بعد انقطاع دام 26 يوماً، أجرى، أمس، الرئيس الأميركي، جو بايدن، اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحث معه في خلاله «الجهود الجارية بشأن الرهائن وتحول العملية العسكرية في قطاع غزة (إلى المرحلة الثالثة)». وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، إن واشنطن «لا تزال تعارض وقفاً عاماً لإطلاق النار»، على اعتبار أنه «يفيد حماس»، على حدّ قوله، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى أن بايدن أكد لنتنياهو «قناعته القوية بإمكانية تطبيق حل الدولتين». وأضاف كيربي: «لا نزال نجري محادثات حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتلقينا ردوداً إيجابية بهذا الشأن». وبينما كان الرجلان يتحادثان، وسط خلاف لا يفتأ يتعمّق بينهما أكثر فأكثر، أصدر أعضاء يهود في «الحزب الديمقراطي» في مجلس النواب الأميركي، بياناً، أكّدوا فيه «(أننا) نختلف مع تصريحات نتنياهو، وحلّ الدولتين هو مسار المضيّ قدماً». وليس بيان هؤلاء، سوى واحدة من أدوات الضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية، ورئيسها «المعاند». وهو مسار يتوقّع أن يتصاعد خلال المرحلة المقبلة، إذا ما استمرّ نتنياهو في مواقفه الرافضة للعروض والنصائح الأميركية، والذي يُعزى إلى اعتماده على حلفائه اليمينيين المتطرفين في «الكنيست».كذلك، بات الأميركيون أميَل الى الاقتناع بأن وجود بني غانتس وغادي إيزنكوت في «كابينت الحرب» لم يعد مؤثّراً فعلياً، ما يعني أن نتنياهو يتحكّم بمسار الحرب ومداها ومواقيتها، وهو ما يهدّد بتوسعة رقعتها، وخصوصاً نحو الجبهة الشمالية مع لبنان، والتي تبدي واشنطن حرصاً شديداً على ضبط التصعيد فيها، لما لهذا السيناريو من أضرار كبرى على استقرار المنطقة والمصالح الأميركية فيها. في المقابل، يدرك نتنياهو التوجّه الأميركي لتشديد الضغوط عليه، خصوصاً من خلال «كابينت الحرب»، سواء من داخله عبر غانتس وإيزنكوت، أو من خارجه عبر الإطاحة به. ولذا، فهو بدأ بناء فريق إدارة جديد، بعيداً عن «الكابينت»؛ إذ أعاد، الليلة الماضية، تفعيل «مجلس الأمن القومي» الذي يضمّ مندوبين عن الجيش والأجهزة الأمنية الرئيسية الثلاثة: «الموساد» و«الشاباك» والاستخبارات العسكرية «أمان». ويراهن نتنياهو على أن تضمن هذه الإدارة، التي تجمَع فعلياً المتضرّرين من الفشل الإسرائيلي في عملية «طوفان الأقصى»، وفي الحرب بعدها، دعم توجّهه نحو استمرار القتال وتعميقه، خصوصاً في حال انهيار «كابينت الحرب».
بعد انقطاع دام لـ26 يوماً، أجرى بايدن اتصالاً بنتنياهو


من جهة أخرى، وبحسب تقرير نشرته صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية، فإن دولاً عربية عدّة تعمل على مبادرة للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، كجزء من خطّة أوسع تتضمّن تطبيعاً للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، إذا ما وافقت الأخيرة على خطوات «لا يمكن الانقلاب عليها» نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلّة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي قوله إن «الدول العربية تأمل في تقديم الخطة خلال أسابيع قليلة في مسعى لإنهاء الحرب، ومنع توسّع النزاع في الشرق الأوسط». وبحسب التقرير، ناقش مسؤولون عرب مع الولايات المتحدة ودول أوروبية، المقترح الذي يتضمّن «نوعاً من الاعتراف بدولة فلسطينية، أو دعماً كاملاً لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة». كما نقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين، قوله إن «القضية الرئيسية تتمثّل في أن هناك حاجة إلى إعطاء الفلسطينيين أملاً (...) لا يُمكن أن يقتصر الأمر على فوائد اقتصادية أو إزالة بعض رموز الاحتلال»، مضيفاً أنه «بالنظر إلى الجسم السياسي الموجود حالياً في إسرائيل، فلا شيء غير التطبيع يُنزِل الإسرائيليين عن الشجرة».
ويبدو أن واشنطن والرياض تناقشان الجزء الفلسطيني من الصفقة، والذي يُتوقّع أن يشمل تجميداً لبناء المستوطنات في الضفة الغربية، وزيادة المساعدات للسلطة الفلسطينية، وخارطة طريق لإقامة دولة فلسطينية، بحسب الصحيفة. ويفترض التقرير أن السعودية «تفهم أن ثمّة ضرورة لانتزاع تنازلات مهمة من إسرائيل»، وأنه يُتوقّع من الحكومة الإسرائيلية أن «تأخذ خطوات ملموسة أكثر نحو إقامة دولة فلسطينية». وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لـ«msnbc»، إن «المنطقة بالفعل في حالة اضطراب ونواجه كارثة إنسانية في غزة»، مشيراً إلى «(أننا) لا نحتاج إلى توسيع ذلك». وأضاف أن «رسالتنا للجميع، بما في ذلك إيران، هي أننا بحاجة إلى العمل معاً من أجل وقف التصعيد».