قضية فلسطين عمرها 2350 سنة، وليست وليدة القرن التاسع عشر؛ فهي عند المدخل الشمالي إلى البحر الأحمر، موضوع الصراع الأزلي بين قوى الاستعمار الأوروبيّة ومنطقة المشرق العربي.لا يسع الباحث المؤرّخ أن ينظر إلى «طوفان الأقصى» بدءاً من يوم 7 أكتوبر 2023، مثلما يشتهي أصحاب المنطق الصهيوني، ومَن آزره من القوى الغربيّة. فالقضية الفلسطينيّة برمّتها، التي هي المنطلق والحافز على هذه الحركة المباركة التي قامت بها المقاومة الفلسطينيّة، عمرها من عمر إنشاء «الكيان الإسرائيلي» عام 1948، كما تشاء كثرة من الأبحاث المعالِجة للموضوع؛ بل إن كثيراً من الباحثين يبدأون سرديّتهم التأريخيّة من عام 1917، يوم صدر وعد بلفور الذي منح من لا يملك إلى من لا يستحق، أو عام 1897، حين عُقد المؤتمر الأول للمنظمة الصهيونيّة العالمية. لكن ثمّة من يعيد بداية قضية فلسطين إلى عام 1881، أي بداية تدفق جموع اليهود الروس والبولنديّين وغيرهم من يهود أوروبا، هرباً من أوضاعهم السيئة في أوطانهم الأصليّة. حتى إن آخرين من المؤرّخين (انظر كتاب محمّد السمّاك: الصهيونية المسيحيّة، دار النفائس، بيروت، ط 4 2004)، أعاد البداية إلى عام 1839، مع دعوة اللورد الكاره لليهود، أنطوني أشلي كوبر، الإصلاحي الإنجيلي الإنكليزي، إلى منح اليهود فلسطين، بقولته الشهيرة: «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
أما النظرة الشاملة إلى تاريخ فلسطين، والأطماع الغربيّة المزمنة بالمنطقة، وفلسطين بمثابة القلب منها، لأنها المدخل الشمالي إلى البحر الأحمر، زبدة الأطماع، فينبغي ألا تغفل ذكر بداية تطلّع الدول الغربية السبع (مثل بريطانيا وبروسيا وفرنسا...) منذ بداية القرن الثامن عشر صوب فلسطين، في سياق أطماعها بممتلكات السلطنة العثمانية، مع مساعيها الدؤوب (انظر كتابَيْ عبد اللطيف الطيباوي: المصالح البريطانية في فلسطين، 1800-1901، أكسفورد، 1961؛ والمصالح الأميركية في سوريا 1800-1901، أكسفورد، 1966) التي انتهت بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى واستيلاء البريطانيين على فلسطين، وفي ذهنهم «وعد بلفور» الذي أعلنوه عام 1917، واتفاق مارك سايكس وفرانسوا جورج بيكو عام 1916 على تقاسم بلاد الشام. لكنّ النظرة التاريخيّة الأشمل يمكنها حتى العودة إلى عام 1099م، مع بداية الحروب الصليبية مع احتلال القوى الأوروبية فلسطين وبعضاً من بلاد الشام.
كان الصليبيّون في بداية غزوتهم عام 1099م يفاوضون الفاطميّين. وفي هذه المفاوضة رضي الغزاة الصليبيّون بأن يتركوا سوريا للدولة الفاطمية، لكنهم أبوا التراجع عن فلسطين، فهي مهد السيد المسيح، لكنها أيضاً تطل على البحر الأحمر. ففيما بعد، في عام 1182، شنّ أسطول سفن صليبيّة بقيادة رينالد دو شاتيون، حملة بحريّة في البحر الأحمر، لغزو المدينة ومكة؛
فهل يمكن لهذا الإصرار على أخذ فلسطين أن يُغشي بصر مَن ينظر في تاريخ فلسطين على امتداد القرون هذه؟
حتى قبل بداية الحملات الصليبيّة، في القرن الميلادي الثاني عشر؛ أفلم تكن الإمبراطورية البيزنطيّة تحتل (منذ عام 395م. حتى عام 634م.) المنطقة بأسرها، ومنها فلسطين، وتجعل حدود استعمارها الشرقيّة عند نهر الفرات؟ ثم أوَلم تدفع السلطات البيزنطية وكلاءها الغساسنة ملوك الشام، من أجل غزو خيبر التي كانت يهودية، في ما سمي «مفسد خيبر» في الحوليات العربية الكلاسيكية، ومن أجل نصرة الأوس والخزرج في يثرب على اليهود، بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة في عام 567م، لأخذ الأمور من أيديهم في المدينة؛ فيما كانت الدولة البيزنطيّة هذه تنصر في الوقت ذاته أبرهة الحبشي في استيلائه على اليمن، وفي محاولة هدمه الكعبة في مكة في عام الفيل 570م، من أجل إطباق سيطرة البيزنطيين ووكلائهم على الشواطئ الشرقيّة من البحر الأحمر، نزولاً من بلاد الشام جنوباً؛ وصعوداً من اليمن شمالاً. ثم ألم تكن الإمبراطوريّة البيزنطيّة وريثة للهيمنة الغربيّة على بلادنا، التي «بدأت» بواسطة جيوش الإمبراطورية الرومانيّة (التي وفدت علينا منذ عام 27 في القرن الأول قبل الميلاد، واستمر احتلالها أراضينا حتى أواخر القرن الميلادي الرابع)؟
لقد أطل الإمبراطور الروماني ترايانوس سنة 113م، مع جيشه على شاطئ الخليج العربي، وتنهّد متحسّراً لأنه لن يكون قادراً على البقاء هناك، أسوةً بالمقدوني الغازي الإسكندر. كان النفاذ من هناك إلى المحيط الهندي هدفاً إستراتيجيّاً أولَ في الحساب الغربي، أكان من البحر الأحمر (أي من فلسطين) أم من شط العرب في الخليج. وكانت فلسطين هي الخيار «الأفضل»، لأن احتلالها أقل استفزازاً لـ»العدو الشرقي» الدولة الفارسيّة من احتلال شواطئ الخليج.
كان الاحتلال الغربي لبلاد المشرق العربي، إعراباً صريحاً عن الطمع بمفاصلها الإستراتيجيّة، وعلى رأسها فلسطين، وكان سابقاً حتى لحكم الرومان والبيزنطيّين. فبعد الإسكندر واجتياحه الكاسح للمنطقة، في العقد الرابع من القرن الرابع قبل الميلاد، تولّى الحكم في منطقة المشرق العربي السلوقيون في بلاد الشام وامتداداتها الجنوبية شرقاً، والبطالمة في مصر غرباً. كان البحر الأحمر والمداخل إليه الهدية الكبرى لكل الغزوات الغربية لهذه المنطقة، التي كانت (ولا تزال) تتفوّق بموقعها الجغرافي الإستراتيجي المركزي، على معظم المناطق الإستراتيجية الأخرى في العالم، على الأقل، حتى عام 1492م، حين «اكتشف» كريستوف كولومبوس للتجار الأوروبيّين منفذاً آخر إلى المحيط الهندي، غير منفذ البحر الأحمر، حين كان يظن أنه مُبحر بسفنه من المحيط الأطلسي غرباً إلى الهند مباشرة.
بل إن السيطرة «الإحلاليّة» التي أتت آخر نسخة منها مع «إسرائيل»، لم تغب عن هذه الغزوات الغربية لمنطقتنا العربية، وأشهرها إسكان (فلنقل: إحلال) الإسكندر مستوطنين من المقدونيين وغيرهم، في جزيرة سقطرى من أجل إطباق السيطرة على البحر الأحمر من مدخله الجنوبي، بعدما سيطر على المداخل الشمالية إليه، وعلى شط العرب عند شاطئ الخليج، المطل هو الآخر على بحر العرب والمحيط الهندي.
وكان من بين الطامعين الغربيين الأحدث زمناً في احتلال الأرخبيل السقطري، المستعمرون البرتغاليون الذين وصلوا في عام 1507م وأنزلوا جنودهم في جزره. لكنهم غادروها بعد بضع سنين، ثم جاء المستعمرون البريطانيون واحتلوها ضمن احتلالهم جنوب اليمن في عام 1799م فيما كانوا يتقاتلون مع نابليون بونابرت للسيطرة على مصر، المطلة على مدخل البحر الأحمر من شماله، واستمر الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن حتى يوم الجلاء في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967م.

الدور الإيراني «الشرقي» في الصراع مع الغرب
حتى ظهور الإسلام، كانت الدولة الفارسيّة، هي الخصم الشرقي الأول لهذه الأطماع الغربيّة. ويروي تاريخ الإسكندر حروبه على الأخمينيين الفرس، أنه غزا الأناضول وسوريا وفلسطين وهزم داريوش الثالث الأخميني الفارسي، ووصل في اجتياحه هذا حتى البنجاب والهند. وكان ذلك في القرن الرابع ق.م.، على ما سلف.
وأما روما، فقد بدأت إمبراطوريتها الحروب في منطقتنا في عام 92 ق.م. ضد الفرس البارثيين، حتى عام 226م، ثم الفرس الساسانيين بعدئذ، حتى بداية العصر البيزنطي، أواخر القرن الرابع الميلادي. وسجّل التاريخ محاولات رومانيّة عديدة للسيطرة على الجانب الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية المطل على خليج العقبة والشاطئ الشرقي من البحر الأحمر، لدى احتلال الإمبراطور ترايانوس مملكة الأنباط في شرق نهر الأردن عام م.، بعدما قضت روما على دولة البطالمة في مصر عام 31 ق.م.، وقد سارعت حينذاك إلى إرسال حملة عام 24 ق.م. للاستيلاء على اليمن. لكنّ الحملة الرومانيّة بلغت اليمن، ورُدّت مهزومة. وقد أوصى أغسطس قيصر مجلس الشيوخ في روما، قبيل وفاته عام 14م. في أوائل القرن الميلادي الأول، أن يجعلوا حدودهم الشرقية مع الدولة البارثيّة، عند نهر الفرات، في بلاد الشام، ولا يتجاوزوا تلك الحدود شرقاً.
وفيما بعد وراثة البيزنطيّين الإمبراطورية الرومانيّة، في جناحها الشرقي، استمرت الحروب مع البارثيين، ثم لم تتوقف هذه الحروب على المنطقة، مع تولي الساسانيين الحكم في بلاد فارس عام 226م. وشهد القرن الميلادي السادس على طوله، حروباً مباشرة بيزنطيّة- ساسانيّة، في بلاد الشام، أو حروباً بـ»الوكالة»، بين الغساسنة وكلاء بيزنطة في بلاد الشام، واللخميين المناذرة في العراق حلفاء الساسانيين؛ أو حروباً بـ»الوكالة» أيضاً، بين الحبشة حليفة البيزنطيين، والحِمْيَريين في اليمن، الذين حالفوا الفرس الساسانيّين محالفة مهزوزة.
هذه الحروب المتواصلة في بلاد الشام، أحدثت اضطراباً شديداً في الطريق التجاريّة الدوليّة، التي كانت تأتي بالحرير الصيني والتوابل الهنديّة وغيرها، مع سفن المحيط الهندي والخليج، عبر نهر الفرات، حتى مرفأ فولوغاسيا (بابل)، ثم إلى تدمر براً، وصولاً عبر حمص إلى شواطئ البحر المتوسط. وفي أثناء اضطراب هذه الطريق ولا سيما بسبب الحروب بين الدولتين الكبريين، بيزنطة والساسانيّين والمناوشات المتطاولة بين الملوك الغساسنة والملوك المناذرة، في القرن الميلادي السادس، لم تكن الطريق التجاريّة الأساسية الثانية، عبر البحر الأحمر، أفضل حالاً، إذ إن الحبشة حليفة بيزنطة كانت في حرب مزمنة أخرى مع حِمْيَريّي اليمن، عند الجانب الشرقي من باب المندب. وبذلك اضطرب حبل هذه التجارة الدولية التي كانت تأتي بالبضاعة «الإستراتيجيّة» من المحيط الهندي إلى البحر المتوسط؛ وهي بضاعة كان أهم ما فيها الحرير الصيني والتوابل الهندية واللُّبان (البُخور) الحضرمي والفضة الهندية والأفريقيّة، وغير ذلك من المواد النفيسة، التي كانت تُعد بمثابة ما نسميه اليوم بضاعة إستراتيجيّة.

فرصة قريش الذهبيّة
في العقد الأول من هذا القرن السادس المضطرب على خطوط التجارة الدولية، عبر الفرات أو عبر البحر الأحمر، خرج رجل اسمه هاشم بن عبد مناف، وهو قرشي من مكة، ووالد جد الرسول العربي الكريم، في تجارة له إلى بلاد الشام. فدخل على أحد ملوك الشام، وفاوضه في إباحة اتّجار القرشيين في الأسواق الشاميّة، غزّة وبُصرى وغيرهما، في حل «ثالث» لأزمة التجارة الدولية؛ فأجاز الملك هذا الأمر، ليعود هاشم إلى مكة وفي حوزته أول عهد من عهود الإيلاف، التي تسمح للقرشيين بالاتّجار بيعاً وشراءً في الأسواق. ثم يروي التاريخ العربي أن إخوة هاشم، عبد شمس والمطّلب ونوفلاً، أخذوا من ملوك الأطراف الآخرين، في الحبشة واليمن والحيرة، عهوداً مماثلة، هيّأت لقريش أن تنشئ نظام «الإيلاف»، الذي جمع القبائل العربيّة على مشروع قوافل قريش التجاريّة، فحل «إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف»، محل الطرق التجارية الدوليّة في التجارة الإستراتيجيّة، التي أخربت سيرها حروب بيزنطية والساسانيين والوكلاء. (راجع في هذا كتابنا: إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف، كومبيونشر، بيروت، والمركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1992).

العالم يسير على وتيرة وقع هذا البحر الأحمر
حين ظهر الإسلام، وتمكّن المسلمون في فجر الإسلام وقيام الدولة الأمويّة، من تحرير المدخل الشمالي إلى البحر الأحمر، من جانبيه الشرقي، مع معركة اليرموك بقيادة خالد بن الوليد، والغربي مع فتح مصر على أيدي المسلمين بقيادة عمرو بن العاص، ومع الهزيمة التي لحقت بالدولتين العظميين في ذلك العصر، استتبّ الأمر في أيدي المسلمين، وأضحى البحر الأحمر بحراً عربيّاً، لا بحقيقته الجغرافيّة والبشريّة فقط، بل أيضاً بالسلطة السائدة على شواطئه ومياهه.
ولهذا السبب، ما عاد في قدرة القوى الغربية، وتجّارها وبحّاريها وجيوشها، النفاذ من خلال هذا البحر وصولاً إلى مصادر البضاعة الإستراتيجيّة. فترتّب على القوى الأوروبيّة أن تدفع للعرب ثمن تلك البضاعة، وتكاليف نقلها في السفن أو القوافل العربيّة، بالإضافة إلى المكوس التي تجب على سلعة تجتاز حدوداً دولية. وبقي الأمر على هذه الحال، حتى تحرّكت في الإقطاعيات الأوروبيّة شرارة الحميّة لـ»الأراضي المقدسة» أي فلسطين، وهي حميّة كان التجار أشد المتحمّسين لها ولتمويلها وتجهيزها، مع مباركة بابا روما «أوربان الثاني». وحين دخلت الحملة الصليبيّة الأولى بلاد الشام عام 1099م. تفاوض الصليبيون مع الفاطميين، وأبدوا استعدادهم لترك سوريا للفاطميين، لكنهم تمسّكوا بفلسطين. وفي عام 1182م.، أطلق رينالد دي شاتيون (أرناط) أمير شرق الأردن الصليبي، أسطولاً من السفن على البحر الأحمر من أجل شنّ غارات على موانئ المسلمين فيه ومهاجمة مدن مكة المكرّمة والمدينة المنورة.
غير أن المسلمين والعرب ما لبثوا أن ردّوا الصليبيين على أعقابهم، وعادت فلسطين إلى عروبتها.

أزمة التجار والحرفيين الأوروبيين وحلّ كولومبوس
حين عاد العرب يسيطرون على مداخل البحر الأحمر الشمالية، عاودت أطماع التجار الأوروبيين، وزبائنهم الحرفيين الجادّين في السيطرة على موارد البضاعة الإستراتيجيّة، الاصطدام بالحقيقة الجغرافيّة السياسيّة الماثلة أمامهم في بلاد الشام ومصر وفلسطين العربيّة. مضت قرون حتى خطرت لكريستوف كولومبوس أن الحل لتخطي السد العربي وبلوغ الهند، كان يقضي بالإبحار غرباً، لا شرقاً، لأن الأرض كرويّة. وحين اقتنع أحد الملوك الأوروبيّين بفكرة كولومبوس جهّز له أسطول السفن الذي أبحر غرباً عام 1492، «إلى الهند». وتلك حكاية اكتشاف أميركا، المعروفة؛ وهي حكاية على صلة مباشرة بالبحر الأحمر ومصيره، الذي يقيم الدول ويقعدها.
لا بد من عودة التوازن إلى الأوضاع الدوليّة، بين «الشرق والغرب»، ليتاح تعديل الوضع القائم، لكنّ الضمانة لهذا الوضع في المدى البعيد تحتاج إلى وحدة بلاد الشام ومصر على الأقل


وعلى الرغم من أن «اكتشاف أميركا» مكّن الأوروبيّين فعلاً من الوصول إلى الهند، والاستدارة حول الكرة الأرضية، دون المرور بالبحر الأحمر، مثلما فعل «ماجيلان»، فإن البحر الأحمر لم يفقد ميزته الإستراتيجيّة المركزيّة في السياسة الدوليّة. كان نابليون بونابرت يؤمن بذلك إيماناً راسخاً، دفعه إلى مقاتلة البريطانيين، ولا سيّما في مصر وفلسطين، ليقطع عليهم الطريق إلى الهند، مستعمرتهم العظمى. وتضاعفت القيمة الإستراتيجية التي يمتاز بها البحر الأحمر، حين تبدّلت البضاعة الإستراتيجيّة، التي كانت على الأخص: الحرير الصيني والتوابل الهنديّة واللُّبان العربي الحضرمي، وأصبحت هي النفط؛ فقد شاءت الأقدار الجغرافيّة أن يأتي نصيب وافر من هذه البضاعة الإستراتيجية، من إيران والعراق وشبه الجزيرة العربيّة، وأن يتعاظم بذلك دور باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، حيث يمر اليوم كما قيل في تقارير غربيّة، أكثر من 40% من الحركة التجاريّة الدوليّة العابرة للبحار.

خلاصة:
لا بد من عودة التوازن إلى الأوضاع الدوليّة، بين «الشرق والغرب»، ليتاح تعديل الوضع القائم، لكنّ الضمانة لهذا الوضع في المدى البعيد تحتاج إلى وحدة بلاد الشام ومصر على الأقل، وحماية هذه الوحدة من شرقها وجنوبها، وكذلك من غربها، بالوحدة العربية والتحالف مع القوى الإسلامية، من أجل تكوين عمق إستراتيجي يحمي استقلال المنطقة، وفي قلبها فلسطين.
إن دولة إسرائيل لا تقود الغرب، بل هي مشروع غربي ورث تاريخ الغرب الاستعماري منذ الإسكندر حتى اليوم.
من كل هذا نستخلص خلاصتين مركزيّتين:
الأولى هي: أن حرب الإبادة الإسرائيليّة في غزّة، لم تبدأ في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
الثانية، هي: إذا اختصم العرب، احتاجوا إلى العالم؛ وإذا اجتمع العرب، احتاج إليهم العالم.

*مؤرّخ