القاهرة | «الجزيرة» أولاً، فيما «القاهرة الإخبارية» يتابعها فقط مناصرو النظام المصري. هكذا يمكن تلخيص كيفية تعاطي المصريّين مع التغطية الإعلامية للحرب على غزة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) حتى لحظة كتابة هذه السطور، مروراً بكل ما حدث وصولاً إلى مجزرة «المستشفى المعمداني» أول من أمس. وإذا كان تأكيد المتابعة يكمن عبر ملاحظة مصادر الأخبار التي ينقل عنها الناس عبر صفحاتهم الرقمية، إلى جانب التفاعل الكبير مع ما تنشره القناة القطرية أولاً بأوّل، فإن قياساً آخر أكثر مصداقية وحسماً هو ذلك الذي يعتمد على الأرقام التي تقيس حجم المتابعة عبر منصات التواصل الاجتماعي خصوصاً فايسبوك ويوتيوب.

الموقع الأزرق الذي تسيطر خوارزمياته على ما يكتبه الناس على حساباتهم الشخصية، لم ينجح في الحد من الوصول إلى صفحة «الجزيرة – مصر» التي وإن انطلقت لتكون لسان المعارضة المصرية في الخارج بعد 2013، لكنها الآن لسان حال ما يحدث في غزة، إذ يتابعها أكثر من 11 مليون شخص معظمهم مصريّون، يحققون ملايين التفاعلات يومياً، فيما صفحة «الجزيرة فلسطين» لم تتخطَّ بعد حاجز الـ 3.5 ملايين متابع، وهو الرقم نفسه الذي تحقّقه «الجزيرة نت» التي هي أساس منصات «الجزيرة» الرقمية على فايسبوك. إذا وضعنا هذه الأرقام بجوار 1.4 مليون متابع لصفحة «القاهرة الإخبارية» على فايسبوك، لن نكون في حاجة إلى قياس حجم التأثير، مع الوضع في الحسبان أنّ الأخيرة أتمّت عامها الأول مطلع هذا الشهر، لكنّ إدارتها وسياستها التحريرية لا تبشّران حتى الآن بقدرتها على دخول المربع الذهبي الذي يضم إلى جانب «الجزيرة»، كلّاً من «العربية» و«العربية الحدث» و«سكاي نيوز عربية»، والأخيرة هي الأكثر تضرّراً من «طوفان الأقصى» وتوابعه بسبب التغطية المحايدة التي تصف شهداء غزة بالقتلى، ما يذكّر المشاهد دوماً بأنّها تنطلق من أبو ظبي، عاصمة الدولة العربية الأكثر حماساً تجاه التطبيع مع تل أبيب، وهو ما يفسر تراجع تأثير المنصة عبر الموقع الأزرق، رغم أنها تمتلك 24 مليون متابع.
على خط مواز، إذا ذهبنا إلى يوتيوب، فإن هناك معياراً أكثر حسماً لمعرفة حجم متابعة كل قناة، وهو عدد متابعي البث المباشر. بعيداً عن الأحداث الأكثر سخونة مثل مجزرة المستشفى، فإن البث المباشر لقناة «الجزيرة» على يوتيوب لم يقل عن 150 ألف متابع على مدار الأيام العشرة الماضية، وارتفع هذا الرقم إلى الضعف وقت تغطية مجزرة مساء الثلاثاء. ويبقى السؤال: ما هي نسبة الفارق بين «الجزيرة» وصاحبة المركز الثاني في سباق البث المباشر عبر يوتيوب؟ لتكون المفاجأة أن القنوات المنافسة جميعها لا يزيد أكثرها متابعةً عن 15 ألف مشاهد، أي 10 % من المتوسط الذي تحققه «الجزيرة» في الظروف العادية على مدار اليوم. وتتصدر قناتا «العربية» و«العربية الحدث» القائمة بأرقام تراوح بين 11 و15 ألف متابع، مع تقدم قوي لقناة «العربي الجديد» التي تنافس بقوة على المركز الثاني عكس أيام الحرب الأولى، إذ تخطت وقت مجزرة المستشفى حاجز الـ 20 ألفاً، لكن المتوسط المعتاد أقل من ذلك، فيما لا يزيد عدد متابعي «سكاي نيوز عربية» على يوتيوب عن 5 آلاف شخص يتراجعون إلى 3 آلاف عندما تهدأ الأمور، خصوصاً في ساعات الصباح، بينما لا يزيد متابعي قنوات «الغد» و«بي. بي. سي» و«القاهرة الإخبارية» عن 1000، وأحياناً لا يزيد المتابعون عن العشرات.
يتابعها أكثر من 11 مليون شخص معظمهم مصريّون


هذه الأرقام تؤكد أنّ «الجزيرة» تجني ثمار عشرين عاماً من متابعة القضية بتوازنٍ أخفق كثيرون في تحقيقه، خصوصاً «سكاي نيوز عربية». حتى قناة «الغد» المصنّفة فلسطينية، لم تنجح في الصمود أمام إمكانات الشبكة القطرية، سواء التقنية لجهة استخدام صرعات الغرافيك والخرائط والخطوط الأحدث لتقديم الأخبار، أو الإمكانات البشرية، إذ فريق المراسلين هو الأكثر انتشاراً وصولاً إلى النقاط المشتعلة كلها في غزة وخارجها.