غزة | لم تتأخّر المقاومة في قطاع غزة في الردّ على جريمة الاحتلال في مدينة نابلس. إذ لم تكد تمرّ ساعات على المذبحة، حتى انطلقت من القطاع رشقة صاروخية تجاه مستوطنات «الغلاف»، على رغم كثافة الاتّصالات التي قادها الوسيط المصري لمنع وقوع ردّ يعزّز احتمالات مواجهة أوسع. وبحسب ما علمتْه «الأخبار» من مصادر في المقاومة، فإن القاهرة حاولت حثّ حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على الحفاظ على الهدوء، بدعوى وجود تهديدات إسرائيلية بتنفيذ «ردّ قوي». وأضافت المصادر أن المصريين سعوا إلى إقناع الفصائل بالاكتفاء بالفعاليات الشعبية في الضفة الغربية، وهو ما رفضتْه المقاومة، التي لم تَقبل التعهّد بعدم الردّ من غزة، وأكدت أنها «لن تسمح بَعد اليوم بجرائم ومجازر كتلك التي جرت في جنين ونابلس أخيراً»، وأن «ردّها سيكون كبيراً في المرّات المقبلة حتى لو أدّى إلى الدخول في معركة جديدة». كذلك، دعت الفصائل، وفق المعلومات، إلى «لجْم حكومة الاحتلال، ودفْعها إلى التوقّف عن جرائمها وتجاوُزها للخطوط الحمراء في الضفة والقدس والداخل»، محذّرة من أنها «ستقف بالمرصاد لكلّ محاولات التخلّص من المقاومة في الضفة بدعم أميركي»، جازمة أن «المخطّط الأميركي - الإسرائيلي لإنهاء الاشتباك في نابلس وجنين، بالتعاون مع السلطة، لن يمرّ مهما كلّف الثمن». وفي الاتّجاه نفسه، عَقد مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، تور وينيسلاند، الذي وصل غزة صباح أمس، مباحثات مع قيادة حركة «حماس» في محاولة لإعادة إرساء الهدوء، إلّا أنه لم يسمع أجوبة مغايرة لتلك التي سمعها المصريون.في هذا الوقت، لم تتوقّف المشاورات الداخلية بين «حماس» و«الجهاد» حول كيفية التعامل مع جرائم الاحتلال في الضفة، وسط تفاهم على عدم السماح للعدو بالتفرّد بالمقاومة هناك، واستمرار غزة في لعِب «دور الدرع والحامي» للأخيرة أمام أيّ مخطّطات لاجتثاثها. وكانت المقاومة قصفت، صباح أمس، مستوطَنات غلاف غزة بثمانية صواريخ، وسط تحليق مكثّف لطائرات الاحتلال، وتفعيل لصفارات الإنذار في «عسقلان» و«سديروت». وبعد ساعات من ذلك القصف، شنّت طائرات حربية إسرائيلية عدّة غارات عنيفة ضدّ أهداف ومواقع للمقاومة في جوار مخيم الشاطئ، وفي مخيم البريج وسط غزة. وفيما لم يتبنّ أيّ من الفصائل إطلاق الصواريخ، أكد الناطق باسم حركة «حماس»، حازم قاسم، أن «المقاومة في غزة ثبّتت معادلة القصف بالقصف، وأن الردّ على عدوان الاحتلال سيظلّ حاضراً»، مضيفاً أن «صبرنا آخذ بالنفاد».
بالتوازي مع ذلك، عادت الفعاليات الشعبية على طول حدود قطاع غزة، غضباً للشهداء الذين سقطوا في مجزرة نابلس. إذ أشعل شبّان، عصر أمس، إطارات السيّارات عند السياج الأمني شرقي القطاع، ابتداءً من محيط موقع كرم أبو سالم وصولاً حتى معبر بيت «حانون - إيرز»، وسط استنفار قوّات الاحتلال التي نشرت عدداً كبيراً من «الجيبات» والآليات، وتمركزت خلْف التلال الرملية المُقامة في محيط الثكنات والأبراج العسكرية.