قررتُ أنا وزوجي محمود السفر أواخر الصيف الماضي، بعدما تعذرت سفرتنا التي خططنا لها رأس السنة الفائت. المهم أننا جمعنا «مصاري»، وحضّرنا جوازات سفرنا، وقضيت ما يقارب شهرين في البحث عن وجهة السفر التي تناسب ميزانيتنا المتواضعة. اه!! والأهم البلد الذي يمكن أن يعطي محمود فيزا، فربما لا تعرفون أنه يحمل وثيقة سفر صادرة عن الدولة اللبنانية، وخاصة باللاجئين الفلسطينين. الوثيقة لمن لا يعرف شكلها بنية اللون وكبيرة الحجم، ولا تنطبق عليها مواصفات الجوازات التي تطبق على جوازات السفر الخاصة باللبنانيين أو الفلسطينية الصادرة عن السلطة/الدولة الفلسطينية.
اخترنا السفر إلى تونس، لكوني زرت البلد مرتين وأُغرمت به، ولأن شعبه يحبنا، نحن الفلسطينيين، كما نحبه، بالإضافة إلى كوني استحصلت في المرتين السابقتين على الفيزا خلال ثلاثة أيام، ولأن لدي «واسطة» فقلنا "ليش لأ!!". لكن تبيّن أنّ من الصعب جداً أن يحصل محمود على فيزا، فهو لا يملك مثلي جواز سفر لبنانياً. لم أفهم تبريرات «الواسطة»، برفض منح زوجي تأشيرة مما حرمنا من التمتع بالمنظر الخلاب في سيدي بوسعيد، ومن زيارة مقبرة شهداء فلسطين.
بعدها اتجهت أنظارنا إلى الرفاق في اليونان، خصوصاً أن الاقتصاد وضعه صعب هناك. اتصلت بمكتب السفريات وأبلغني أن إجراءات الحصول على «الشنغن» إلى اليونان سهلة ومضمونة بنسبة ثمانين بالمئة. «عظيم، وبالنسبة إلى حامل الوثيقة الفلسطينية؟!». صمت محدثي للحظات، لبلع الصدمة ربما «كتير صعبة مدام، مش عم يعطو الفلسطينيي فيزا، بدك بنقدم بس ما بضمنلك ياها».
طيب الشنغن صعبة لمحمود، ماذا عن دبي؟ لدينا أصدقاء هناك يمكنهم استضافتنا في بيتهم، وبذلك نوفر مصاريف الإقامة. هنا نصطدم بحقيقة أخرى، فليحصل محمود على «الفيزا» يحتاج إلى تأمين ألف وخمسمئة دولار، ومن الممكن ألّا يحصل على التأشيرة، حسب ما ابلغنا مكتب السفريات. وبذلك لم يبق أمامنا سوى الأردن. نعم الأردن تخيلوا!
أحد أصدقائنا الفلسطينيين حاول الحصول على الـ«فيزا» عبر السفارة مباشرة، لكنهم ابلغوه انه بحاجة الى تجميد مبلغ 7500 دولار كتأمين الى حين عودته. لا اعرف فلسطينياً من لبنان سافر الى الاردن. لكننا قررنا الذهاب للتخييم في وادي رم. وفعلناها في ايلول الماضي.
أكيد لم نجمد 7500 دولار، لانه «اذا نفضتونا ما بينزل نصهن»، بل قامت خالته بتقديم طلب استصدار التأشيرة من هناك بحيث تكون هي الكفيلة. حصلنا على الفيزا بعد اسبوعين، حجزنا في نفس اليوم وسافرنا للمرة الاولى سوياً. وعلى فكرة لم تكن اجراءات المطار في عمان معقدة بالنسبة إلى محمود كما كانت في بيروت. ختم جوازه بعد اظهار رقم الفيزا، وابتسم له العسكري الاردني، نعم ابتسم داحضاً كل الاشاعات التي تقول ان الاردني لا يبتسم. وبذلك سجّل زوجي سابقة في تاريخ معارفنا كأول فلسطيني يذهب الى الاردن للسياحة. وعليه انصح كل فلسطيني حامل للوثيقة الصادرة عن الدولة اللبنانية ولديه قريب/قريبة من الدرجة الاولى حامل/حاملة للجنسية الفلسطينية، ان لا يتردد بزيارة وادي رم والبتراء وعمان، فهناك سيأتيك الهواء حاملاً رائحة فلسطين.