عشية بدء جولة جديدة من المحادثات حول وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، في باريس، قُدّمت في الإعلام الغربي على أنها ستشهد عودة الدور القطري إلى البروز، في ظل الإشكاليات المحيطة بالعلاقات المصرية - الإسرائيلية، أفضى اتصال هاتفي بين الرئيسين الأميركي، جو بايدن، والمصري، عبد الفتاح السيسي، إلى اتفاق على مشاركة رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، في اجتماع باريس، وكذلك على استئناف إدخال المساعدات إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم، في انتظار حلّ مشكلة معبر رفح البري.وبحسب مصادر غربية نقلت كلامها وسائل إعلام أميركية، فإن مدير وكالة «الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي إي)، وليام بيرنز، يفترض أن يكون وصل إلى العاصمة الفرنسية أمس، أو أن يصل اليوم، لإجراء محادثات مع رئيس «الموساد» الإسرائيلي، ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الموجود في العاصمة الفرنسية. ومن جهتها، ذكرت مصادر مطّلعة في القاهرة، في حديث إلى «الأخبار»، أن اتصالات مكثّفة جرت على مدار اليومين الماضيين، نجم عنها الإسراع في عقد اجتماع جديد لمسؤولي التفاوض الرئيسيين في باريس، وإعادة الحديث عن التهدئة بشكل حقيقي، على رغم استمرار اعتقاد مصر بعدم رغبة إسرائيل في تقديم تنازلات جادّة يمكن على إثرها تحقيق تقدّم.
مع ذلك، تعتقد القاهرة، وفق المصادر، أن الجولة الجديدة من المحادثات ستسهم على الأقل في إدخال مزيد من المساعدات الإنسانية خلال الأيام المقبلة، وهو ما جرت مناقشته بشكل موسّع في مكالمة السيسي - بايدن، مساء أمس. وفيما يشارك كامل في اجتماعات باريس، فإن الاتصال المذكور تطرّق، بحسب المصادر، إلى الغضب المصري من التسريبات الإسرائيلية التي استهدفت «تشويه الدور المصري»، وسط مطالبة من السيسي باتخاذ واشنطن مواقف حازمة، ولا سيما في ما يتعلق بالجانب الإنساني. وقالت المصادر إن «الأيام المقبلة ستشهد تدفّقاً لإدخال المساعدات من الجانب المصري، ولكن بطريقة التفافية عبر تسليمها من خلال الأمم المتحدة للإسرائيليين في معبر كرم أبو سالم، ونقلها بعد ذلك إلى معبر رفح، بمعرفة إسرائيلية، من خلال الطريق البري الذي جرى شقّه في الأيام الماضية عبر الشريط الحدودي».
يشارك عباس كامل في محادثات باريس حول التهدئة وتبادل الأسرى


ووفق المصادر، فإن «ذلك الطريق الذي يربط بين المعبرين، سيكون هو الشريان الرئيسي لإيصال المساعدات بشكل مؤقّت إلى حين التوافق على آلية لإعادة تشغيل معبر رفح، وسط مناقشات موسّعة حول الخيارات المطروحة في شأنها، ومن بينها إعادة البعثة الأوروبية لتكون مسؤولة عن المعبر أو القوة الأممية المقترحة من جانب واشنطن». وتُصدّر مصر، هذا الاتفاق المؤقّت، بوصفه «استجابة لمطالبها بعدم التعاون مع الإسرائيليين على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، مع استمرار تل أبيب في فرض سيطرتها على المعبر بشكل كامل وعدم الانسحاب منه حتى إشعار آخر». ووفق الشروط التي تقول القاهرة إنها وضعتها لإدخال المساعدات بهذه الطريقة، فإن الشاحنات التي ستدخل إلى القطاع يومياً ستتجاوز 200 شاحنة، على أن يجري تأمين مسارات لتحرّكها داخل غزة، عبر التنسيق مع الأمم المتحدة.
وفي السياق نفسه، أعلنت كل من مصر والولايات المتحدة والرئاسة الفلسطينية، في بيانات رسمية، الاتفاق حول إدخال المساعدات. وذكر البيت الأبيض أن «هذا الأمر سيساعد في إنقاذ الأرواح»، لافتاً إلى أن بايدن «تعهّد بشكل كامل» العمل من أجل إعادة فتح معبر رفح. وقالت الرئاسة المصرية، من جهتها، إنه جرى الاتفاق على إدخال المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم «إلى حين التوصّل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني». كما أكّدت الرئاسة الفلسطينية أنها اتفقت على ذلك مع مصر.
ويأتي ذلك، فيما تلقّت اللجنة العسكرية المعنية بالتنسيق على الشريط الحدودي بين مصر والكيان، بموجب «اتفاقية كامب ديفيد»، إخطارات إسرائيلية باستمرار تنفيذ طلعات جوية بالطائرات «لتحقيق بعض الأهداف العسكرية الضرورية»، بالتزامن مع إعلان إرسال مزيد من المعدات الثقيلة إلى هناك.