رام الله | في عدوان متجدّد على المحافظة، أغارت طائرة حربية إسرائيلية، أمس، على منزل في حي المنشية في مخيم نور شمس، وحوّلته إلى ركام، وهو ما عرقل دخول طواقم الإسعاف والدفاع المدني، قبل أن تتمكّن لاحقاً من انتشال شهيد واحد و9 إصابات جُلّها لأطفال ونساء. واستهدفت عملية الاغتيال أربعة مقاومين قال جيش الاحتلال إنه كان يلاحقهم، ويرصد المنزل الذي لجأوا إليه منذ بعض الوقت، فيما أسفرت عن استشهاد القيادي في "كتيبة طولكرم"، سعيد الجابر. وعمّ الحزن العارم، المخيّم والمحافظة، على اغتيال الجابر الذي يُعدّ أحد أبرز قادة الكتيبة، وهو من أقدم المقاومين المطلوبين للاحتلال في طولكرم، وقد نجا من عدّة محاولات اغتيال سابقة، كان آخرها قبل أسبوعين خلال عطلة عيد الأضحى، حين حاول العدو تصفيته عبر طائرة انتحارية مُسيّرة انفجرت أثناء وجوده في محطّة لتعبئة الوقود في المدينة.وسعيد معروف جيداً في مخيم نور شمس، وهو محبوب الأطفال الذين دوماً ما يلتفّون حوله في كل مرّة يخرج فيها إلى الشارع، فيما يصفه الأهالي بأنه بشوش الوجه ومحبّ وخجول، ومقاتل شرس، لم يترك مواجهة إلا وكان له نصيب فيها. وفور الإعلان عن استشهاده، امتلأت صفحات المواطنين بصور الجابر ومقاطع مصوّرة قديمة له، كان أبرزها حديثه عن كمين نصبه مقاومو الكتيبة لقوّة في المخيم، وتأكيده فيه أنهم قتلوا العديد منهم، وتحدّيه الجيش الإسرائيلي بالاعتراف بهم. كذلك، خرجت جماهير غفيرة عقب الإعلان عن الاغتيال لتجوب أرجاء المخيّم، وللمشاركة في تشييع الجابر، حيث أكّد هؤلاء تمسكهم بخيار المقاومة، مطالبين الكتيبة بالردّ والانتقام لقائدها.
وتعليقاً على عملية الاغتيال، أصدر جيش الاحتلال بياناً قال فيه إن البيت المُستهدف كان تحت المراقبة لمدّة طويلة، مضيفاً أنه، بحسب المعلومات المتوفّرة لديه، كان في البيت أربعة مقاتلين فلسطينيين من مخيم نور شمس، فيما ذكرت إذاعة الجيش أن من بين المستهدفين قائد "كتيبة طولكرم"، "عمّ أبو شجاع"، وأنه "تمّ التخطيط للهجمة منذ مدة طويلة، ولم تتّضح إلى الآن نتائجها". وتُعدّ عملية الاغتيال بطائرة حربية إسرائيلية، الرابعة من نوعها في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر، وهي تضاف إلى عمليات اغتيال أخرى بطائرات مُسيّرة، اثنتان منها في مخيم جنين، وواحدة في مخيم بلاطة. ومع أن هذه العمليات ليست جديدة على الضفة، إلا أن الاحتلال بات يعتمد عليها، منذ "طوفان الأقصى"، للوصول إلى المقاومين، وتحديداً في الأماكن التي يصعب بلوغها، أي في المخيمات.
وشهدت الأيام الماضية، ولا سيما منذ العملية الناجحة في مخيم جنين، والتي أسفرت عن مقتل ضابط فرقة قناصة في جيش الاحتلال وإصابة 16 آخرين بجروح خطيرة، دعوات من قِبَل المستوطنين ومسؤولين في المؤسسة الأمنية وصحافيين، إلى تكثيف القصف والاغتيال من الجو، بدلاً من الاقتحامات البرية والدخول إلى المناطق الفلسطينية، نظراً إلى المخاطر على القوات المقتحمة. وفي هذا الإطار، كتب مراسل "القناة 14" العبرية، يديديا أبستن، بعد تفجير مركبة "النمر" العسكرية في مخيم جنين، أن "الجيش الإسرائيلي وجهاز الشاباك كانا يعلمان جيداً أن هناك عبوات ناسفة في جنين (...) السؤال لماذا أدخلوا قوات إلى هذه المصيدة من أجل اعتقال مطلوب، بدلاً من قصفه هو والبناء الموجود فيه وكل محيطه من الجو؟ هل يمكن أن نعلم لماذا حياة النازيين أهمّ من حياة جنودنا؟".
وتفتح عملية طولكرم الباب على عمليات مماثلة، قد يعتمدها جيش الاحتلال كوسيلة أولى لقتل المقاومين بدلاً من اقتحام المخيمات والمدن، وتعريض جنوده لخطر العبوات الناسفة، خاصة مع إقراره بتطوّر تلك العبوات وتشكيلها خطراً عليه في الميدان. والجدير ذكره، هنا، أنه منذ السابع من أكتوبر، باتت الطائرات المُسيّرة ركيزة أساسية في العمل العسكري والاستخباراتي، بعدما كان العدو لسنوات يعتمد في اقتحامه المدن والقرى في الضفة، على آلياته، وأحياناً غير المصفّحة. ووفق إذاعة جيش الاحتلال، فإن الأخير يواجه تهديداً متزايداً في الضفة، من الألغام إلى العبوات الناسفة التي أصبحت أكثر تعقيداً، في حين نقل موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول إسرائيلي، قوله، الشهر الماضي، إن قوات الجيش زادت من اعتمادها على الطائرات المُسيّرة في مختلف مناطق الضفة. وأظهر الموقع أن "الوحدة 636" التابعة للجيش، والتي تشرف على تسيير هذا النوع من الطائرات، حسّنت، منذ السابع من أكتوبر، من قدراتها، وزادت نشاطها في الضفة، سواء للتجسس أو الهجوم، وقامت بإضافة طائرات من دون طيار قادرة على مهاجمة أهداف على نطاقات مختلفة. وبحسب الموقع، يخدم نحو 1400 جندي وضابط في الوحدة، من بينهم نحو 600 مجنّدة يخدمن في مراقبة ما تلتقطه الطائرات المُسيّرة وغيرها، في قواعد ومواقع عسكرية داخل الضفة. كما نقل "واي نت" عن مسؤول إسرائيلي أن عمليات أخرى ستُنفّذ في الضفة، وتحديداً في مخيمات اللاجئين، بمساعدة هذه الطائرات.