غزة | لم تترك المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة جريمة الاعتداء على المرابطين في المسجد الأقصى، تمرّ من دون ردّ بوابل من الصواريخ على مستوطنات الاحتلال. وبينما تكثّفت اتّصالات الوسطاء لمنع تدهور الأمور إلى مواجهة عسكرية شاملة، واصلت المقاومة إطلاق تهديداتها بتفجير الساحات كافّة في حال استمرار العدوان على المسجد والمعتكفين فيه. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر فلسطينية، فإن قيادة جهاز المخابرات المصرية تواصلت مع قيادتَي حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» فجر أمس، في محاولة لاحتواء الموقف، ومنع وقوع ردّ فلسطيني موسّع على جريمة الأقصى. وأبلغت الحركتان، الوسطاء، أنهما تراقبان ما يَجري في القدس، وخاصة محاولات تنفيذ الطقوس التلمودية في الحرم القدسي، محذّرتَين من أن تكرار مشاهد قمع المعتكفين، والمضيّ في محاولات إنفاذ تقسيم زماني ومكاني للمسجد، «أمر لن يُسمَح به». وفي المقابل، حثّ الوسطاء الفصائل على الاكتفاء بالقصف الصاروخي تجاه مستوطنات «غلاف غزة»، كي لا تَدخل المنطقة في مواجهة عسكرية جديدة على غرار معركة «سيف القدس»، لتردّ المقاومة بأنها «لا تخشى المواجهة ومستعدّة لتلقين الاحتلال درساً قاسياً». وفي الاتجاه نفسه، أكّدت «الجهاد» أنها جاهزة لردّ كبير في إطار «وحدة الساحات»، منبّهةً إلى أن الصواريخ التي انطلقت من القطاع إنّما هي «تعبير عن الغضب ممّا يجري، ورسالة تحذير أوّلية إلى الاحتلال من مغبّة التمادي في العدوان على المعتكفين».وكانت قصفت فصائل المقاومة عدداً من مستوطنات «غلاف غزة» برشقات صاروخية (21 صاروخاً)، أدّت إلى وقوع أضرار في عدد من الأماكن، من بينها مصنع إسرائيلي في مستوطنة «سديروت»، التي أعلنت «ألوية الناصر صلاح الدين»، الذراع العسكرية لـ«لجان المقاومة الشعبية»، مسؤوليتها عن استهدافها بستّة صواريخ. وفي المقابل، قصف الاحتلال عدداً من المواقع العسكرية التابعة للفصائل، ونقاط المراقبة الحدودية في عدد من مناطق القطاع، من دون أن يؤدّي ذلك إلى وقوع إصابات، فيما وصفته حركة «حماس» بأنه «محاولة فاشلة لمنع غزة من الاستمرار في مساندتها بكلّ الوسائل لأهلنا في القدس والضفة الغربية». وسبق هذا توجّهُ عدد من الشبّان الفلسطينيين إلى المنطقة الحدودية شرق غزة، حيث نفّذوا فعاليات الإرباك الليلي، وأشعلوا الإطارات المطاطية قرب الحدود، وسط إطلاق نار من قِبَل قوات الاحتلال، لم يؤدّ إلى وقوع إصابات. وقال حازم قاسم، الناطق باسم حركة «حماس»، في تصريح صحافي تعليقاً على تلك التطوّرات، إن «شعبنا ومقاومته الباسلة في قطاع غزة وكلّ فلسطين، سيبقون سيفاً للقدس ودرعاً لها، ولن يرهبنا القصف، بل يزيدنا تمسّكاً بممارسة حقّنا في نصرة المسجد الأقصى المبارك».
علمت «الأخبار» أن الفصائل توافقت على طريقة الردّ على الاحتلال


بالتوازي مع ذلك، عقدت الفصائل الفلسطينية، أمس، اجتماعاً لها في قطاع غزة، خلصت في ختامه إلى أن «ما جرى فجر أمس في المسجد الأقصى من اعتداءات واقتحامات وتهجُّم على المرابطين، عدوان صهيوني خطير يستوجب هَبّة شعبية وفصائليّة شاملة لإشعال الأرض ناراً ولهيباً». وأكدت أن «الاحتلال لن يفلح في تغيير الواقع التاريخي وطمس الهوية الإسلامية في القدس والمسجد الأقصى، ولن يحوز شرعية دينية فيه»، محذّرةً من أنه «إن ظنّ الاحتلال أن اقتحام الصهاينة لساحات الأقصى والاعتداء على المرابطين فيه قد يمرّ مرور الكرام فهو واهم، والعقاب الفلسطيني قادم لا محالة». كما دعت «أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والضفة والداخل إلى تكثيف الرباط في المسجد للتصدّي للسياسات العنصرية والإجرامية للعدو». وعلمت «الأخبار» أن الفصائل توافقت على طريقة الردّ على الاحتلال، وسط تأكيدها أنها لن تتردّد في الدخول في مواجهة شاملة إذا ما استمرّت الانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى، وأنها لن تسمح للمستوطِنين بتمرير مخطّطاتهم المتطرّفة، وعلى رأسها ذبح القرابين في الحرم القدسي.
بدوره، وصف رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، «ما يَجري في المسجد الأقصى بأنه جريمة غير مسبوقة لها ما بَعدها، وعلى الجميع أن يتحمّل المسؤولية فلسطينياً وعربياً وإسلامياً، وأدعو جماهير شعبنا في الضفة والـ48 إلى التوجّه إلى المسجد وحمايته»، بينما عدّ نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، صالح العاروري، «العدوان على الأقصى جريمة كبرى سيردّ عليها شعبنا ومقاومته بكلّ قوة». ونبّه الأمين العام لحركة «الجهاد»، زياد النخالة، من جهته، إلى أن «ما يَجري في المسجد يشكّل تهديداً جدّياً لمقدّساتنا، وعلى الشعب الفلسطيني أن يكون حاضراً بكلّ مكوّناته للمواجهة الحتمية في الأيام القادمة»، فيما حمّل عضو المكتب السياسي للحركة، محمد الهندي، «العدو كامل المسؤولية عن جريمة استباحة الأقصى»، معتبراً أن «هذا العدوان يُظهر الوجه الحقيقي لعصابة القتَلة الفاشيين الذين ينحني أمامهم ويتآمر معهم النظام العربي الرسمي، وهم يواصلون اعتداءاتهم على مقدّسات وتاريخ الأمّة». كذلك، دانت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» و«لجان المقاومة الشعبية» وحركة «فتح» و«الجبهة الديموقراطية»، الجريمة، محذّرة من أنها «ستؤدّي إلى تفجّر الأوضاع، وستدفع الفلسطينيين إلى الردّ بكلّ الوسائل لوقف هذه الخطوة».