رام الله | باتت المسيّرات الانتحارية، السلاح الأكثر فتكاً المعتمد في اقتحامات جيش الاحتلال لمعاقل المقاومة في الضفة الغربية، وتحديداً في مدينتَي جنين وطولكرم ومخيّميهما، لقتل أكبر عدد من المقاومين، إذ لا يكاد يخلو اقتحام في هاتَين المدينتَين من استخدام هذا السلاح. وأَطلق الاحتلال، صباح أمس، طائرة مسيّرة استهدفت منزلاً في مخيم طولكرم، والذي شهد مع مخيم نور شمس والمدينة، عملية عسكرية واسعة امتدت لأكثر من 15 ساعة، وأسفرت عن استشهاد 7 شبّان، وإصابة 12 آخرين، 4 منهم جروحهم خطيرة، وذلك بعد أيّام من استخدام الطائرة نفسها في مخيم جنين، حيث استشهد 14 فلسطينيّاً.وشهدت طولكرم ومخيّمها، عملية عسكرية واسعة، بدأت بتسلُّل قوات خاصّة إسرائيلية إلى مخيم المدينة، مساء الإثنين، حيث ما لبث أن اكتشف أمرها مقاومون وبدؤوا الاشتباك معها، قبل أن يدفع العدو بتعزيزات إضافية، نُشر على إثرها القناصة على أسطح المباني، وسط تحليق بعلوّ منخفض لطائرات الاستطلاع، فيما نجح المقاومون في تفجير عدد كبير من العبوات الناسفة بالآليات العسكرية الإسرائيلية. ولكن «البلدوزرات- D9»، كانت في هذا الوقت تجرف شوارع المدينة وأزقّتها، وتعيث خراباً وتدميراً في بنيتها التحتية، بينما نثرت طائرات الاحتلال منشورات بعضها موجّه إلى المواطنين، تحرّضهم فيها على المقاومين، وتطلب منهم التعاون مع الجيش لمواجهتهم باعتبارهم السبب وراء الدمار والتخريب. كما وُجّهت منشورات أخرى إلى المقاومين تحضّهم على تسليم أنفسهم.
وفي هذا الوقت، اعتدت قوات الاحتلال على سيارات الإسعاف، مانعةً إيّاها من دخول المخيم، حيث اعترضتها وأعاقت عملها عبر إيقافها وتفتيشها تفتيشاً دقيقاً. وأعلن الجيش الإسرائيلي منع التجوال في مخيم طولكرم والمناطق المحيطة به من المدينة، بعدما هدمت جرافاته نصب أقواس العودة عند المدخل الشمالي للمخيم، بالإضافة إلى تجريف قاعة العودة القريبة من الأقواس وتفجيرها. ويُعتبر الاقتحام الأحدث، الثاني للمخيم في غضون أسبوع واحد، وهو أدّى إلى استشهاد أربعة شبان، وإصابة ستة آخرين، بينما ساد الإضراب الشامل جميع مناحي الحياة في طولكرم، حداداً على أرواح الشهداء، وتنديداً بجرائم الاحتلال ومجازره. وباستشهاد هؤلاء، ترتفع حصيلة شهداء محافظة طولكرم، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، إلى 32 شهيداً. ووفقاً لمصادر محلّية في طولكرم، تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن المقاومين، وعلى مدى 15 ساعة، خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات الاحتلال استخدموا فيها العبوات الناسفة المحلّية الصنع والشديدة الانفجار، مستهدفين بشكل مباشر العديد من الآليات. وتقول الروايات المتداولة بين المواطنين، إنه سُجِّلت إصابات مؤكدة في صفوف قوات الاحتلال، التي فشلت في تحقيق هدفها القاضي بالوصول إلى المطلوبين.
يُبدي الاحتلال قلقاً بالغاً إزاء ارتفاع زخم المقاومة في مدينة قلقيلية، في الأسابيع الماضية


كذلك، شهدت مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، صباح أمس، اقتحاماً من جيش الاحتلال، هو الثالث من نوعه في غضون 24 ساعة فقط، حيث حاصرت هذه القوات منزلاً لاعتقال مقاوم، لكنها فشلت في القبض عليه، لتندلع على الأثر اشتباكات مسلّحة عنيفة في عدّة أحياء، بعدما اعتقل جنود العدو والد المطلوب علاء نزال، للضغط عليه من أجل تسليم نفسه. وسبق هذا التطوّر بساعات، اقتحام واسع واندلاع مواجهات في المدينة، أصيب على إثرها 3 شبان برصاص قوات الاحتلال، بينها إصابة حرجة في الرأس.
ويُبدي العدو قلقاً بالغاً إزاء ارتفاع زخم المقاومة في مدينة قلقيلية في الأسابيع الماضية، لأسباب عدّة أهمّها الخشية من ظهور نموذج مقاوم جديد على غرار جنين وطولكرم ونابلس، إضافة إلى الخصوصية التي تتمتّع بها قلقيلية التي تحيط بها شبكة من الشوارع الاستيطانية الرئيسية التي يسلكها يوميّاً آلاف المستوطنين، ما يجعلهم عرضة للاستهداف. ولإحكام السيطرة على قلقيلية، عملت إسرائيل، منذ سنوات، على تحييدها وخنقها بـ13 مستوطنة، و15 بؤرة استيطانية، و6 معسكرات للجيش، و5 حواجز عسكرية ثابتة، و10 مكبّات للنفايات الصلبة والسائلة، بالإضافة إلى جدار الفصل العنصري الذي يطوّقها من كلّ الجوانب، محوّلاً إيّاها إلى سجن كبير.
وفي الخليل، أعدم جيش الاحتلال الشاب محمد عبد المجيد الحلايقة من بلدة الشيوخ، قرب بلدة بيت عينون شمال شرق الخليل، أثناء محاولته تنفيذ عملية طعن، أمس، حيث احتجزت قوات الاحتلال جثمانه، واستدعت والده وشقيقه إلى معسكر «غوش عتصيون» للتعرّف إليه. وتداول نشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي وصية مصوّرة للشهيد يعلن فيها أنه ذاهب ليُستشهد، انتصاراً للمسجد الأقصى ولغزة. كذلك، فجّرت قوات الاحتلال، فجر أمس، في بلدة عوريف قرب نابلس، منزل الشهيد مهند شحادة، منفذ عملية عيلي مع الشهيد خالد صباح في حزيران الماضي، والتي قُتل فيها 4 مستوطنين. واقتحمت القرية أكثر من 20 مركبة عسكرية وداهمت المنزل، بعد محاصرته، ثمّ قامت بتفجيره، وسط مواجهات بين الأهالي وجنود العدو.
وعلى ضوء التصعيد المتدحرج في الضفة، وخشية الأوساط الإسرائيلية العسكرية من اشتعال هذه الساحة، أعلن جيش العدو نيّته إجراء 3 مناورات هناك للمحافظة على جاهزية قواته. كما شنت قوات الاحتلال، ليل الإثنين - الثلاثاء، حملة اعتقالات طالت 31 فلسطينياً على الأقلّ، بينهم طفلان، ورافقتها عمليات تنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات تخريب وتدمير لمنازل المواطنين، ومصادرة للهواتف، وترويع وصل حدّ التهديد بإطلاق بالنار بشكل مباشر. وكان من بين العائلات التي تعرّضت لذلك، عائلة المعتقل عز الدين صبح من الخليل، إذ حاول جنود الاحتلال خنق شقيقته، فيما واصل الجيش نشر فيديوهات تُظهر عمليات تعذيب جماعية بحقّ المعتقلين، واحتجازهم في ظروف تقلّل من شأن كرامتهم الإنسانية، وإجبار بعضهم على التعرّي تحت تهديد السلاح.
وفي ظل الوحشية التي يمارسها الاحتلال بحقّ الأسرى، وبعد تكتّمه على مدى أكثر من 24 ساعة على هوية الأسير الذي استشهد يوم أمس في سجن «مجدو»، أعلنت مؤسّسات الأسرى أن الشهيد هو الأسير عبد الرحمن مرعي (33 عاماً) من بلدة قراوة بني حسان في قضاء سلفيت، وهو معتقل منذ 25/2/2023، ولا يزال موقوفاً، كما أنه لم يكن يعاني قبل اعتقاله من أيّ مشكلات صحية، وهو متزوج وأب لأربعة أبناء أكبرهم يبلغ من العمر 11 عاماً، وأصغرهم 4 سنوات. كما أنّ للشهيد مرعي شقيقاً شهيداً، هو محمد مرعي الذي ارتقى عام 2005.