يتزايد، يوماً بعد يوم، الحديث عن أن اقتحام قوات الاحتلال لمدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، بات وشيكاً، في ما يبدو إلى الآن أشبه بـ«حرب تهويل» تستهدف إسرائيل من خلالها تعزيز أوراقها في المعركة التفاوضية. وهو تهويل لا يبدو أن الولايات المتحدة تجد مانعاً منه في ظل إعلان «البيت الأبيض»، أول من أمس، أن الجانبين الأميركي والإسرائيلي ناقشا «الهدف المشترك المتمثّل في هزيمة حماس في رفح»، وإن أبدى الأول «مخاوفه بشأن مسارات العمل المختلفة في رفح».وفي هذا الجانب، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أمس، إن بلاده «لا يمكنها دعم عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في رفح»، ما يعني إمكانية تزكيتها إجراءات ضمن «الحدود» التي تضعها واشنطن. ويأتي ذلك فيما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أمس، نقلاً عن مسؤولين أن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، تدرس صفقات أسلحة جديدة لإسرائيل «تتجاوز قيمتها مليار دولار وتشمل ذخائر دبابات ومركبات عسكرية وقذائف هاون». ويُضاف هذا الدعم إلى «مشروع قانون دعم إسرائيل»، والذي وافق عليه مجلس النواب الأميركي، أمس، في تصويت إجرائي، بعد عرقلته من المعارضة «الجمهورية» على مدى أشهر، على أن يصوّت عليه اليوم، علماً أنه جزء من قوانين منفصلة تتضمّن تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرائيل. وتبلغ القيمة الإجمالية للدعم المنتظر للكيان، نحو 26,38 مليار دولار، من بينها تمويل يغطي «تكلفة العمليات العسكرية الأميركية رداً على الهجمات في الآونة الأخيرة». وإذا وافق مجلس النواب على الإجراء، وهو ما بات متوقّعاً، فستتعين موافقة «مجلس الشيوخ» عليه قبل إرساله إلى بايدن للتوقيع عليه كي يصبح قانوناً، علماً أن الأخير قال: «سوف أوقّعه فوراً ليصبح قانوناً من أجل بعث رسالة إلى العالم مفادها أننا نقف مع أصدقائنا».
وفي المقابل، حذّر أهالي رفح والنازحون إليها، في بيان، من أن «المحافظة ستشهد مذبحة إبادة غير مسبوقة لمئات الآلاف من سكانها، إن أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الدخول إليها». وأضاف هؤلاء أن «القاطنين في رفح وحّدوا موقفهم بعدم مغادرتها حتى ولو حاول العدو إخلاءها قبل اجتياحها، وهم يفضلون الموت في بيوتهم وخيامهم على النزوح إلى أي منطقة أخرى»، مناشدين «العالم الوقوف أمام مسؤولياته لحماية المدنيين في أكثر مدن العالم ازدحاماً واكتظاظاً».
تقدّر مصر إمكانية تنفيذ اقتحام رفح قبل نهاية الشهر المقبل


وبحسب المعلومات الآتية من القاهرة، فإن «مصر بدأت تخطط لما هو أسوأ في الأسابيع المقبلة بشأن إدخال المساعدات من معبر رفح»، على الرغم من «الزيادة اللافتة في كميتها خلال الأيام الماضية». وتقدّر مصر إمكانية «تنفيذ الاقتحام قبل نهاية الشهر المقبل»، وذلك على إثر «تقارير تسلّمتها أجهزة سيادية مصرية»، والمحادثات الأخيرة للمسؤولين العسكريين المصريين مع نظرائهم الإسرائيليين، والتي أكد فيها الجانب الإسرائيلي «الاستجابة للمخاوف الأميركية بشأن المعابر الإنسانية التي سيكون على الفلسطينيين استخدامها للنزوح عن رفح». وترتكز الاستراتيجية الإسرائيلية لاقتحام رفح، بحسب تقارير مصرية سرية، على «إحداث انفراجة كبرى في الشمال مع تكثيف إدخال المساعدات، إلى جانب البدء في تكثيف الاستهدافات لمناطق في رفح»، وهو «الأمر الذي بدأ بالفعل في الأسابيع الماضية ويتوقع استمراره في محاولة للضغط على النازحين لقبول التحرك إلى الشمال وفق ضوابط سيجري تحديدها لاحقاً».
ورغم «الرفض المصري»، لاقتحام رفح على اعتبار أنها «المنطقة الآمنة التي حُددت من جانب إسرائيل سلفاً، إلا أن الأزمة التي تواجه مصر في الوقت الحالي لمنع هذه الخطوة»، وفق مصادر مصرية مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار»، تتمثل في «تعثر المفاوضات»، فيما تعتقد القاهرة أن «إسرائيل تسعى لإعادة فرض حصار من نوع آخر على القطاع، مرتبط برغبتها في تحديد المساعدات وآليات دخولها، إلى جانب إدخال المساعدات عن طريق البحر، مع إغلاق معبر رفح بشكل كامل». وفي حين باتت المنطقة العازلة التي انتهت مصر منها «شبه جاهزة لاستقبال فلسطينيين، في حال وجود نزوح تجاه الأراضي المصرية واقتحام للشريط الحدودي»، وفقاً للمصادر، فإن «جزءاً كبيراً من الأزمة المرتقبة مرتبط بالتداعيات الإنسانية المتوقّعة وعدم القدرة على إنفاذ مساعدات طبية وإغاثية، فضلاً عن النقص الحاد المتوقّع في الغذاء، وعدم قدرة الأونروا على توفير الأساسيات التي تعمل على توفيرها اليوم». وفي هذا الوقت، تسعى مصر، من خلال اتصالات يجريها مسؤولوها مع نظرائهم الأميركيين، إلى «محاولة تأخير الموافقة الأميركية الضمنية على خطة اقتحام رفح»، بحسب المصادر.