الأميركيون أبلغوا مصرف لبنان بملاءمة تنفيذ القانون بما لا يؤدي إلى تدهور الوضع
جاء التفجير الذي استهدف "بنك لبنان والمهجر" ليضفي على ملف العقوبات مزيداً من الضغط ــــ وإن كان قد أسهم في سحبه أكثر من التداول الإعلامي ــــ بين من يتهم الحزب بالوقوف وراء التفجير كرسالة تحذير إلى القطاع المصرفي وإلى من يقف وراء التشدد في تنفيذ القانون الأميركي، وبين من يرى أن هناك طرفاً ما استفاد من هذه اللحظة ليورّط حزب الله والقطاع المصرفي ويمسّ بالاستقرار النقدي لأول مرة منذ سنوات طويلة.
بين النظريتين، تحركت خطوط الاتصال بين المصارف والحزب في صورة غير مباشرة، أمنياً وسياسياً ومصرفياً، لطمأنة القطاع المصرفي والحزب على السواء، ويجري التداول في سيناريوات للتهدئة تعمل على تنفيذ القانون الأميركي في شكل مضبوط تحت سقف مصرف لبنان، ولكن وفق صيغ متقدمة عن التعميم الذي أصدره المصرف منذ بداية الأزمة.
وهناك طريقتان لتطبيع التهدئة الحالية، بحسب معلومات سياسيين مطلعين على موقف حزب الله يعملون على تعزيز الثقة بينه وبين المصرف المركزي، الأولى تتعلق بطريقة التنفيذ المصرفية إدارياً وعملانياً، وهو الأمر الذي بدأ يتحقق بفعل تحرك حاكم المصرف رياض سلامة بين "النقاط الساخنة"، وتجاوب المصارف، خصوصاً تلك التي أبدت تشدداً في السابق، بعدما لمست خطورة ذهاب "البيئة الحاضنة" للحزب التي تودع حساباتها في المصارف إلى التشدد بدورها في الرد على أي خطوة تجاه الحزب. علماً أن هذه المصارف استفادت من حركة الأموال والمساعدات النقدية ــــ من هذه البيئة تحديداً ـــــ التي عرفها لبنان بعد حرب تموز 2006، وهو أمر يدركه من كانوا آنذاك في مواقع مسؤولية.
أما الطريقة الثانية، فهي تعديل نص التعميم الصادر عن مصرف لبنان، بناءً على تمنيات حزب الله بالحصول على طمأنات إضافية. وحتى الآن، ثمة نصائح بعدم تعديله كي لا يعطي لاحقاً عكس مفعوله، وإنما الاكتفاء بطريقة التنفيذ العملانية التي يعتمدها المصرف المركزي عبر هيئة الرقابة. ولا سيما أن هذه الطريقة أثبتت فاعليتها بعد الهامش الواسع الذي أُعطي للهيئة في ردّ طلبات بعض المصارف لإقفال الحسابات، لتقتصر عملية الإقفال الفعلية على أقل من الأعداد (وهي بالمئات) التي كانت رفعتها المصارف. علماً أن البحث العملي كان يتركز على ضرورة ملاحقة العمليات المصرفية التي يمكن أن تقع عليها شبهات وليس ملاحقة الأشخاص أو المؤسسات، أياً كانت هوياتهم، ولا سيما غير المشمولين بلائحة الخزانة الأميركية.
ورغم كل المؤشرات التي تدل على التغاضي الأميركي عن الوضع اللبناني، ورغم أن الموفدين الأميركيين سبق أن أكدوا تشددهم في تنفيذ القانون وإقفال حسابات من وردت أسماؤهم في لائحة الخزانة الأميركية، يؤكد هؤلاء السياسيون أن الأميركيين لن يغامروا في زعزعة الوضع الداخلي، لا بل إنهم "لم يطلبوا أخيراً التوسع بالقانون ولا أعطوا إيحاءات بافتراضات معاكسة لنصه، وأبلغوا مصرف لبنان بالعمل على ملاءمة تنفيذ القانون بما لا يؤدي إلى تدهور الوضع الداخلي، ولا سيما بعد متفجرة بنك لبنان والمهجر".