لا تزال صحّة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عاملاً أساسياً في تحريك الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية نحو ترتيب مشهد ما بعد وفاته. تحرّكاتٌ لم تبدأ مع الضجّة الأخيرة حول صحّة عباس الشهر الماضي، بل هي موجودة منذ زمن، وقد تعزّزت خلال انتكاسته الأشدّ عام 2018، حيث مكث في المستشفى عدّة أيام. وعلى الرغم من محافظة السلطة وعائلة عباس على سرّية ملفّه الطبّي، إلّا أن مصادر «فتحاوية» كشفت لـ«الأخبار» جزءاً من سجلّه خلال الفترتَين الماضية والحالية، بعد بلوغه 87 عاماً، وقضائه 17 عاماً في قيادة السلطة خلَفاً للرئيس الراحل ياسر عرفات. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «الأخبار»، فإن «أبو مازن» يعاني عدداً من الأمراض المزمنة، وأبرزها مرض الضغط الذي يُرافقه منذ قرابة 20 عاماً، ويتلقّى بسببه العديد من الأدوية والمتابعة الطبّية اليومية من قِبَل طاقم متخصّص موجود على مدار الساعة في مقرّ المقاطعة في رام الله.وخلال السنوات العشر الماضية، تنقّل عباس بين عدد من المراكز الطبّية لتلقّي العلاج داخل الضفة وبخاصة في المستشفى الاستشاري في رام الله، وفي الأردن داخل مستشفى ملكي خاص، فيما يُجري كلّ عدّة أعوام فحوصات دورية في أحد المراكز المتخصّصة في ألمانيا. كذلك، يُجري «أبو مازن»، مرّة أو أكثر في العام، اختباراً ذرّياً لمتابعة إصابته السابقة بسرطان البروستاتا، والذي تَعالج منه قبل أكثر من 14 عاماً، في حين يواصل تلقّي علاج وقائي لمنع عودته مرّة أخرى. وبحسب المصدر المقرّب من دوائر عباس، فإن الأخير أجرى، خلال السنوات الماضية، عمليتَي قسطرة في القلب والشرايين، إحداها عام 2016، حيث مكث يومين داخل المستشفى. أمّا عام 2018، فقد كان حافلاً بالزيارات والمتابعات الطبّية؛ إذ أجرى الرئيس في شباط من العام المذكور فحوصات تتعلّق بالسرطان في مستشفى «جون هوبكينز» في بالتيمور في الولايات المتحدة، تَبيّن على إثرها أن وضعه جيّد على هذا المستوى. كما أُجري له فحص لسرطان الدم عبر خزعة أُخذت من ظهره، ليتبيّن أيضاً خلوّه من «اللوكيميا». وفي منتصف أيار من العام نفسه، خضع عباس لعملية جراحية في الأذن الوسطى داخل المستشفى الاستشاري، بإشراف فريق طبّي فلسطيني وأردني، ليعود إلى المستشفى بعدها بأسبوع لإجراء مراجعة طبيعية. وبعد أيام من زيارته الأخيرة تلك، عاد عباس مرّة أخرى إثر إصابته بالتهاب حادّ في إحدى رئتَيه، وقد أُدخل وقتها قسم العناية الفائقة، وأشرف على علاجه فريق طبّي فلسطيني وأردني وإسرائيلي، ليمكث في المستشفى أكثر من أسبوع عقب تلقّيه أدوية ومضادّات قوية للسيطرة على الالتهاب الذي كان يهدّد حياته.
ومع بداية عام 2019، تَشكّلت لجنة أمنية ورقابية بتكليف من مكتب عباس، لمنع تسرُّب أيّ معلومات حول صحّته داخل دوائر السلطة أو عبر وسائل الإعلام، في ضوء كثرة زياراته للمراكز الطبية داخل الضفة وفي الأردن، بخاصة بعد استعانته بفريق طبّي إسرائيلي لمتابعة حالته. وبحسب المصدر نفسه، فإن الالتهاب الذي عانى منه عباس في عام 2018 ما زالت آثاره ملازمة له حتى الوقت الحالي، ويتلقّى بسببه بشكل دوري أدوية من نوع «كرتيزون» وغيرها، وهو الأمر الذي انعكس على وزنه ووجه بشكل واضح خلال العامَين الأخيرَين. كذلك، خضع «أبو مازن»، عام 2019، لفحوص طبّية في مستشفى «برلين تشارتيه» الألماني الذي يُعدّ من أكبر المستشفيات الجامعية في أوروبا، وصُنّف كسادس أفضل مستشفى في العالم، والأفضل في قارّة أوروبا. وكانت آخر زيارة له إلى ألمانيا في أواخر آذار من العام الحالي، حيث أجرى فحوصاً طبّية شاملة في المستشفى نفسه، شملت اختبارات مركّزة حول السرطان والرئة والأذن، وفق المصدر عينه.