القاهرة | في وقت تترقّب فيه مصر الردّ الفلسطيني على تصوّر قدّمه الإسرائيليون بشأن الهدنة المقترحة - وهو تصوّر لا يتوافق بشكل كامل مع مطالب المقاومة -، تجري القاهرة اتصالاتها مع الجانب الأميركي حول جهود الوساطة والمساعدات، مع طلب تسهيل إدخال مزيد من الشاحنات بشكل يومي، بحسب ما أفادت به مصادر مصرية «الأخبار». وفي هذا الإطار، وبينما لا تزال القاهرة تبدي «امتعاضها» من الآلية الالتفافية لإدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، فهي اقتربت، وفقاً للمصادر، في خلال مباحثاتها مع الأميركيين «من التوصل إلى صيغة بشأن معبر رفح وتشغيله»، فيما «ناقش أطراف أوروبيون أيضاً، من بينهم مسؤولون ألمان وفرنسيون، مع نظرائهم المصريين، مقترحات تشغيل المعبر». ونقلت المصادر عن مسؤولين مصريين أن «الضغوط التي تمارس على الأطراف الأوروبية ستكون مثمرة خلال الأيام المقبلة لناحية إدخال المساعدات بشكل أكبر من أي وقت مضى»، لكن «يبقى نجاح عملية الإدخال مرهوناً بأمور عدة، وفي مقدّمتها الاستجابة الإسرائيلية والضغوط التي ستمارس على حكومة الاحتلال في حال رفضت تشغيل المعبر».من جهته، قال مصدر عسكري مصري، في حديثه إلى «الأخبار»، إن الترتيبات الأمنية التي تجري مناقشتها في الوقت الحالي مع الجانب الإسرائيلي «تتركّز حول إيجاد آلية لمنع تبادل إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية ونظيرتها المصرية على الحدود، وسط استمرار تسليح القوات المصرية المتمركزة على الشريط الحدودي بالأسلحة التي تمكّنها من حماية الحدود». وأضاف أن «القاهرة رفضت مقترحاً بأن يكون الجنود المصريون والإسرائيليون الموجودون داخل المعبر غير مسلّحين باعتباره أمراً غير منطقي، وهو ما رفضته تل أبيب أيضاً»، مشيراً إلى أن «ثمة توجيهات عسكرية صادرة من القيادة العسكرية في مصر، إلى الجنود، بالضرب عند وجود خطر، مع التأكيد على عدم إطلاق الرصاصة الأولى».
تتركّز الترتيبات الأمنية المصرية مع الجانب الإسرائيلي حول «إيجاد آلية لمنع تبادل إطلاق النار» بين القوات الإسرائيلية ونظيرتها المصرية


وبحسب المصدر، فإن نتائج «التحقيقات» التي يتم إجراؤها بين القاهرة وتل أبيب بشأن الاشتباك الذي جرى في محيط معبر رفح، أول من أمس، وأدّى إلى استشهاد أحد عناصر التأمين المصريين الموجودين في المعبر من الجانب المصري، «لن تُعلن للرأي العام، وستكون سرية، وستتم الاستفادة منها لتجنب الاحتكاكات الأمنية المشابهة التي من شأنها أن تزيد من تعقيدات الموقف على الشريط الحدودي». أيضاً، أكّد ثلاثة عسكريين مصريين، تحدّثوا إلى «الأخبار»، «حرص القاهرة على عدم الانجرار إلى التصعيد لعدة أسباب، في مقدّمتها الحفاظ على استقرار الدولة المصرية»، على حد قولهم. وأضاف هؤلاء أن «مصر بعثت برسائل عديدة إلى الجانب الإسرائيلي مفادها أن دفعها إلى التورط في الحرب ليس مقبولاً وستكون أضراره على تل أبيب أكبر بكثير».
ووفقاً لمسؤول عسكري في الدائرة المحيطة بصناع القرار في مصر، فإن القاهرة حاولت تخويف تل أبيب بأن التصعيد العسكري من الجانب المصري سيكون بمثابة «زلزال داخل إسرائيل، نظراً إلى أنه لن يقتصر على الجبهة المصرية ولكن سيكون بمثابة فرصة للانقضاض على تل أبيب من جبهات أخرى تحاول القاهرة تهدئتها واحتواءها». أيضاً، أفادت المصادر بأن «الرسائل المصرية التي بُعث بها عبر وسطاء أميركيين، تضمّنت التأكيد أن الدعم الأوروبي - الأميركي لإسرائيل لن يضمن للأخيرة خوض حرب على كل الجبهات مرة واحدة، وسط الاستعداد القتالي المصري والحشد الشعبي الواضح لخوض هذه المعركة (المفترضة)، علماً أن النظام سيسمح في الأيام المقبلة بتحركات مناهضة لإسرائيل في الشارع».