مع مرور ساعات على عملية الاغتيال التي نفّذها جيش الاحتلال في حقّ ثلاثة من كبار قادة حركة «الجهاد الإسلامي»، أثار تريّث المقاومة في الردّ حالة خوف كبيرة في أوساط الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في منطقة «غلاف غزة»، ممّا دفع الأول إلى تعزيز إجراءاته واحتياطاته قرب القطاع، واتّخاذ استعداداته لتلقّي ضربات صاروخية موجعة، حتى من دون أن يطلَق أيّ صاروخ من غزة. وبحسب مصادر ميدانية فلسطينية ومصادر صحافية تعمل داخل الأراضي المحتلّة، عمل العدو على إخلاء مستوطنات «الغلاف» التي غادرها الآلاف في اتجاه مناطق الوسط والمركز، كما أَغلق جميع الطرق القريبة من غزة، ومَنع ظهور أيٍّ من المركبات العسكرية، أو تلك التي يستخدمها المستوطنون قرب القطاع. كذلك، أعلن مكتب وزير الأمن، يؤاف غالانت، أن مدير عام الوزارة، اللواء احتياط إيال زمير، وقّع اتّفاقاً قضى بتوسيع الجدار الأمني المُشاد من أجل إخفاء الطرق المعرّضة للخطر قرب «غلاف غزة». وفي منطقة شمال القطاع، أعلن جيش الاحتلال إيقاف حركة القطارات بين نتيفوت وعسقلان «حتى إشعار آخر»، خشية استهدافها من قِبَل المقاومة بصواريخ مضادّة للدروع.ووفق قناة «كان» العبرية، فإن غالانت سمح بتنفيذ خطّة «مشاف رواح» التي صيغت في سلطة الطوارئ القومية في وزارة الأمن، بالتعاون مع السلطات المحلية في «غلاف غزة»، بناءً على العبر المستخلصة من الحروب السابقة. واستناداً إلى هذه الخطّة، جرى إخلاء المستوطنين الراغبين في مغادرة مستوطنات «الغلاف»، إلى مناطق في وسط وشمال فلسطين المحتلّة. كذلك، تتحضّر مستوطنة «سديروت» لإخلاء غير مسبوق اليوم، حيث سيُنقل 4500 مستوطن من بيوتهم إلى فندق «شالوم» في القدس، وفندق «إل هيام» في نتانيا، وإلى مآوٍ عديدة في مستوطنات «رمات راحيل»، «سدوت يام»، و«معغان ميخال»، وإلى إيلات، وغرف ضيافة في الشمال. وتزامناً مع اشتداد حالة الرعب في نفوس المستوطنين، فتحت الجبهة الداخلية في دولة الاحتلال على بعد 100 كيلومتر من قطاع غزة، الملاجئ أمام هؤلاء، فيما قالت «جمعية الدعم النفسي الإسرائيلي» إنها تلقّت اتصالات هاتفية بزيادة بنسبة 290% عن المألوف.
سمح غالانت بتنفيذ خطّة إخلاء المستوطنين الراغبين في مغادرة مستوطنات «الغلاف»

أيضاً، أعلنت بلدية أسدود فتح الملاجئ العامة والخاصة، ومنعت تجمّع 10 أشخاص في مناطق مفتوحة، و100 شخص في مناطق محميّة، وأغلقت شاطئ البحر حتى إشعار آخر، وألغت الدراسة والفعاليات بالكامل. وأقرّت سلطات مطار «بن غوريون»، من جهتها، تغيير مدارج الإقلاع والهبوط في المطار، خشية استهدافه. ونُقل عن حنان، وهو مستوطن في «غلاف غزة» أخلي مع عائلته قوله: «لقد اعتدنا على هذا الوضع، ونحن نعرف ما الذي ينبغي علينا فعله»، وأضاف أن «الأمر ليس جيداً بالنسبة للغالبية. فالإخلاء يدعو الجميع إلى الارتباك، ولكن لا مناص من ذلك. منذ مدّة طويلة ونحن نشعر أن الجهاد الإسلامي يلهو بنا». أمّا إيلي أزولاي، وهو صاحب بسطة بطيخ في «سديروت»، فقال: «نحن باقون هنا، لن نتحرّك. ولكننا سنحمي أنفسنا. ولكن إذا ما تدهور الوضع، فعلى الأرجح سأغادر من هنا. في صباح اليوم لم يكن لدي زبائن. آمل في خروج الناس من بيوتهم وأن يذهبوا للتسوق، أنا متفائل... سينتهي هذا قريباً». من جهته، قال دفير ساسي، وهو مستوطن في «سديروت»، في مقابلة مع «إذاعة واي نت»، إنه راضٍ عن العدوان على غزة، قائلاً: «أخيراً بادر الجيش للردّ وأعاد لنا الفخر القومي، وأخيراً تبيّن أنهم يعبأون للسكان في الجنوب».
في هذا الوقت، أفادت مصادر ميدانية بأن الجيش أخلى أغلب مواقعه العسكرية القريبة من الشريط الحدودي مع غزة، بما في ذلك قاعدة «زيكيم» التي تّم إجلاء المجنّدين والمجنّدات منها، فيما عمد إلى تنفيذ خطّة انتشار لقواته في مناطق لا تكشفها المقاومة الفلسطينية من داخل القطاع، وأخرى قريبة من المستوطنات المحاذية لغزة، خشية تنفيذ المقاومة عمليّات إنزال خلف الخطوط قربها. وخوفاً من استهداف المقاومة لأهداف في المنطقة الحدودية، أقدم جيش الاحتلال على اغتيال مواطنَين شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بعد استهداف السيارة التي كانا يستقلّانها، زاعماً أنه استهدف خلية كانت تنوي إطلاق صواريخ مضادة للدروع في المنطقة الحدودية، فيما نفت المصادر الفلسطينية صحة ادّعائه، مؤكدةً أن الشهيدَين مزارعان من عائلة واحدة.