رغم حرص المستوى السياسي والإعلامي في إسرائيل على إظهار الانضباط في ذروة العدوان على قطاع غزة، فإن جزءاً من مرحلة ما بعد انتهاء المعركة بدأ يتجلى في مواقف المعلقين الإسرائيليين؛ فقد بدأوا يتحدثون عن مؤشرات على خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية، وضرورة تشكيل لجان تحقيق في الإخفاقات التي برزت، وتحديداً في ما يتعلق بالأنفاق.
كذلك بدا التذمر من المراوحة الميدانية التي تحولت إلى عبء على الجيش، وذلك على خلفية محدودية نتائجها العسكرية، ومن جهة أخرى تحوله إلى أهداف للمقاومين الفلسطينيين.
في السياق، رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أنه برزت في الأيام الأخيرة خلافات بين المستويين السياسي والعسكري، وتمحورت هذه الخلافات حول عجز الجيش عن تحقيق هدف العدوان الذي حدده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وهو تدمير الأنفاق في قطاع غزة. وأضاف هرئيل أن «إطالة العملية العسكرية وتراكم الخسائر يجلبان معهما مؤشرات على احتكاك أولي بين المستويين السياسي والعسكري»، لافتاً إلى أن نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون عبّرا عن استيائهما من مواقف ضابطين رفيعين، «إذ أكد أحدهما أن نتنياهو تلقى تقريراً من الجيش والاستخبارات العسكرية عن الأنفاق منذ شهر حزيران من العام الماضي، فيما رأى الآخر أن على الحكومة الإسرائيلية أن تقرر توسيع العدوان على غزة أو الانسحاب». وعلى خلفية هذه المواقف الخلافية، ذكر هرئيل أن الصراع بين الحكومة والجيش يتصاعد أيضاً على الميزانية الأمنية.
الأهم في ما أورده هذا المعلق إشارته إلى إخفاقات الجيش في عدوانه ودعوته إلى إعادة تنظيم الجيش كله، وحديثه عن انعدام جاهزية سلاح البر وتأهيل القوات، وتعديل العقيدة القتالية والخطط العسكرية. كذلك رأى أن الإخفاقات التي شهدتها المواجهة في غزة توجب إجراء تحقيق شامل بعد انتهاء الحرب.
على خط مواز، وصف المراسل في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشوع، أن من يصغي إلى كبار الضباط في الجيش في اليومين الأخيرين «سيحصل على انطباع كأن الضباط يتحدثون إلى مايكروفونات لجنة التحقيق التي ستقام بعد الحرب للبحث في قضية الأنفاق والإنجازات المحدودة للجيش». أما المعلق العسكري في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، فقد أكد أن المرء لا يحتاج إلى أن يكون «استراتيجياً عسكرياً كبيراً من أجل أن يفهم أن هذه الأيام تبدو كمراوحة الأيام الأخيرة للمعركة، وأن من الممكن أن تكون أكثر خطورة». لكنه رأى أن الأهداف المحددة تقل بسرعة، «فيما التهديدات لا تتقلص، بل يمكن أن تجر إسرائيل إلى العمل على عكس رغبتها لجهة توسيع العملية بدلاً من إنهائها».
وتوقف ليمور عند الأهمية التي انطوى عليها التسجيل الذي تضمن كلمة القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، محمد ضيف، وصور العملية التي بثتها حركة «حماس» وقتل خلالها خمسة جنود إسرائيليين قرب «ناحال عوز». ووصف هذا المشهد الإعلامي، كما لو أنه «إصبع في عين إسرائيل»، معتبراً أن المعركة الدائرة الآن باتت على الصورة.
أيضاً، رأت «هآرتس» أن نتنياهو ويعلون حدّدا مسألة الأنفاق على أنها هدف رئيسي للحرب «من دون تاريخ محدد وواضح لإتمام المهمة». وحذرت من المزيد من المفاجآت «كما ان تهديد الأنفاق يمنح الحرب شرعيتها، خاصة أن المجتمع الدولي يبدو أنه يتفهم الطلب الإسرائيلي بإزالتها، وأنه على استعداد لتقديم الوقت المطلوب لتنفيذ ذلك». تأسيساً على هذا، دعت الصحيفة نتنياهو إلى تجاهل الضغوط التي يمارسها اليمين والذهاب حتى النهاية في غزة، مشددة على ضرورة أن يفصل نتنياهو بين الأهداف العسكرية العينية والطموح إلى تصفية الحساب مع «حماس»، وفي النتيجة «معاقبة مليون و800 ألف فلسطيني».
(الأخبار)