تضع إسرائيل القدس في سلّم أولويات الاستيطان، وتسعى بكل الطرق إلى التوسع فيها عبر مشاريع ضخمة
وإلى جانب الضفة، تضع إسرائيل القدس في سلم أولويات الاستيطان، وتسعى بكل الطرق إلى التوسع فيها عبر مشاريع ضخمة، والتغلغل في أحيائها الفلسطينية من طريق الاستيلاء على بعض المنازل والمباني. أما الضفة، فتُعدّ بكلها هدفاً إستراتيجياً للاستيطان، وإن كان التركيز فيها ينصبّ على المناطق المصنفة «ج»، كون الأخيرة تشكل 60% من مساحتها، ومعظمها أراضٍ زراعية خصبة وذات موارد وفيرة، وبالتالي فهي تحوز أهمية اقتصادية كبيرة، بما فيها منطقة الأغوار التي وصل عدد المستوطنات فيها إلى 38 مستوطنة منذ عام 1967، معظمها زراعية، ولا تضم إلا عدداً قليلاً من المستوطنين. وتُظهر معطيات «دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية»، بحسب دراسة جديدة أجراها ثلاثة باحثين في جامعة «رايخمان»، ونشروا ملخّصها في صحيفة «هآرتس»، أول من أمس، أنّ عدد المستوطنين في الضفة كان 311,300 في عام 2010، وارتفع إلى 491,548 في عام 2023، أي بزيادة نسبتها 58%. وخلال ولاية حكومة نتنياهو الحالية، ارتفع عدد هؤلاء بـ13,345 مستوطناً في السنة الفائتة، أي بما يقلّ بـ4% عن المعدل السنوي.
كذلك، تُظهر الدراسة أن عدد الفلسطينيين في المناطق «ج» ارتفع من 77,220 نسمة في عام 2010، إلى 354 ألف نسمة العام الماضي، أي بزيادة نسبتها 504%، في حين تراجعت نسبة المستوطنين هناك من 81.6% في 2010، إلى 58.1% في 2023. وتعزو هذا الانخفاض إلى تراجع نسبة النمو الطبيعي لدى المستوطنين عموماً في الضفة، من 5% إلى 2.7% في المدة المذكورة نفسها. كما تراجع ميزان الهجرة إلى المناطق «ج» من 4160 يهودياً في 2010، إلى بضع مئات في السنوات الأربع الأخيرة. وفي 2020، كان ميزان الهجرة سلبياً، أي إنّ عدد المستوطنين الذين غادروا «ج»، كان أعلى من عدد الذين انتقلوا إليها. وفي المقابل، سجّل الجانب الفلسطيني تحولاً معاكساً، بانتقال عدد كبير من «أ» و«ب» إلى «ج».
وعلى مستوى الوحدات، بلغ عدد المستوطنات في الضفة 127، وعدد البؤر الاستيطانية العشوائية 121، في عام 2023، وذلك بعد شرعنة 34 بؤرة عشوائية. وفي المقابل، وصل عدد تجمعات البيوت الفلسطينية، التي شملت ما بين بيت واحد وعشرات البيوت، 12,522 في 2010، قبل أن ترتفع إلى 28,000 في 2023، رغم أن سلطات الاحتلال هدمت خلال تلك المدة قرابة 8000 بيت فلسطيني. وبحسب الدراسة، بلغت مساحة إجمالي الاستيطان، التي تشمل مستوطنات وبؤراً استيطانية عشوائية ومناطق صناعية وقواعد عسكرية وحواجز، العام الفائت، 80 ألف دونم، تشكل 2.4% من مساحة «ج»، بينما مساحة المناطق الفلسطينية المأهولة ارتفعت إلى 148 ألف دونم، تشكل 4.44% من المساحة نفسها. وعلى ضوء كل تلك الأرقام، تخلص الدراسة إلى أن السياسة الاستيطانية في المناطق «ج» لم تنجح في جعل العيش في المستوطنات أمراً طبيعياً بالنسبة إلى الإسرائيليين، أو إقناعهم بأن الوحدات القائمة هناك «جزء لا يتجزأ من حدود 1967».