دمشق | دشّنت حركة «حماس» مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق، بعد فترة قطيعة استمرّت أكثر من 10 سنوات على خلفيّة موقف الحركة من الأحداث في سوريا. وجاء هذا التحوّل بعد تغييرات عديدة في هيكلية «حماس»، شهدت صعود عدد من الوجوه الجديدة. كما أتى إثر مداولات ووساطات عديدة لعب فيها «حزب الله» وأمينه العام دوراً بارزاً، وتأكّدت ثمارها قبل نحو شهر، عندما أعلنت الحركة، في بيان، رغبتها في إعادة العلاقات مع دمشق. وقوبل ذلك البيان، حينها، بردود فعل متفاوتة في الأوساط السورية، بين مرحّب بعودة هذه العلاقات، ورافض لها على خلفيّة الدور الذي لعبه بعض قادة «حماس» وأعضائها في الأزمة التي عصفت بالبلاد، قبل أن تحسم دمشق الجدل بترحيبها بـ«حماس»، كحركة مندمجة ضمن قوى «محور المقاومة»، بعيداً من امتداداتها الإقليمية «الإخوانية».وركّزت رئاسة الجمهورية السورية، في بيانها أمس، على نتائج الحوار الفلسطيني - الفلسطيني في الجزائر، ونتائجه التي اعتبرها الرئيس بشار الأسد «مُهمّة لوحدة الفلسطينيين، التي تشكّل المنطلق في العمل لخدمة القضية الفلسطينية وأساس قوّته في مواجهة الاحتلال واستعادة الحقوق»، مجدّداً في الوقت ذاته التزام دمشق بموقفها ودورها حيال القضية الفلسطينية على الرغم من الحرب التي تتعرّض لها البلاد، مشدداً على أن «سوريا التي يعرفها الجميع قبل الحرب وبعدها لن تتغيّر وستبقى داعماً للمقاومة».
من جهتها، أكدت «حماس»، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء، «(أننا) اتفقنا مع الرئيس الأسد على طيّ صفحة الماضي»، لينفتح بذلك الباب أمام عودة تمثيل الحركة في دمشق وعودة جزء من نشاطها. لكن هذا الأمر يحتاج، وفق مصادر سوريّة مطّلعة، إلى مزيد من الوقت، في ظلّ التعقيدات التي كانت تشوب علاقات الطرفَين، وهو ما يبدو أن كليهما حرصا على محاولة تجاوزه عبر التشديد على استبعاد بعض الأطراف من مسار تطبيع هذه العلاقات، وحصْرها بما أُطلق عليه «الجناح المقاوم»، على رغم تأكيد رئيس وفد «حماس»، خليل الحية، «وحدة موقف الحركة، واتّخاذ قيادتها مجتمعةً قرار العودة إلى سوريا». وأصدر الوفد الفلسطيني المشترك، والذي ضمّ ممثلين عن مختلف الفصائل، بدوره، بياناً مقتضباً تضمّن إشادة بالموقف السوري، وباللقاء الذي وُصف أكثر من مرّة بأنه كان «دافئاً». وذكر البيان أن الأسد شدّد على أن «وحدة الصف الفلسطيني هي الضمانة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني»، وأكد «دعم سوريا للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، وأن المقاومة هي السبيل الأوحد لتحرير الأرض».
وبعيداً من مضمون اللقاء مع ممثّلي الفصائل، وهو لقاء دوري حرص الأسد على استمراره طيلة سنوات الحرب لِما لسوريا من دور فاعل حيال القضية الفلسطينية، سواءً في الميدان الفلسطيني الداخلي، أو على الساحة السياسية حيث تستضيف دمشق نشاطات الفصائل وتدعمها بشكل علني وواضح، حمل هذا الاجتماع الذي شاركت فيه «حماس»، إشارة جليّة إلى قبول سوريا عودة الحركة ونشاطها إلى أراضيها، وانفتاحها عليها مرّة أخرى. وهو قبول يُستثنى منه بعض القادة «الحمساويين»، والذين حرص الحية، بوصْفه ممثّلاً للقيادة الحالية للحركة، مراراً، على التبرّؤ من «تحرّكاتهم الفردية»، فضلاً عن إظهاره الاحتفاء بالعودة إلى دمشق، التي مثّلت لـ«حماس» وغيرها من الفصائل، قبل اندلاع الحرب السورية، ساحة مثالية مدعومة على أعلى المستويات، لعملها.