تزايدت الضغوط على رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مع تعمّق الخلافات داخل «كابينت الحرب»، وتسريب الإعلام الإسرائيلي تهديداً من «حزب المعسكر الوطني» بقيادة بني غانتس بالخروج منها، وكذلك تأزّم العلاقة مع مصر التي أعلنت أنها ستنضم إلى جنوب أفريقيا في الدعوى ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. لكنّ التصريحات الأميركية أظهرت أنه لم يحن الوقت بعد لفرط الحكومة، بل ومثّلت تراجعاً عن نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات، والتي وافقت خلالها «حماس» على الصفقة المقترحة من قبل الوسطاء حول وقف النار وتبادل الأسرى.ووفق قناة «كان» الرسمية الإسرائيلية، يفكّر «حزب المعسكر» بترك «الكابينت» بسبب تفرّد نتنياهو بالقرارات وارتهانه لوزيري «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، والمالية بتسليئيل سموتريتش، ما يعطّل أي إمكانية لصفقة تعيد الأسرى. وأشارت القناة إلى أن غانتس وزميله في الحزب، غادي آيزنكوت، حقّقا تزايداً في شعبية حزبهما من خلال انضمامهما إلى حكومة الحرب، وفي الوقت نفسه معارضة نتنياهو سياسياً، بحيث أصبح الجمهور الإسرائيلي يعتبرهما بديلاً للحكومة، خصوصاً أنهما لم يكونا في السلطة خلال السابع من أكتوبر، ولا يتحمّلان مع رئيسها مسؤولية الفشل الأمني الذي أدّى إليه. واعتبرت أن خروج غانتس وآيزنكوت يعني أنهما سينضمان إلى التظاهرات في الشارع ضد الحكومة لتصبح بمئات الآلاف، علماً أن الرجلين يقولان إنهما مقتنعان بأن نتنياهو يعرقل صفقة التبادل عمداً. وخلصت إلى أن رئيس الوزراء أمام خيارين: فإما أن تتم الصفقة ويخرج بن غفير وسموتريتش من الحكومة، وإما أن لا تتم ويخرج غانتس وآيزنكوت من «الكابينت».
وفي الموازاة، بدا أن العلاقة بين مصر وإسرائيل تتّجه إلى مزيد من التأزيم بسبب استمرار تل أبيب في مخطّط تنفيذ اقتحام كامل لمدينة رفح، وإغلاق المعابر في وجه المساعدات للحدّ من الدور المصري في تقديمها، ما بات يشكّل مصدر قلق لمسؤولي الاستخبارات المصرية الذين عبّروا أيضاً عن قلقهم من الدعم الأميركي غير المعلن للخطط الإسرائيلية. وبحسب التقديرات المصرية الرسمية، فإن إسرائيل تعتمد نهجاً طويل الأمد في الحرب، قائماً على اقتحام رفح تدريجياً مع إخلاء كل منطقة بشكل منفصل، على أن يجري تحريك النازحين الفلسطينيين في اتجاه وسط قطاع غزة وشماله. وعلى رغم الضغوط المصرية من أجل إعادة تشغيل معبر رفح عبر مسؤوليه السابقين، ولو تحت حصار إسرائيلي، إلا أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين رفضوا ذلك، مشترطين التعامل المباشر معهم، وهو ما رفضه المصريون، خاصة بعد التراجع عن طرح لإعادة تشغيل المعبر من خلال شركة خاصة تُعلن عنها السلطة الفلسطينية في رام الله.
وبات إدخال المساعدات إلى القطاع الآن مقتصراً على الإسقاط الجوي الذي يُنفّذ بشكل يومي، مع صعوبة تنفيذ الإسقاط في رفح نفسها نتيجة القصف الإسرائيلي والاكتظاظ السكاني. وعليه، بدأ مسؤولون مصريون نقاشاً حول تصوّرات إسرائيلية لإقصاء القاهرة من مشهد إدخال المساعدات بشكل كامل خلال الأيام المقبلة، وهو ما يسعى الإسرائيليون لتحقيقه عبر مسارين: الأول إدخال مساعدات من المعابر الإسرائيلية إلى القطاع، والثاني إدخالها عبر الممر البحري من قبرص.
وفي ظل ذلك، أعلنت مصر، أمس، اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «محكمة العدل الدولية» في لاهاي، للنظر في انتهاك الأخيرة «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية» في قطاع غزة. وإذ تستهدف هذه الخطوة تسليط مزيد من الضغوط الدبلوماسية على تل أبيب للعودة إلى طاولة المفاوضات وقبول الصفقة التي وافقت عليها «حماس»، تتواصل الاتصالات مع المسؤولين الأميركيين الذين باتت لديهم، بحسب انطباعات القاهرة، «مواقف سلبية» من الحديث عن العودة إلى المفاوضات أو حتى ممارسة ضغوط لإيقاف الاقتحام الإسرائيلي لرفح، وأضحوا مستعدين لمنح الإسرائيليين مهلة للقيام بذلك.
وبالفعل، اعتبرت حركة «حماس» تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، والتي قال فيها إن وقف إطلاق النار في غزة ممكن غداً إذا وافقت «حماس» على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، «تراجعاً عن نتائج الجولة الأخيرة من المفاوضات»، في حين حذّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مقابلة مع محطة «أن بي سي»، من أن هجوماً إسرائيلياً واسعاً على رفح سيزرع «الفوضى» من دون القضاء على «حماس»، مقراً بأن عدد المدنيين الذين استشهدوا في الحرب أكثر من عدد شهداء «حماس».
كذلك أعلن البيت الأبيض أن «مستشار الأمن القومي جايك سوليفان جدّد لنظيره الإسرائيلي مخاوف بايدن بشأن احتمال شنّ عمليّة بريّة كبيرة في رفح، وناقش معه مسارات العمل البديلة لضمان هزيمة حماس».