وفي حين لم يستفق العدو بعد من ضربة العبوات الناسفة في مخيمَي جنين وطولكرم، جاءت عملية «هار براخا»، عصر الثلاثاء، لتشكّل تحدّياً أمنياً جديداً. وفي التفاصيل، فتح قناص فلسطيني النار على مجموعة مستوطنين، ما أدى إلى إصابة أحدهم، واندفاع الشرطة، على إثر العملية، إلى البحث عن المنفّذ في مدينة نابلس، حيث اندلعت مواجهات واشتباكات عنيفة مع المقاومين. وفي بيانه، قال جيش الاحتلال إن إطلاق النار «نُفِّذ من عُمق نابلس»، مشيراً إلى أن قواته «تبحث عن المشتبه فيهم»، وهو ما يؤشّر إلى أن إطلاق النار حصل من مسافة بعيدة نسبياً، فضلاً عن أن دقّة إصابة المستوطن ترجّح وجود قناص أَطلق الرصاص وحقّق إصابات، وفقاً لما ظهر في مقطع مصوّر نشرته منصات إسرائيلية.
24 ألف مستوطنة تم إقرارها خلال عام ونصف عام
ومع أن عملية الاغتيال في مدينة طولكرم، ليست الأولى من نوعها، ولكنها قد تشي بمرحلة جديدة يكون القصف الجوي إحدى أدواتها الرئيسية. ووفقاً لمصادر إسرائيلية، يدرس قادة الجيش عدّة خطوات جديدة لمواجهة المقاومين، منها الدفع بآليات مدرّعة أثقل خلال الاقتحامات، والاعتماد على قصف أوسع من الجو، وتعزيز العمل الاستخباري، إلى جانب اتّخاذ إجراءات مشددة قد تنال أيضاً من فلسطينيي الداخل المحتلّ لدى دخولهم الضفة أو خروجهم منها. وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «تهديد العبوات الناسفة في الضفة الغربية ليس جديداً»، وأن عناصر المقاومة في المخيّمات «بدأوا، على ما يبدو، في تعلّم أسلوب عمليات الجيش ومحاور الدخول والخروج، ويحاولون الردّ على ذلك بطرق مختلفة. وتعمل فرقة الضفة على تغيير أساليب عملها، إذ تلجأ إلى أساليب مختلفة بهدف التمويه». ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني لم تسمّه، قوله إن «هناك خشية من المحاولات المستمرّة من قِبَل إيران وحماس ومنظمات أخرى لإدخال أسلحة إلى الضفة، من بينها قذائف آر بي جي». كما نقلت عنه تحذيره من امتلاك مقاومي الضفة هذا النوع من الأسلحة، وتأكيده أنه «بين الفينة والأخرى، يتمّ ضبط أسلحة خلال محاولات تهريبها عبر الحدود الأردنية في منطقة الأغوار».
ومن جهتهم، يعرب المسؤولون في قيادة المنطقة الوسطى عن قلقهم الشديد إزاء ظاهرة يقولون إنهم بدأوا يلاحظونها، ومن شأنها أن تسهم في وصول الأسلحة إلى الضفة، عبر فلسطينيّي الداخل. ووفقاً للمسؤول الأمني الذي تحدّث إلى «يديعوت أحرونوت»، فإن «هناك الكثير من الأسلحة الإسرائيلية التي يسرقها الجنود من قطاع غزة، ويقومون ببيعها إلى منظمات إجرام في إسرائيل، وهي قد تصل بسهولة إلى الضفة الغربية». وعليه، تعمل قيادة المنطقة الوسطى، حالياً، على اتّخاذ خطوات للبدء بـ«فحص» فلسطينيي الداخل، لدى دخولهم الضفة، علماً أنه يجري أساساً فحص المركبات لدى عودتها من الضفة إلى داخل الخط الأخضر.
ويترافق التصعيد الميداني في الضفة، مع نشاط استيطاني واسع، إذ ذكرت «القناة السابعة» الإسرائيلية أن «لجنة التخطيط العليا» في الإدارة المدنية ستصادق على بناء 5300 وحدة استيطانية جديدة في المستوطنات المقامة على أراضي الضفة. وأشارت القناة إلى أن من بين المستوطنات التي سيتمّ البناء فيها: «ألون موريه» في نابلس (186 وحدة استيطانية)، «كريات أربع» في الخليل (240 وحدة)، و«نريا» في رام الله (435 وحدة). وأوضحت القناة أن إجمالي الوحدات الاستيطانية الجديدة التي تمّت المصادقة عليها، خلال العام والنصف عام الماضي، وصل إلى أكثر من 24 ألفاً، فيما صودق على بناء أقلّ من 20 ألف وحدة بين العامَين 2020 و2022. وفي الإطار نفسه، استكملت حكومة الاحتلال، أول من أمس، مصادرة 24 ألف دونم في منطقة الأغوار، وشرعنتها عبر تصنيفها على أنها «أراضي دولة»، يمكن لاحقاً إقامة مشاريع استيطانية فيها.