بغداد | استهدفت سلسلة تفجيرات نفّذها مسلحون مجهولون، مطاعم في بغداد تحمل العلامة الأميركية، وذلك احتجاجاً على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها الوحشية على قطاع غزة، ولا سيما بعد مجزرة رفح، والتي حدت بزعيم "التيار الوطني الشيعي"، مقتدى الصدر، إلى دعوة الحكومة إلى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد وطرد السفيرة ألينا رومانوسكي. وطاولت الهجمات التي وقع آخرها فجر الإثنين، مطاعم من سلسلة "جلي هاوس" وأخرى من سلسلة "كي أف سي" في الجادرية وسط بغداد، وشارع فلسطين شرقها، والكرادة. وعلى الأثر، وجّه وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، بإطلاق حملة لملاحقة منفّذي هذه العمليات، في وقت أعربت فيه أوساط ثقافية وسياسية مؤيدة للقضية الفلسطينية عن تأييدها لإغلاق جميع المتاجر والمطاعم التي تحمل العلامة الأميركية.واتّخذ الشمري جملة من الإجراءات الفورية، من بينها معاقبة وسجن المقصّرين من رجال الأمن ثلاثين يوماً. كما تمّ إعفاء أحد آمري الألوية من منصبه وإيداعه التوقيف، وتشكيل مجلس تحقيق بحقه، وحجز قوة من دوريات النجدة والشرطة الاتحادية والاستخبارات لمدة شهر. وإذ لم تتبنَّ أي جهة مسؤولية الهجمات التي طاولت المطاعم، نشرت منصات وقنوات على "تلغرام" مقرّبة من الفصائل صوراً للاستهداف، معتبرة ذلك واجباً وطنياً وإسلامياً للدفاع عن القضية الفلسطينية والرد على الإبادة التي تتعرّض لها غزة. وتذهب بعض التصورات إلى أن الهجمات هي رسائل تحذيرية إلى الشركات الأميركية التي تعمل داخل العراق أو تلك التي ترغب في العمل فيه، بعد دعوتها من قبل زيارة رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.
وفي هذا الإطار، ترى النائبة عن "ائتلاف دولة القانون"، عالية نصيف، أنّ "استهداف المطاعم الأميركية في بغداد أمر مرفوض. والردّ الأفضل على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أهالي فلسطين، هو مقاطعة المنتجات الأميركية حتى إغلاقها نهائياً". وتضيف، في تصريح إلى "الأخبار"، أنّ "المواجهة معهم يجب أن تكون في وضح النهار عبر أساليب مشروعة، مثل مقاطعة مطاعمهم وبضائعهم، وكل العلامات التجارية الداعمة لهم، ولكن ليس عبر التفجير". وتؤكد أنّ "ما يجري في فلسطين وخاصة قطاع غزة، يحتّم علينا مقاطعة الشركات الأميركية كونها داعمة لإسرائيل"، داعية مجلس النواب إلى العمل على تشريع قانون يسهم في مقاطعة المنتجات الأميركية.
طالب الصدر بغلق السفارة الأميركية وطرد السفيرة


من جانبه، يقول القيادي في "الإطار التنسيقي"، علي حسين، لـ"الأخبار"، إنّ "إغلاق جميع المتاجر الأميركية في العراق هو موقف وطني، وهذا ما طالبت به الجماهير العراقية منذ بداية عملية طوفان الأقصى، من خلال الخروج بتظاهرات مندّدة بالجرائم الصهيونية ومطالبة بغلق المتاجر الأميركية". ويستدرك بأن "عملية تفجير المطاعم مرفوضة؛ لأنها تنعكس سلباً على أمن البلاد واستقرارها بعدما بدأت تتعافى تدريجياً"، مقترحاً أن "يكون هناك موقف حكومي وبرلماني يدعم الموقف الشعبي الداعي إلى إغلاق الشركات المشبوهة أو المعروفة بدعمها لإسرائيل". وفي ما يخص دعوة الصدر إلى إغلاق السفارة الأميركية، يقول حسين إنّ "من غير المناسب إغلاقها في الوقت الحالي، وليس هناك مبرر لذلك"، متابعاً أن "دعوة الصدر محترمة، وهو سابقاً دعا إلى ذلك، وهو ما أدركته الحكومة جيداً، لكن العلاقات الدبلوماسية مرتبطة باتفاقيات دولية ولا يمكن أن تتجاوزها بسهولة". ويشير إلى أنّ "السوداني يسعى إلى إنهاء وجود قوات التحالف الدولي، لأن الحاجة إليه انتفت. أما إغلاق سفارة وما شابه ذلك، فهو أمر في الوقت الحالي غير مناسب، وليس له أي مسوّغ وربما يضر بالعراق وبسمعته دولياً".
وكان الصدر، قد جدّد، أمس، الدعوة إلى طرد السفيرة الأميركية وإغلاق السفارة. وقال، في منشور طويل نشره الموقع الإلكتروني لمكتبه الإعلامي الخاص، إن "اسرائيل كيان استيطاني طرد أصحاب الوطن ويتوق إلى التوسع شرقاً وغرباً، وكل ذلك بدعم من الخرف الأميركي وبكل وقاحة وظلم". وتعليقاً على دعوة الصدر، يعتقد المدوّن المقرّب من "التيار الوطني الشيعي"، عصام حسين، أنّ "الحكومة لا تتحرّك في قضية غلق السفارة ولا تستطيع أن تتحدّث بهذا الموضوع بتاتاً، والدليل عندما قتلت القوات الأميركية جنوداً من قوات الحشد الشعبي في قضاءي القائم وجرف الصخر وعلى الحدود، لم نرَ موقفاً جدياً من الحكومة". ويعتبر حسين، في حديث إلى "الأخبار"، أنّ "الحكومة والفصائل لديها الرأي نفسه، وهي سابقاً كانت تعارض المشروع الصهيوني وتعارض أي شخص يختلف معها في الرأي، أو ربما تتهمه بالوقوف مع الأميركيين، بينما في الوقت الحالي هي تغضّ النظر عن ذلك كله". ويؤكد "أننا نحتاج إلى موقف جدي من قبل الحكومة بشأن إغلاق السفارة الأميركية، لكن ذهاب السوداني إلى واشنطن، وتوقيع الحكومة العراقية عدة اتفاقيات، جعلاها غير قادرة على أن تتحرك شبراً واحداً، والسبب أن هناك مصالح اقتصادية مترابطة بين الجانبين". ويرى أنه "من المستحيل تطبيق هذه الدعوة"، متوقّعاً أنّه "في حال دعا الصدر جمهوره إلى التظاهر أمام السفارة الأميركية، فقد يصل الأمر إلى التصادم، لأنّ السوداني ومن خلفه من الضباط والمسؤولين سيتعاملون مع التظاهرات الجماهيرية بعنف".