو نفسه الباقي في العهد الجديد". هنا يبرز المطلب المُتعلّق بحق السكن "المُقدّس"، على حدّ تعبير رئيس تجمع المحامين للطعن وتعديل قانون الإيجارات الجديد، المحامي أديب زخور. يُشير الأخير الى أن المُتسأجرين القدامى يطلبون من الرئيس الجديد ضمان حق السكن الدستوري، وهذه "الضمانة"، تكون عبر إعلان المجلس النيابي بُطلان قانون الإيجارات منذ تاريخ إبطاله في المجلس الدستوري في آب عام 2013.
حق السكن "المنسيّ" إذاً يجب أن يعود الى "الواجهة" في العهد الجديد. يرى زخّور أن شلل الحياة السياسية والفراغ الرئاسي دفعا نحو "المماطلة" في حسم مسألة قانون الإيجارات الجديد، وبالتالي "أدى الى فرض واقع الأحكام القضائية الجائرة"، مُشيراً الى وجود خمسة مشاريع قوانين تتعلّق بخطة السكن والإيجارات "نائمة في أدراج المجلس وتحتاج الى من يوقظها".
هذه المشاريع تُضاف الى بقية الكثير من الخُطط والاتفاقيات "النائمة"، كـ"الاتفاقية الثلاثية" التي يُطالب بتنفيذها اتحاد النقل البري عموماً واتحاد أصحاب الشاحنات خصوصاً. يقول رئيس نقابة اتحاد أصحاب الشاحنات شفيق القسيس إن السائقين يتوقون الى "الدولة"، الكيان الذي يُفعّل قوانينه خدمة للمواطنين، لا العكس. يُطالب قسّيس بتطبيق قانون السير "بشكل كامل، ليس فقط الجزء المُتعلّق بالمحاضر والضبط"، ويُضيف: استناداً الى المادة 412 من القانون، يستطيع كل من الوزراء المعنيين تحقيق مطالبنا وإنهاء إضرابنا. هم المسؤولون عن إضراباتنا المُستمرّة. لا يكترثون لكل التكاليف التي نتكبّدها".
هذا الكلام يتوافق وما يقوله رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس حول ضرورة إقرار الخطط "المنسيّة"، كخطة النقل العام البري، فضلاً عن المطالب "المعهودة" المتمثلة بتفعيل أجهزة الرقابة وضبط التعديات المتعلقة بإغراق السوق بـ"اللوحات البيضاء وغيرها". ويُشير طليس الى استمرار الاتحاد بالإضراب بسبب ثبات الاتحاد على موقفه الرافض لعمليات التزوير التي لحقت بمناقصات الميكانيك.

المهن الحُرّة: تفعيل أجهزة الرقابة

لا تختلف مطالب نقابتي المحامين والمهندسين عن مطالب النقابات العمالية. المُرتجى هو "استعادة دور الدولة وهيبتها". يقول مُفوّض قصر العدل في نقابة المحامين في بيروت، المحامي ناضر كاسبار لـ"الأخبار" بشكل صريح، إن الرئاسة الجديدة مُطالبة بإعادة "هيبة دولة ومؤسساتها"، وذلك عبر إرساء القوانين الصارمة. برأيه، أول مطالب نقابة المحامين يتمثّل بـ"القضاء المُستقلّ" وحمايته من التدخل من أي جهة كانت من خلال بناء المؤسسات وتفعيل دور أجهزة الرقابة والمجالس التأديبية من ديوان المُحاسبة الى دائرة التفتيش وغيرهما. يختصر كاسبار رؤيته حول "الدولة القوية" بقوله: فلنلتزم بما يقول الكتاب (النصوص الدستورية والقانونية).
تفعيل أجهزة الرقابة، يُعدّ مطلب نقابة المُهندسين أيضاً. يقول رئيس النقابة خالد شهاب لـ"الأخبار" إن أولى خطوات الرقابة و"الضبط"، تكمن في رفع جودة التعليم في الجامعات أولاً، ومن ثمّ دراسة احتياجات السوق وضبط عمليات "التفريخ الحاصلة من دون أي معايير تحفظ مكانة المهن الحرة ومستواها". برأيه، هذا الأمر يحتاج الى "قانون حاسم" يحفظ للمهندس حصانته ومكانته ويُلزمه بمعايير معينة. مطلب النقابة في العهد الجديد، يتمثّل بانخراط المهندسين في مؤسسات الدولة على أساس علمي، "بعيداً عن الأسس السلطوية القائمة على توزيع المصالح والمنافع الفئوية". برأيه، الدولة تتعمّد تجاهل ذوي الاختصاص خدمة لطبيعة حكمها القائم على النفعية، مشيراً الى تجاهل الكثير من الخبرات التي كان باستطاعة المهندسين تقديمها في ملف النفايات مثلاً.