رام الله | لم ينم أهالي مخيم نور شمس، ليل الخميس - الجمعة، بعد أن حوّلت قوات الاحتلال مخيمهم إلى ساحة حرب، عقب اقتحامها الواسع له منذ مساء الخميس بعشرات الآليات والجرافات العسكرية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة في عدة محاور، استمرت حتى ساعات متأخرة من ليل أمس. واقتحمت قوات معززة من جيش العدو، ترافقها جرافتان، «نور شمس»، وفرضت حصاراً مشدداً عليه، ونشرت آلياتها على محاوره كافة، وأغلقت الشارع الرئيسي المحاذي لمداخله، وسط تحليق لطائرات الاستطلاع في سماء المنطقة على ارتفاع منخفض. كذلك، فرضت قوات الاحتلال حظر التجوال على المخيم، ومنعت المواطنين من العودة إلى منازلهم، كما منعت المركبات من الدخول أو الخروج، في حين دمرت جرافاتها ‫جزءاً كبيراً من شوارع أبرزها دوار اليونس في الحي الشمالي، وشارع السكة، وميدان الشهيد سيف أبو لبدة، وشارع نابلس المحاذي للمدخل الغربي، إضافة إلى تدمير عدد من ممتلكات المواطنين.‬وبالتوازي مع ذلك، شهد المخيم اشتباكات مسلحة عنيفة بين المقاومين وقوات الاحتلال، سُمعت خلالها أصوات انفجارات قوية وغير مسبوقة، وشُوهدت النيران وهي تتعالى في أكثر من موقع وحي، لتنجلي المعركة عن نجاح المقاومين في تفجير عدد من الآليات العسكرية عبر العبوات الناسفة، وهو ما رصدته كاميرات المواطنين بشكل دقيق. ومنذ لحظة الاقتحام، ومع مرور الساعات، واصلت مجموعات المقاومة نشر تحديثات لمجريات الاشتباكات، إذ أكدت «سرايا القدس - كتيبة طولكرم»، في أكثر من بلاغ عسكري، أن مقاتليها يخوضون مواجهات ضارية مع جيش العدو، الذي يحاول محاصرة «نور شمس»، في عدة محاور. وأفادت الكتيبة بأن مقاتليها تمكنوا من تفجير حقل ألغام بعدد من الآليات، وتحقيق إصابات مباشرة في صفوف قوات الاحتلال، في وقت دفعت فيه الأخيرة بتعزيزات عسكرية مستمرة برفقة «نجمة داوود» (الإسعاف الإسرائيلي). كذلك، قالت «كتائب القسام» في طولكرم إن «مقاوميها الأبطال يواصلون التصدي بالعبوات الناسفة والاشتباك البطولي لجيش الاحتلال خلال اقتحامه مخيم نور شمس»، بينما أعلنت «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى» أن مقاتليها تمكنوا من استهداف جنود العدو بعدد من العبوات الناسفة والمتفجرة، وأوقعوا عدداً من القتلى والإصابات في صفوفهم.
يعدّ مخيم نور شمس أحد أبرز معاقل المقاومة في الضفة الغربية، ويتحمل، مع مخيم جنين، أعباء ديمومة الاشتباك


وفي حصيلة أولية، أكدت وسائل إعلام عبرية إصابة ضابط وثلاثة جنود من جيش العدو خلال الاشتباكات مع المقاومين، الذين أفيد عن استشهاد عدد منهم، فيما نعت بعض فصائل المقاومة قائد «كتيبة طولكرم» في «سرايا القدس»، محمد جابر (أبو شجاع). وتركزت الاشتباكات في حارة المنشية، حيث داهمت قوات الاحتلال عدة منازل، وأحدثت دماراً كبيراً وتسبّبت في حريق ضخم، في حين أكدت «كتيبة جنين» أن «حارة المنشية سيف المخيم»، وأن «لنا فيها بأساً شديداً». وفي حارة جبل الصالحين، نشر جيش العدو قناصته على البنايات، وآلياته على الأرض، وجرف منزلاً مهجوراً، فيما استهدف جنوده أعمدة الكهرباء وأسلاكها على شارع نابلس الرئيسي، ما تسبب في انقطاع التيار عن أجزاء منه. كذلك، اقتحمت آليات الاحتلال ضاحية ذنابة، وتحديداً الجهة المحاذية لجبل النصر، وفرضت حصاراً مشدداً عليها، فيما شنت حملة اعتقالات تركّزت في ضاحية اكتابا، وطالت كلاً من: محمد حسام العجوز، وقيس سائد العجوز، ومحمد عزت جابر، كما اعتدت بالضرب على المواطن يزن حسام العجوز بعد اقتحام منزله، ليجري نقله إلى المستشفى. أيضاً، رصدت الكاميرات إطلاق جنود العدو الكلاب البوليسية على المواطنين خلال اقتحام منازلهم، مثلما حصل مع الشاب أسيد طه من ضاحية شويكة، والذي أطلق الجنود كلباً بوليسياً تجاهه وهو نائم في فراشه قبل اعتقاله.
ويعدّ مخيم نور شمس أحد أبرز معاقل المقاومة في الضفة الغربية، ويتحمل، مع مخيم جنين، أعباء ديمومة الاشتباك، رغم ما شهده خلال الشهور الماضية من تدمير واسع وعمليات اغتيال وقتل واجتياحات، فشلت جميعها في كسر شوكة المقاومين، الذين استطاعوا ليس الحفاظ على تلك الحالة فقط، بل تكبيد الاحتلال خسائر في مرات سابقة أيضاً. ويصعّد جيش العدو من عمليات الاقتحام والاعتقال في الضفة، بما فيها القدس، منذ السابع من أكتوبر، ما أسفر عن استشهاد 468 فلسطينياً، وإصابة نحو 4 آلاف و800، واعتقال 8 آلاف و310. وفي المقابل، يصر الفلسطينيون على مقاومة الاحتلال رغم قلة الإمكانات والملاحقة المستمرة، وهو ما تجدّدت فصوله فجر الجمعة، حيث شهدت الضفة عمليات اقتحام إسرائيلية لعدد من القرى والمدن، تخلّلتها مواجهات واشتباكات، أبرزها في مدينة الخليل، حيث استُهدف البرج العسكري المقام على مدخل مخيم العروب شمال المدينة بالزجاجات الحارقة والمفرقعات النارية، بينما أعلنت «كتائب شهداء الأقصى» في الخليل استهداف قوة مشاة إسرائيلية قرب مغتصبة «كرمي تسور» برصاص الأسلحة الخفيفة، وانسحاب المقاتلين بسلام.
وعلى ضوء التصعيد المستمر في الضفة، تتجه الأنظار، الأسبوع المقبل، إلى المسجد الأقصى، في ظلّ دعوات الجمعيات الاستيطانية إلى اقتحام المسجد بشكل واسع، وإقامة طقوس ذبح القرابين داخله. وفي هذا الإطار، حضّت حركة «حماس»، الفلسطينيين في كل مكان، على إفشال مخططات العدو ومستوطنيه لتدنيس باحات الأقصى، وشدّ الرحال إلى المسجد والاعتكاف فيه.