ساهم في الانتقال بالإعلام الحربي إلى مستوىً مهني مرموق
بعيداً من العسكر، أسّس البهتيني، رفقة صديقه ورفيق دربه وائل البيطار، «شركة رؤى للإنتاج الفني»، وعبْرها وظّف مواهبه الفنّية في خدمة الأهداف الوطنية. الأهمّ بالنسبة إليه، وفق ما قاله لي ذات يوم، هو «المحافظة على استمرارية التغذية الوطنية للأطفال، إذ ثمّة حرب تستهدف تغريبهم وطنياً وخلقياً ودينياً، ومن واجب من يمتلك الموهبة أن يقف في هذا الثغر». وفي عام 2008، شارك بشخصه في أداء دورٍ فنّي في أوربيت «بيتنا أحلى»، والذي عزّز من خلاله قيمة التمسّك بالأرض، عبر صراع عاشته شخصيات العمل المسرحية في غابة للحيوانات. يمتلك «منشد النور» قدرة هائلة على الإقناع والتأثير، وأيضاً حزماً وهيبة يحافظان على احترامه في أوساط كلّ من عرفه. في ذات لقاء، عندما فتح لي أبواب العمل في «رؤى»، سألني عن سبب تركي العمل الحزبي، فأجبته بالحديث عن الواقع التنظيمي والمشاكل التي لا تنتهي، ليردّ عليّ حينها بوقار متسائلاً إن كان ثمّة أحد يعتقد أن «مجتمع كلّ الرسل والثوار كان مثالياً، أو أن قناعة مريديهم وأتباعهم كانت مطلقة بهم (...)»، ثمّ ختم بقول النبي محمد: «المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».
ما تَقدّم حفِظ للبهتيني مكانة متقدّمة في صفوف الذراع العسكرية لـ«الجهاد»، حيث ساهم في الانتقال بالإعلام الحربي إلى مستوىً مهني مرموق، على صعيدَي الشكل والمضمون. في عام 2012، نجا من محاولة اغتيال خلال عملية «عَمود السحاب» الإسرائيلية، عندما قصفت قوات الاحتلال «برج الشروق». ثمّ ازداد حضوره عقب اغتيال قائد لواء غزة والشمال، بهاء أبو العطا، في تشرين الثاني 2019، إذ تَصدّر الحديث عن «رجل الظلّ الهادئ» كبريات الصحف العبرية. وعلى إثر اغتيال قائد لواء الشمال، تيسير الجعبري، في معركة «وحدة الساحات» في آب 2022، كُلّف البهتيني بقيادة المنطقة الشمالية.
قضى «صانع المشاكل الجديد»، وفق ما وصفه المحلّل العسكري الإسرائيلي يوني بن مناحيم عام 2019، رفقة ابنته هاجر (5 أعوام) في عملية اغتيال غادرة، ليشيّعه مئات الآلاف من أبناء القطاع، وتنعى فصائل المقاومة الرجل «الوحدوي الحكيم»، فيما يَنتظر الميدان ساعات «الحريق والثأر»، التي ستُكتب بلا شكّ على إيقاع «القيادي الشهيد» الذي أمضى 44 عاماً من عمره في نظمه.