34 عاماً مرّت على تأسيس حركة «حماس» في الـ14 من كانون الأوّل 1978. ثلاثةُ عقود مرّت خلالها الحركة بالكثير من التجارب والاختبارات، وعاشت العديد من التقلّبات، فيما ظلّ الثابت في كلّ مفصل من مفاصل تلك السنوات رفْضُ الاحتلال ومواجهتُه في الساحات كافّة. صحيح أن «الحمساويين» تنزّلوا، في وثيقتهم السياسية الجديدة الصادرة عام 2017، عن بعضٍ من ثوابتهم، لاسيما لناحية قبولهم دولةً على حدود الرابع من حزيران 1967، إلّا أن محاولات وضْعهم على السكّة التي وُضعت عليها حركة «فتح»، وأوصلتها إلى التخلّي عن البندقية وانتظار «الفُتات» من دولة الاحتلال، لا تزال تبوء بالفشل. تدرك الحركة، اليوم، أن ما أرادته من وراء تلك الوثيقة من «جواز عبور» إلى ضفّة القبول الدولي بها، لم يَتحقّق لها بأيّ حال من الأحوال، وما إدراجها قبل فترة وجيزة على قوائم «الإرهاب» البريطانية إلّا أسطع دليل على ذلك. وبنفْس مستوى المعرفة هذا، تَعلم «حماس»، أو أقلّه مَن يَهمّ أن يعلم فيها، أن الالتصاق بـ«محور المقاومة» هو السبيل الأنجع للدفْع بمعركة اجتثاث الاحتلال وتحرير فلسطين قُدُماً، ولذا تمضي عملية إصلاح العلاقات بين الطرفين وتطويرها، على قدَمٍ وساقٍ، وصولاً إلى الإعداد الجماعي لحربٍ متعدّدةِ الجبهات، لن تكون «سيف القدس» إلّا نموذجاً واحداً وغير مكتمل منها. وفيما تبدو الحركة، في المرحلة الراهنة، أمام فصلٍ جديدٍ، أكثر قساوة، من فصول السعي لتدجينها من بوّابة «لقمة العيْش»، فهي تُظهر، إلى الآن، إصراراً مدهشاً على عدم تضييع مكاسب المعركة الأخيرة، ورفْض العودة إلى ما قَبْلها، وانتزاع حقوق الغزّيين من دون قيْد أو شرط. خطوطٌ حُمر لا يجد الفصيل الرئيس في قوى المقاومة في غزة، مناصاً من الثبات عندها، ولو استدعى الأمر الانجرار، مجدّداً، إلى تصعيد عسكري، تنبئ المؤشّرات بتوافُر كلّ العوامل اللازمة لتفجيره، وهو ما تَعدّ له جيّداً «كتائب القسام»، التي لا يُغفَل أخيراً دورها المستمرّ في الدفْع نحو هجْر الفكر «الإخواني» الذي ولدت «حماس» من رحِمه، وتعميق الوعي الثوري لدى أبناء الحركة.